العملة الصينية في أدنى مستوى منذ الأزمة المالية.. خطة لمواجهة رسوم ترامب!

العملة الصينية في أدنى مستوى منذ الأزمة المالية.. خطة لمواجهة رسوم ترامب!

بسبب تصاعد التوترات في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، سمحت السلطات الصينية للعملة المحلية، اليوان، بالتراجع مقابل معظم العملات العالمية، في خطوة تعكس حجم الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الصيني المتباطئ.

وقد شهد اليوان تراجعاً حاداً أمام الدولار في الأسواق المحلية، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية 2008، قبل أن يعوّض جزءاً من خسائره مع اقتراب موعد اجتماع مرتقب لكبار القادة الصينيين من أجل مناقشة حزمة تحفيزية لدعم الاقتصاد. كذلك، سجل اليوان أدنى مستوى له خلال 15 شهراً عند مقارنته بسلة من العملات التي تتبع شركاء الصين التجاريين.

هذا التراجع لم يأتِ مفاجئاً، فقد تزايدت التوقعات باتجاه هبوط في سعر صرف العملة، لا سيما بعد أن خفّض بنك الشعب الصيني السعر المرجعي لليوان لليوم السادس على التوالي، وإن كان ذلك قد تم بطريقة مدروسة وبوتيرة محدودة، وهو ما يُفهم منه أن بكين تعتمد نهجاً تدريجياً في إضعاف اليوان لدعم قطاع التصدير. 

يُذكر أن البنك المركزي يضبط تداول اليوان في السوق المحلية ضمن نطاق تحرك بنسبة 2% صعوداً أو هبوطاً من سعر التثبيت.

استراتيجية لمواجهة الرسوم الجمركية

يرى جو وانغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة والعملات الأجنبية في الصين الكبرى لدى بنك بي إن بي باريبا (EPA:BNPP) ( BNP Paribas SA)، أن ما تقوم به الصين منطقي في هذا السياق، موضحاً أن "اعتماد نهج تدريجي في خفض سعر تثبيت اليوان يسمح بانخفاض متسق للعملة أمام سلة العملات، وهذه وسيلة فعالة وغير مثيرة للفوضى للتعامل مع تداعيات الرسوم الجمركية".

وفي ظل غياب أي مؤشرات على قرب انتهاء الأزمة التجارية مع الولايات المتحدة، يبدو أن الصين بدأت توجه تركيزها نحو تعزيز صادراتها مع شركاء تجاريين آخرين. وكانت الجولة الأخيرة من هذه الحرب قد شهدت قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب (Donald Trump) برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125%، رغم إعلانه في الوقت نفسه تعليقاً مؤقتاً لمدة 90 يوماً على الرسوم المفروضة على عشرات الدول الأخرى. وقد ردّت بكين حينها بفرض رسوم بنسبة 84% على جميع الواردات القادمة من الولايات المتحدة، متعهدة بأنها "ستقاتل حتى النهاية" ضد السياسات التجارية الأمريكية.

تداعيات ضعف اليوان

بحسب كين تشيونغ، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية لمنطقة آسيا في بنك ميزوهو (Mizuho Bank)، فإن البنك المركزي الصيني حاول الحفاظ على سعر صرف اليوان مقابل الدولار عند مستويات مستقرة لتعزيز الثقة، في الوقت الذي سمح فيه لسعر اليوان مقابل سلة العملات بالتراجع لتحسين القدرة التنافسية للصادرات الصينية، لا سيما تجاه الدول غير الخاضعة للرسوم الأمريكية. وأشار إلى أن "الرسوم الجمركية الأمريكية الشاملة كان يُفترض أن تؤدي إلى شبه توقف في التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، ما يدفع بكين للتركيز على خفض قيمة سلة اليوان".

ورغم التكهنات السابقة بأن الصين قد تلجأ إلى تخفيض حاد لقيمة عملتها، فإنها حتى الآن تفضل تجنب هذه الخطوة، لما لها من آثار سلبية على ثقة المستثمرين بالأصول الصينية، إلى جانب احتمال إثارة غضب واشنطن. فتراجع اليوان الحاد قد يُنظر إليه كمؤشر على تلاعب صيني بالعملة، وهو اتهام وجهه ترامب مراراً في سياق محاولته تقويض تأثير الرسوم الأمريكية على الصادرات الصينية.

وفي هذا الإطار، قال وي ليانغ تشانغ، الاستراتيجي في بنك دي بي إس (DBS Bank)، إن "أي انخفاض كبير ومفاجئ في قيمة اليوان قد يكون له تأثير سلبي بالغ على الأسواق وشركاء الصين التجاريين"، مشيراً إلى أن هذا السيناريو يبدو مستبعداً في المرحلة الحالية. وأضاف: "ربما ترى الصين أن الحفاظ على علاقات مستقرة مع الشركاء التجاريين بات أكثر ضرورة، خصوصاً في ظل النظام التجاري العالمي الذي يشهد انقساماً متزايداً".


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image