هل سيبلغ النمو الصيني مرحلة الاستدامة ؟


جاءت البيانات الاقتصادية الصينية على الجانب الإيجابي ، مما أدى إلى حالة من الزخم في التداول القائم على فكرة الانتعاش في ظل التخوفات من توقف عجلة النمو لأكبر رابع اقتصاديات العالم .حيث ارتفعت مبيعات التجزئة الصينية بواقع 15.4% مقابل التوقعات التي سجلت 15.2% ،كما ارتفع مؤشر استثمار الأصول الثابتة بوتيرة متسارعة بواقع 33.0% مقابل التوقعات التي سجلت 32.8% كما شهد الميزان التجاري تحسناً بواقع 15.7 مليار مقابل التوقعات التي سجلت 13.9 مليار . و على الرغم من هذا الحشد المحفز من بيانات للانتعاش إلا أن مؤشر إقراض اليوان قد سجل قراءة بلغت 410 مليار يوان مقابل التوقعات التي سجلت 320 مليار يوان .

أما عن البيانات التي صدرت صباح اليوم فتشير إلى أن الطلب المحلي الصيني جاء مدعوماً نتيجة خطط التحفيز الهائلة و التخفيف الائتماني الذي يواصل في دفع الاقتصاد إلى الأمام على الرغم من تراجع الصادرات . حيث تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بواقع 22.8% ، في حين تراجعت الشحنات المصدرة للاتحاد الأوروبي بما يتجاوز 26.8% . أما عن الأنباء التي ترددت حول تراجع الصادرات إلى منطقة اليورو فقد فاجئت الجميع حيث منحت اليوان قدر من الاستقرار مقابل اليورو خلال الأشهر القليلة الماضية مما أشار إلى أن معدل الطلب الأساسي على البضائع الصينية لا يزال متدهوراً.

في الحقيقة ، يبدو أنه من خلال الاتساع الهائل في الائتمان أن الحكومة الصينية قد حولت سريعا اقتصاد البلاد من اقتصاد تصنيعي إلى اقتصاد استهلاكي. فنجد على سبيل المثال أن جنرال موتورز أكبر مصدري السيارات في الصين تتوقع أن تصل مبيعات السيارات إلى 12 مليون وحدة خلال هذا العام لتتجاوز بذلك الولايات المتحدة الأمريكية الأولى على العالم في هذا المجال . أما عن التساؤل الذي يطرح نفسه الأن على الساحة الاقتصادية هو ما إذا كان هذا النمو الاقتصادي مستدام أم لا . حيث أننا لا زلنا متشككين حيال هذا الأمر . أما عن البيانات التي صدرت اليوم فتُعد دليلاً واضحاً على أن الائتمان و مثل هذا التوسع الهائل من الدين قد يشكل مغضلة كبرى أمام الاقتصاد الصيني في حالة عدم بلوغ معدل الطلب على الصادرات إلى أعلى مستوى له في ظل اقتراب العام من نهايته ، مما سيجعل حجم الدين أكبر تزامناً مع قدوم العام 2010 .

و بالعودة إلى الحديث عن البيانات الإيجابية للصين اليوم نجد أنها قد ساهمت في دفع عملات المخاطرة إلى الارتفاع في وقت متأخر من التداولات الأسيوية ليسجل الزوج ( يورو /دولار) ارتفاع جديد لهذه العام حيث بلغ المستوى 1.4625 في ظل تدفقات التداول . إلا أن الزوج لم يواصل ارتفاعه خلال بدء التعاملات الأوروبية في ظل المستثمرين الذين أعادو التفكير ملياً في الأثار طويلة الأجل المترتبة على التقارير الاقتصادية التي صدرت ليلة الأمس .

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image