الليرة التركية تلامس قاعًا جديدًا.. وأردوغان يفاجئ الأسواق بخطوة مفاجئة

تراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد خلال تعاملات يوم الجمعة، حيث يأتي ذلك بعدما شهدت تركيا تطورات اقتصادية ومالية متسارعة خلال الأيام الماضية، تركزت حول إصدار جديد لسندات دولية في وقت ألمح فيه الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إمكانية إعادة تفعيل برنامج "صندوق ضمان القروض"، مما يثير جدلًا في الأسواق بشأن توجهات السياسة الاقتصادية المستقبلية ومدى التزام الحكومة بالانضباط النقدي.
جمعت تركيا مبلغ 2 مليار دولار في ثاني عملية إصدار سندات لها هذا العام يوم الأربعاء، في صفقة مشابهة لأول عملية نفذتها قبل ثلاثة أشهر.
وكان من المتوقع منذ فترة طويلة أن تعود تركيا إلى السوق الأولية، نظرًا لأنها تخطط لجمع نحو 11 مليار دولار من الأسواق الدولية خلال هذا العام. إلا أن عودتها تأخرت لأسباب متعددة، من بينها اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، ومن ثم الرسوم الجمركية الأمريكية، وحتى الاجتماعات السنوية للبنك الإنمائي الإقليمي.
ومن المفارقات أن الصفقة جاءت في يوم صعب، رغم أن الأجواء كانت أكثر دعمًا نسبيًا خلال الأسبوعين الماضيين، إذ شهدت أسعار الفائدة الأمريكية تراجعًا بسبب دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتجاه خفض الضرائب رغم ارتفاع الديون، إلى جانب ضعف نتائج مزاد سندات الخزانة لأجل 20 عامًا.
وتسجل العملة التركية الآن مستوى 39 ليرة للدولار الواحد، فيما تسجل أمام اليورو مستوى 44.2 ليرة لليورو الواحد. أمام غرام الذهب المقوم بالليرة التركية فيسجل مستوى 4200 بزيادة بنسبة 1.9% خلال اليوم.
تحديات في السوق وأسعار الفائدة
قال أحد المصرفيين: "تمكنت تركيا من التنقل في بيئة سوقية صعبة، مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة لأجل سبع سنوات بمقدار 9 نقاط أساس خلال اليوم".
طرحت الدولة سندات تستحق في مايو 2032 بعائد 7.45%، انطلاقًا من توجيهات تسعيرية أولية في حدود 7.75%. وكان أقرب مرجع هو السند الذي أصدرته تركيا في وقت سابق من هذا العام بقيمة 2.5 مليار دولار وبعائد 7.125% يستحق في فبراير 2032.
وقد تم عرض السند الجديد بعائد يقارب 7.30% بحسب بيانات LSEG، بعد وقت قصير من فتح دفتر الطلبات. وبالرغم من التقلبات، أفادت البنوك المديرة بأن العلاوة النهائية للطرح بلغت نحو 7 نقاط أساس فقط.
أوضح المصرفي أن اختيار نفس أجل السبع سنوات يعود إلى عامل تكلفة التمويل.
طلبات المستثمرين وأداء السندات
قال أحد المستثمرين إنه، بعد إعلان التوجيهات التسعيرية الأولية، لاحظ وجود علاوة إصدار جديدة تتراوح بين 40 و45 نقطة أساس، لكنه توقع تقليص هذه الفجوة "نظرًا لأن نقطة السبع سنوات قد تجذب طلبًا محليًا".
وأضاف أن تركيا "تتداول بشكل جيد نسبيًا" رغم التقلبات الناتجة عن الرسوم الجمركية، وأن مقايضة التخلف عن سداد الائتمان لخمس سنوات (CDS) تتداول دون مستوى 300 نقطة أساس.
يوضح أداء سندات فبراير 2032 مدى التذبذب في أسعار الأصول، حيث تم تداول السند عند أدنى مستوى له عند 7.06% في إغلاق 18 مارس، وأعلى مستوى عند 7.91% في إغلاق 9 أبريل، وفقًا لبيانات LSEG.
بلغ عدد الحسابات التي شاركت في الإصدار الجديد حوالي 140 حسابًا. وكان المستثمرون في المملكة المتحدة أكبر المشترين بنسبة 38%، تلاهم المستثمرون الأمريكيون بنسبة 30%، وتركيا بنسبة 15%، وبقية أوروبا بنسبة 13%، ومناطق أخرى بنسبة 4%.
السياسات النقدية والتحفيز المالي
جاءت الصفقة قبل يوم واحد من إعلان البنك المركزي عن إبقاء توقعاته للتضخم عند نهاية العام ثابتة عند 24%. وأشار المحافظ فاتح كاراهان إلى أن البنك مستعد لتشديد السياسة النقدية إذا تفاقمت معدلات التضخم، وذلك بعد أن لجأ إلى رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي، بحسب ما أفادت رويترز.
تصنيف تركيا الائتماني هو B1 مع نظرة إيجابية من وكالة موديز، وBB– مع نظرة مستقرة من وكالة فيتش. وتولت بنوك أوف أمريكا، بي إن بي باريبا، إتش إس بي سي، ومورغان ستانلي إدارة الصفقة.
أردوغان يلوّح بعودة "صندوق ضمان القروض"
ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى احتمال إعادة تفعيل برنامج ضمان القروض المدعوم من الدولة، والذي سبق أن أدى إلى طفرة في الإقراض المؤسسي، مما يزيد من احتمالية تيسير الأوضاع المالية للشركات.
وقال أردوغان للصحفيين بعد عودته من زيارة إلى المجر، وفقًا لما نقلته قناة NTV: "أنا مهتم بصندوق ضمان القروض"، مضيفًا أنه أصدر "التحذيرات اللازمة" للمسؤولين من أجل تفعيل البرنامج.
قد تؤدي طفرة الإقراض إلى تعقيد جهود البنك المركزي في الحفاظ على سياسة نقدية صارمة وظروف ائتمان مشددة، كجزء من معركته المستمرة ضد التضخم.
قال تيموثي آش، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في "آر بي سي بلو باي": "من الواضح أن هناك قلقًا في السوق من أن هذا قد يشير إلى تخفيف الجهود في مكافحة التضخم".
يُعد "صندوق ضمان القروض" برنامجًا يتيح للمقرضين تقاسم مخاطر الائتمان مع الخزانة العامة، وتم توسيعه بشكل كبير في أواخر عام 2016، ولعب دورًا محوريًا في تعزيز الإقراض في عام 2017. إلا أن هذا الزخم تراجع تدريجيًا بعد أزمة الليرة في عام 2018.
وبحسب البيانات الرسمية، تم تقديم قروض بقيمة إجمالية قدرها 929.5 مليار ليرة (أي ما يعادل 23.9 مليار دولار) في إطار برنامج صندوق ضمان القروض حتى الآن.
وقد صوّر أردوغان إعادة تفعيل البرنامج كجزء من خطة اقتصادية أوسع، قال إنها بدأت تؤتي ثمارها.
وأضاف: "العلاج الذي نطبقه في الاقتصاد بدأ يعطي نتائج إيجابية، وهذا دليل على أننا نسير على الطريق الصحيح".