المركزي المصري يصبر.. هل يصبر الجنيه أم يتعجل السقوط؟

المركزي المصري يصبر.. هل يصبر الجنيه أم يتعجل السقوط؟

صبر البنك المركزي المصري رغم ارتفاع سقف التوقعات في الأيام الأخيرة بشأن زيادة أسعار الفائدة إلا أن المركزي المصري آثر الانتظار والتحلي بالصبر.

وبعد ساعات من الترقب والانتظار وتوقعات بدأت بتثبيت الفائدة إلا أنها لم تدم طويلًا بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بزيادة معدلات الفائدة بأعلى وتيرة خلال 28 عام تقريبا، لتتحول توقعات المراقبين من اتجاه المركزي المصري إلى زيادة الفائدة بدًا من التثبيت.

ساعات من قرار المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة اليوم الخميس، اتجهت البورصة المصرية إلى تكبد مزيد من الخسائر لتسقط إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل 2020.

بيد أن المركزي المصري قرر في النهاية إرجاء خطوة رفع الفائدة ربما في الاجتماع المقبل، وقرر تثبيت أسعار الفائدة عند المستويات الحالية دون تغير في مفاجأة كانت متوقعة حتى أيام قليلة قبيل الاجتماع.

نلتقي في اجتماع آخر

وأعلن المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند 12.25%،وأبقت اللجنة سعر الفائدة على الإقراض لأجل ليلة واحدة عند 12.25 %، وثبتت سعر الإيداع لليلة واحدة عند 11.25 %.

وكان متوسط توقعات 17 محللا استطلعت رويترز آراءهم قد أشار إلى رفع البنك الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 11.75 % من 11.25 % في الاجتماع الدوري للجنة، وأن يرفع سعر الإقراض 25 نقطة أساس إلى 12.50 %.

ورفع المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي خلال هذا العام 2022، بدءا بالزيادة الأولى يوم 21 مارس السابق، حيث قرر المركزي رفع الفائدة خلال فعاليات اجتماع استثنائي.

بينما تم رفع الفائدة للمرة 19 مايو الماضي لتصل إلى 11.25% على الإقراض 12.25%، بزيادة 200 نقطة أساس، يستهدف البنك المركزي المصري معدل التضخم السنوي في المدن عند مستوى 7% (بزيادة أو نقصان 2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022.

ويأتي قرار المركزي المصري تزامنا وارتفاع عالمي في معدلات التضخم قاد البنوك المركزية حول العالم إلى تشديد السياسة النقدية، حيث قرر الفيدرالي الأمريكي وبنك انجلترا المركزي السويسري والبنوك العربية في المنطقة رفع أسعار الفائدة

صورة أوسع

وما بين اتفاق وشيك مع صندوق النقد مرورًا بتراجع الاحتياطيات الدولارية ونزوح الاستثمارات الأجنبية نهاية بارتفاع معدلات التضخم لا يزال الجنيه المصري يعيش حالة الترقب خوفًا من تكرار سيناريو 2016.

وعن أداء الجنيه في أكبر البنوك المصرية الوطنية البنك الأهلي المصري وبنك مصر، فقد شهد سعر الصرف استقرارا لليوم الخامس على التوالي عند مستويات 18.77 جنيه للبيع و 18.1 جنيه للشراء.

وسجل سعر صرف اليورو مقابل الجنيه المصري في البنوك الوطنية خلال تعاملات يوم الخميس مستويات 19.65 جنيه يورو للبيع ومستويات 19.42 جنيه للشراء.

وكذلك استقرت أسعار الصرف في البنوك الخاصة حيث سجلت بنوك المصري الخليجي ومصرف أبوظبي الإسلامي وبنك بيريوس والبنك التجاري الدولي وبنك الإسكندرية مستويات 18.79 جنيه للبيع ومستويات 18.74 جنيه للشراء.

إشارات عكس التوقعات

منذ يومين قال وزير المالية المصري محمد معيط على هامش مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي اليوم الثلاثاء أن 90% من استثمارات الأجانب خرجت بالفعل من أدوات الدين في البلاد.

وعاد الوزير المصري ليلقي مزيد من الضغوط على قرار المركزي، حيث قال إن بلاده تتفاوض مع صندوق النقد على 3 صيغ للبرنامج المشترك مع الصندوق التسهيل الممدد، اتفاق الاستعداد الائتماني، وبرنامج أدوات تنسيق السياسات.

وقال وزير المالية أنه قلق من رفع الفائدة من قبل البنك المركزي، أملا في أن يتيح للاقتصاد فرصة للنمو مع عدم تحميل الميزانية أعباء ارتفاع تكاليف التمويل، لكنه مدرك أن السيطرة على ارتفاع التضخم هي الهدف الرئيسي للبنك المركزي.

وقال إنه شهد خلال توليه 3 موجات لهروب رؤوس الأموال من محافظ الأوراق المالية، لكن الحالية تعادل 3 أضعاف المرات الماضية، إذ خرج 20 مليار دولار، تمثل أكثر من %90 من استثمارات الأجانب.

لماذا تم التثبيت؟

أولًا..جزء كبير من التضخم في مصر مستورد من الخارج، ويرجع لأسباب خارجية بسبب زيادة سعر الأغذية والمشتقات البترولية والمواد الخام والسلع الوسيطة، وبالتالي فإن علاج التضخم في مصر لا يكمن في زيادة سعر الفائدة وسحب السيولة النقدية من الأسواق، بل في زيادة الإنتاج والصادرات والحد من الواردات غير الضرورية وتقوية الجنيه.

ثانيًا.. وفقا لوزير المالية المصري، الرهان على زيادة سعر الفائدة بنسبة لا تقل عن نصف في المئة ينطلق من حرص الحكومة على الحفاظ على الأموال الأجنبية الساخنة المستثمرة في أدوات الدين المصرية سواء كانت سندات أو أذون خزانة، وهذا السبب غير قائم في ظل خروج 90% من هذه الأموال، وصعوبة عودتها في الوقت الحالي، خاصة مع زيادة سعر الفائدة على الدولار وجاذبية الاستثمارات في السندات والأذون الأمريكية قليلة المخاطر مرتفعة العائد

ثالثًا..نجاح القطاع المصرفي في سحب جزء كبير من السيولة الموجودة في السوق عن طريق طرح البنكين الأهلي المصري وبنك مصر شهادات ادخار بنسبة 18 % وهذه الشهادة جذبت 750 مليار جنيه، وجزءا من هذه السيولة كان من الممكن أن يدخل سوق الصرف الأجنبي للمضاربة على الدولار، وهو ما لم يحدث حاليا في ظل سحب هذا الكم الضخم من السيولة للقطاع المصرفي، وهو ما شجع البنك المركزي في تثبيت سعر الفائدة دون التخوف من زيادة الطلب على العملة الأميركية من قبل المضاربين.

رابعًا.. الحرص على زيادة أعباء الدين العام الذي تفاقم بشدة في السنوات الأخيرة، خاصة وأن الحكومة هي أكبر مقترض من القطاع المصرفي، وأنه في حال زيادة سعر الفائدة بنسبة 1 في المئة، فإن هذا يكلف الموازنة العامة نحو 30 مليار جنيه سنويا وربما أكثر كخدمة دين وفق تصريحات وزير المالية المصرية الي أبدى قلقه من زيادة الفائدة.

خامسًا.. قرار زيادة أسعار الفائدة يعد الدواء المر حيث أنه يؤثر سلبا على الاقتصاد خاصة فرص الاستثمار، إذ يرفع تكلفة الأموال والاقتراض، ولذا تبتعد عنه البنوك المركزية، إلا في حالات اشتعال التضخم، ورغم تجاوز التضخم لمستهدفات المركزي المصري إلا أنه يشهد تباطؤ نسبي وفقًا للبيانات الأخيرة.

أين يذهب الجنيه؟

وارتبط لدى أوساط المتداولين تراجع سعر الصرف بالتزامن مع اتفاقات صندوق النقد التي غالبًا ما ترمي إلى تحرير أسعار الصرف بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.

وكان المركزي المصري قد لجأ إلى تحرير أسعار الصرف في نوفمبر 2016 بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وانخفض الجنيه حينذاك من مستويات قرب الـ 8 جنيهات إلى مستويات قرب الـ 20 جنيه قبل أن يستقر لسنوات قرب الـ 15.6 جنيه للدولار.

وارتفعت معدلات التضخم في المدن المصرية إلى 13.5% في مايو مقابل 13.1% خلال أبريل على أساس سنوي، أما على أساس شهري نزل التضخم بنسبة 1.1% في مايو، من 3.3% في أبريل.

أعلى من قيمته الحقيقية

وقالت اتش سي قيمة الجنيه المصري مبالغ فيها، كما يتضح من مؤشر JP Morgan لسعر الصرف الفعلي الحقيقي عند 108 نقطة أساس، والتغير في النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري إلى سلبي من مستقر من قبل وكالة Moody’s، وعمليات البيع المكثفة في الأسواق الناشئة، وانخفاض العائد على أذون الخزانة آجال السنة الواحدة تعيق التدفقات المستفيدة من فوارق الأسعار وتقلل من فائدة رفع سعر الفائدة، من وجهة نظرنا.

وأضاف بنك الاستثمار نلاحظ أن العائد على أذون الخزانة أجل العام الواحد زاد بمقدار 90 نقطة أساس فقط بعد زيادات سعر الفائدة 300 نقطة أساس، في حين زاد العائد على أذون الخزانة آجل الـ 3 شهور بمقدار 370 نقطة أساس.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image