بدايةً من لبنان مرورًا بمصر والمغرب نهايةً بالعراق.. ماذا يحدث للعملات العربية؟

بدايةً من لبنان مرورًا بمصر والمغرب نهايةً بالعراق.. ماذا يحدث للعملات العربية؟
مصر

شهدت العملات العربية انخفاضات حادة غير مسبوقة في الآونة الأخيرة أمام العملات الأجنبية، بدايةً من الليرة اللبنانية، مرورًا بالجنيه المصري والدرهم المغربي، انتهاء بالدينار العراقي.

فالمشترك بين هذه العملات أنها تعرضت لهبوط حاد في قيمتها خلال السنوات القليلة الماضية، بيد أن الظروف والأسباب تختلف من عملة لأخرى.

الليرة اللبنانية.. هبوط لا يتوقف

واصلت الليرة اللبنانية انهيارها المتسارع أمام الدولار الأميركي، اليوم الأربعاء، إذ سجل الدولار في السوق اليوم سعر صرف تراوح بين 55 ألفاً و850 ليرة و56 ألفاً و50 ليرة للدولار الواحد.

وأثر هذا الارتفاع مباشرة في قطاع المحروقات الذي حررت أسعاره من الدعم الرسمي، فتخطى سعر صفيحة البنزين 95 (20 لتراً) المليون ليرة لبنانية للمرة الأولى منذ بدء تهاوي العملة أمام الدولار.

وعلى إثر هذا التراجع القوي، أغلقت محطات الوقود في لبنان أبوابها، ويرجع ذلك إلى احتساب سعر صفيحة البنزين على سعر 53400 ليرة لبنانية للدولار الواحد، بينما سعر الصرف سجل ارتفاعا كبيرا، مما يتطلب رفع سعر الصفيحة، بحسب ما ذكر موقع "صوت لبنان".

وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس إن "إغلاق المحطات مؤقت والمواطنين لا ينبغي أن يخافوا إذ أن الوقود موجودة لكن أصحاب المحطات بانتظار تسعيرة جديدة من وزارة الطاقة لأن الدولار بالسوق يخلق هذه الفروقات"، معتبرا أنه "كان الأجدى تسعير المحروقات بالدولار".

وكان مصرف لبنان توقف في سبتمبر من العام الماضي، وبشكل كامل عن توفير الدولار لواردات المحروقات، وبات سعر صفيحة البنزين (ما يعادل 20 لترا) يحتسب كليا على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، في حين أن طريقة التسعير السابقة كانت تعتمد على سعر الدولار على منصة صيرفة (وهو سعر الدولار الذي يحدده المصرف المركزي للشركات لشراء الدولار عبره).

الجنيه المصري.. استقرار ملحوظ

استقر سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في الأيام القليلة الماضية، وذلك إبان الحركة الأخيرة المتعلقة بتخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية. وبعد أن شهد الجنيه انخفاضات حادة منذ مارس الماضي وصلت إلى انخفاض الجنيه أمام الدولار دون مستويات الـ 32 بداية هذا العام، استقر خلال الأيام الماضية عند مستويات الـ 29 بتحركات طفيفة للأعلى تقترب من الـ 30.

هذا الأمر جعل الخبراء يقدمون أكثر من تفسير لهذا التحسن والاستقرار الطارئ والمفاجئ رغم التعهد بالالتزام بأسعار صرف مرنة. فمنهم من رأى أن هذا التحسن نتيجة ممارسة البنك المركزي دوره، وفق اتفاق صندوق النقد الدولي الذي ينص على تبني سعر صرف مرن، مع حق تدخل البنك المركزي عند وجود صعود حاد في سعر الصرف.

إلا أن عددًا من التقارير أفادت بعودة صناديق الاستثمار الأجنبية للعمل في أذونات الخزانة، وأن بعضها ضخ بالفعل نحو 250 مليون دولارا عبر أحد البنوك المصرية، لشراء هذه الأذونات التي تجاوز سعر الفائدة عليها سقف 21%، وهو ما حقق استقرارًا في سعر الصرف خلال الأيام الماضية.

تقول شركة "Columbia Threadneedle Investments" إن الجنيه المصري مقدر بالفعل بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 25٪، عند قياسه بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس للقدرة التنافسية للعملة ضد الشركاء التجاريين.

لكنها تقول أيضًا إن العملة المصرية قد تنخفض أكثر الفترة المقبلة.

فيما يتوقع دويتشه بنك (ETR:DBKGn) أن يضعف الجنيه بنسبة تصل إلى 10٪ إلى مستويات الـ 33 جنيه للدولار قبل أن يستقر.

وقالت ياسمين غزي المحللة الاقتصادية الأولى في "إس أند بي غلوبال ماركت إنتليجنس" بلندن، إن مصر تواجه عددًا من التحديات بينها التضخم، الفجوة التمويلية، التزام مصر بسياسة سعر صرف مرن، وتعهد الحكومة بتخفيض دورها في الاقتصاد.

وتوقعت مقابلة مع تلفزيون "الشرق بلومبرج"، حدوث المزيد من الخفض لسعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة، وهو ما يبرر ارتفاع عقود مخاطر الائتمان.

الدينار العراقي.. احتجاجات واسعة

أفادت وسائل إعلام عراقية منذ قليل بانطلاق تظاهرات حاشدة أمام البنك المركزي العراقي في العاصمة بغداد احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار. مشيرة إلى أنها انطلقت وسط إجراءات أمنية مشددة.

كما ذكرت أن المئات من محافظات الوسط والجنوب وصلوا إلى العاصمة العراقية للمشاركة في الاحتجاجات. حيث طالب المحتجون الجهات الحكومية بالتدخل العاجل للحد من هذا الارتفاع.

وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد أثار الجدل بإعادة تكليف علي محسن العلاق في منصب محافظ البنك المركزي، بعد أكثر من عامين على إقالته من المنصب ذاته، بسبب "الإخفاقات المالية"، التي حدثت بعهده في الفترة السابقة.

وكان العلاق قد شغل المنصب لنحو ست سنوات، بين عامي 2014 و2020. وعقب تعيينه تعهد العلاق "بسقف زمني لإعادة سعر الصرف إلى وضعه الطبيعي".

أتى قرار السوداني بإعادة تكليف العلاق استباقا لتظاهرات دعا إليها ناشطون عراقيون، أمام البنك المركزي العراقي، للتنديد بأزمة تراجع قيمة الدينار أمام الدولار، والتي بلغت ذروتها عند 1660 دينارا للدولار، وهو رقم لم يسبق تسجيله في العراق منذ نحو 19 عاماً.

الدرهم المغربي

مع بداية هذا العام، أكمل الدرهم المغربي خمس سنوات من دخوله فترة التحرير الجزئي أمام العملات الأجنبية والتي بدأت منذ يناير 2018، حيث تحرك الدرهم طيلة الفترة الماضية ضمن نطاق 2.5 في المائة في البداية ارتفاعًا وانخفاضًا، وصلت هذه النسبة إلى نطاق 5 في المائة في مارس 2020 ارتفاعًا وانخفاضًا أيضًا.

وأشارت وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب مع بدء تطبيق هذا التحرير الجزئي في 16 يناير من عام 2018 إلى أن الهدف هو تقوية مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات الخارجية، ودعم تنافسيته والمساهمة في الرفع من مستوى النمو.

وتشير التقييمات الفصلية التي ينجزها بنك المغرب إلى استمرار اتساق الدرهم مع أساس الاقتصاد الوطني، حيث يتوقع أن ينخفض سعر الصرف الفعلي للدرهم بنسبة 1.7 في المائة خلال 2022، قبل أن يرتفع بنسبة 2 في المائة عام 2023، ليستقر في المستوى نفسه خلال 2024.

وفي مذكرته التي صدرت بداية هذا العام، حافظ مركز التجاري للأبحاث على توقعاته بخصوص زوج العملات الدولار أمريكي/الدرهم مغربي في نطاق زمني يصل لـ ثلاثة أشهر، أخذا في الاعتبار توقعات زوج العملات الأورو/الدولار ووضعية السيولة في سوق الصرف.

وأخذا في الاعتبار التوقعات التصاعدية للدولار على الصعيد الدولي ووضعية السيولة في السوق المغربية، يتوقع أن ينخفض الدرهم مقابل الدولار في أفق شهر وشهرين و3 أشهر.

وبلغت المستويات المستهدفة لزوج العملات الدولار/الدرهم 10,61 و10,56 و10,56 في خلال شهر وشهرين و3 أشهر مقابل سعر فوري قدره 10,45.

ومقابل اليورو، من المتوقع أن يرتفع الدرهم في خلال الـ 3 أشهر القادمة. وقد بلغت المستويات المستهدفة لزوج العملات اليورو/الدرهم 10,91 و10,85 و10,85 في أفق شهر وشهرين و3 أشهر مقابل سعر فوري قدره 11,16.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image