بيانات التوظيف الأمريكي: تحسن أم تدهور؟

كما هو معتاد دائماً، نتج عن إصدار بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غي الزراعي الأمريكي قدراً كبيراً من التذبذب حيث كان رد فعل المباشر للبيانات أن عوض الدولار الخسائر التي انتابته في أعقاب عمليات البيع المكثفة التي تعرض لها قبيل ظهور هذه البيانات مما عمل على ارتفاع الدولار مقابل اليورو مما أثر سلباً على حركة سعر (اليورو / دولار). وعلى مدار العشرين شهراً الماضية، لم تحقق الولايات المتحدة أي نمو إيجابي على الإطلاق في معدل التوظيف لتتوالى علينا القراءات السالبة واحدة تلو الأخرى مع تباطؤ في درجة التدهور والتراجع الذي يعانيه سوق العمل. كما جاءت القراءة الحالية لتشير إلى أن الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي هبطت بواقع 216- ألف فقط وهو ما يشير إلى أقل معدلات التراجع في سنة كاملة وهو ما جاء أيضاً أفضل من التوقعات التي أشارت إلى تراجع بواقع 230- ألف. كما روجعت بيانات شهر يوليو الماضي إلى 276- ألف مقابل القراءة قبل المراجعة التي سجلت 247- ألف. أما المفاجأة الكبرى فكانت في ارتفاع معدل البطالة الأمريكية إلى أعلى المستويات في 26 سنة إلى 9.7% حيث تمت عمليات بيع كثيرة على نطاق واسع للدولار الأمريكي وهو ما نتج عن صدمة كبيرة تلقاها المتداولون الذين توقعوا ارتفاع معدل البطالة إلى 9.5% فقط.


على الرغم من ذلك، لا شك وأن بيانات الوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي تحسنت إلى حدٍ كبير مما أثار حالة من الارتياح في سوق العملات وهي الحالة التي ساعدت الدولار الأمريكي على تعويض خسائره في أعقاب إدراك المتداولين لأن التقرير ليس على الدرجة التي تخيلوها من السوء في بداية الأمر. وتجدر الإشارة إلى أنه ببداية استقرار الأوضاع في سوق العملات في أعقاب حالة التذبذب الشديد الناتج عن بيانات التوظيف الأمريكية وقدوم عطلة نهاية الأسبوع، سوف يكون أمام الدولار متسع من الوقت ليستمر في تحقيق المزيد من المكاسب.

 

وعلى الرغم من انخفاض معدل فصل أو تسريح العمالة من جانب الشركات مقارنةً ببداية العام الحالي، إلا أن ذلك لا يعني ذلك أن سوق العمل الأمريكي قد حقق تحسنا ًملحوظاً حيث تعتمد حالة سوق العمل الأمريكي على نوعية معايير وأودوات القياس المستخدمة في التعرف على هذه الحالة وما إذا كان الاعتماد في قياس حالة هذا القطاع سوف يكون على التقارير الرسمية أو على النظرة الواقعية. يؤيد ذلك ما جاء في مسح القطاع العائلي الذي أشار اليوم إلى أن هناك أعداد كبيرة من الأمريكيين يعانون من البطالة وهو الوضع الذي من المتوقع أن يستمر باستمرار ارتفاع معدل البطالة الأمريكية. جدير بالذكر أن المسئولين الأمريكيين حذروا من احتمال المزيد من الارتفاع في معدل البطالة حتى مع تحسن الأوضاع الاقتصادية وأوضاع سوق العمل. كما تجدر الإشارة إلى أن تقارير التوظيف الأمريكية جاءت وفقاً لتوقعات الاحتياطي الفيدرالي وهو ما يشير إلى أنها لن تغير موقف البنك المركزي من استراتيجية الخروج.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image