تحركات العملات تسلط الأضواء على فرص للاستثمار

 عادة ما يتم النظر إلى بيانات مبيعات التجزئة و الناتج المحلي الإجمالي عند التداول، ولكن من المهم للغاية أن نبحث عن طرق جديدة لتنبؤ بأرباح الشركات ومعدلات النمو. وبالنسبة لمستثمري الأسهم، من الممكن النظر إلى تحركات أسواق العملات على أنها الفرق بين ربع سنة مربح وآخر لا. أما بالنسبة لمستثمري العملات، فمن الممكن النظر إلى تحركات أسواق الأسهم لاستنباط المعنويات العامة بالأسواق سواء شهية أو تجنب المخاطرة. ومن هنا يمكن معرفة العلاقة الوثيقة بين السوقين ومن ثم الحصول على ميزة إضافية في توقع حركة الأسواق.

تأثير تحركات العملات على أسواق الأسهم

تتنوع الطرق حول إمكانية تأثير العملات على أسواق الأسهم. ويمكن التعرف عليها من خلال الأتي:

الأداء النسبي بين المنافسين داخل نفس الصناعة

من الممكن النظر إلى تحركات العملات على إنها تعني قصور الأداء أو التفوق في الأداء بين المنافسين في نفس الصناعة. فعند النظر مثلا إلى شركة بوينغ الأمريكية لصناعة الطائرات و شركة ايرباص الفرنسية، نستطيع أن ندرك الفرق الكبير بين أرباح الشركتين ما بين عامي 2006-2007 عندما ارتفع اليورو مقابل الدولار بما يزيد عن 20%. حيث شهدت شركة بوينغ الأمريكية ارتفاع كبير في الطلبات على نوع معين من أنواع الطائرات، في حين عانت الشركة الفرنسية من ارتفاع اليورو، وذلك بسبب تفضيل الشركات الأجنبية الشراء من الشركة الأمريكية وليس الفرنسية لانخفاض النفقات. وفي الربع الثالث من عام 2007، أعلنت ايرباص بأنها ستسرح عمالة يصل عددها إلى 10,000، والتوسع في انتاج هذا النوع من الطائرات لاستعادة الأموال التي خسرتها والمقدرة بـ 810 مليون دولار.

الموردين مقابل المصدرين

من الممكن أن يشير أيضا ضعف العملة أو قوتها إلى الفرق في الأداء بين القطاعات. فعلى سبيل المثال، عندما ينخفض الدولار، ينخفض أداء شركة مثل وول مارت ، التي تدير سلسلة ضخمة من المتاجر الاستهلاكية، والتي تستورد الكثير من المنتجات، مقارنة بأداء شركة بوينغ والتي تبيع الكثير من منتجاتها بالخارج. وبالنظرإلى الرسم البياني التالي، يشير الخط البرتقالي إلى مؤشر الدولار، في حين يشير الخط الأزرق إلى سعر وول مارت مقسوم على سعر بوينغ. ويمكن ملاحظة أن أداء وول مارت يفوق أداء بوينغ عندما ينخفض مؤشر الدولار، والعكس عندما عندما يرتفع مؤشر الدولار. ويرجع السبب وراء ذلك، إلى أن الدولار القوي يجعل شركة مثل وول مارت والتي لديها قوة شرائية كبيرة تشتري السلع الأجنبية بتكاليف أقل.

""

الشركات متعددة الجنسيات والأرباح

بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات، ينطوي العمل دوليا على مزايا وعيوب. فإذا ضعفت العملة المحلية، فسيؤدي التغير في سعر الصرف إلى زيادة الأرباح الخارجية المحولة إلى البلاد، في حين إذا ارتفعت قيمة العملة، فسيؤدي تذبذب العملة إلى تخفيض الأرباح. ففي عام 2007، تكبدت شركة    Aegis PLC  خسائر بالنصف الأول بواقع 18%، بسبب التحركات السلبية لسوق العملات، حيث هبط الدولار مقابل الإسترليني بنحو 10% خلال الشهور الستة الأولى من العام، وبالتالي تعاني الممكلة المتحدة من ارتفاع عملتها حيث تتأثر العقود الكبيرة التي يجريها المصنعين عندما يتم تحويل الأرباح.

الدمج والاستحواذ

من الممكن أن تؤدي التذبذبات الحادة بالعملات إلى زيادة عمليات الدمج والاستحواذ. فعندما ارتفع الدولار الكندي إلى أعلى مستوى منذ 31 عام عند 2007، انخرطت المؤسسات الكندية في عمليات شراء للبنوك الخاصة. وبالأخذ في الاعتبار ارتفاع العملة بنحو 62% بين عامي 2002 و 2007. قد أدى هذا الارتفاع إلى زيادة حصة بنك " تورونتو دومينيون " ثالث أكبر بنك في كندا إلى أكثر من 52 مليون دولار، مما سمح لها بشراء بنك Commerce Bancorp الأمريكي بـ 8.5 مليار دولار، ليصير اسم البنك TD . وإذا كان البنك قد قام بعقد تلك الصفقة قبل ذلك بستة أشهر عندما كان سعر صرف زوج (الدولار/ دولار كندي) عند 1.16، فسيتكلف هذا الأمر 1.3 مليون دولار.

الداو وتدفقات الـ carry trade  

إن العلاقة القوية التي يمكن مشاهدتها بين الأسهم والعملات، هى العلاقة بين عمليات carry trade  والداو. ففي عام 2007، تم تصنيف العديد من أزواج العملات كـ carry trade  مثل الدولار النيوزيلندي والدولار الأسترالي مقابل الين. ومع وصول سعر الفائدة إلى 50 نقطة أساس في عام 2007، أصبح الين عملة تمويل رخيصة، ليس فقط لتمويل الاستثمارات في العملات ذات العائد المرتفع ولكن أيضا لتمويل الاستثمار في الأسهم. وعندما يرتفع الداو، تنامت رغبة التجار والمستثمرين في المخاطرة. وبالتالي يعد مؤشر الداو و الـ carry trade مقاييس لمعنويات المخاطرة. فنلاحظ مع ارتفاع مؤشر الداو، ترتفع تدفقات carry trade  كإشارة إلى نمو شهية المخاطرة. ولكن مع هبوط مؤشر الداو يحدث  العكس كإشارة إلى ارتفاع تدفقات العزوف عن المخاطرة.

ويوضح الرسم التالي العلاقة الوطيدة بين الداو ( في صورة شموع ) و الـ carry trade  (الخط الأسود)  بين عامي 2002 و 2007. وفي ذلك المثال، يتم تمثيل مؤشر الـ carry trade  كسلة من ثلاثة من العملات ذات العائد المرتفع مقابل ثلاثة من العملات ذات العائد المنخفض على مدار 17 عام باستخدام سعر الليبور لثلاثة أشهر.

""

هذا وتختلف العلاقة بين الـ carry trade  وأسواق الأسهم على المدى القصير، فليس بالضرورة إذا ارتفع مؤشر الداو أن ترتفع تدفقات الـ carry trade  بالمثل. ولكن يشير الرسم السابق إلى أنه على المدى المتوسط تزداد قوة تلك العلاقة. تجدر الإشارة إلى أنه مع انتعاش تدفقات الـ carry trade ، يتم خلق عوائد ضخمة ليس فقط في شكل عائد العملات ذات العائد المرتفع، ولكن أحيانا يؤدي انتعاشها إلى ارتفاع رؤوس الأموال. حيث تخلق تلك العوائد المرتفعة رؤوس أموال ضخمة، تؤدي بدورها إلى المزيد من  المضاربات وبالتالي مزيد من العوائد ومن ثم ستجد تلك الأموال سبيلها في أسواق الأسهم. ومن ناحية أخرى، تعمل الأرباح القوية لأسواق الأسهم على جذب المزيد المشاركين في السوق.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image