فقد الثقة في البنوك المركزية يعني الاستسلام

لم يكن الأمر مفاجئًا لنا أن نرى هبوطًا حادًا في أسواق الأسهم والعملات هذا الصباح. فقد اقتسم المتداولون حول العالم خيبة الأمل مع المستثمرين بالولايات المتحدة الذين يدركوا أنهم لا يمكنهم الاعتماد على الفيدرالي في إنعاش الاقتصاد الأمريكي. وفي الحقيقة، من المغامرة أن نقول إن المستثمرين قد فقدوا ثقتهم الكاملة في البنوك المركزية الرئيسة ويرفعون الرايات البيضاء بإعلان الهزيمة. ويعكس الاستسلام الحاد على مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية القلق الحاد بالأسواق ويفسر السبب وراء شراء المستثمرين الدولار حتى بعد أن أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن شكل جديد من التحفيزات الاقتصادية. وإن الرغبة للجوء إلى الملاذ الآمن قد جعلت الدولار الأمريكي والين الياباني أكبر الفائزين اليوم. فقد عصف التدخل القاسي من قبل البنك الوطني السويسري بالفرنك السويسري كعملة ملاذ آمن، وهو ما يعني أنه طالما ظل المستثمرون على حذرهم، فسوف يفوق الدولار والين العملات الأخرى أداءًا.

من الصعب أن تعكس شهية المخاطرة توجهها بالأسواق حينما تتخذ هذا الاتجاه السلبي في ظل عدم إبداء أي هيئة رئيسة تضم صناع سياسة نقدية أي لمحة إيجابية اليوم. ولكن فضلاً عن ذلك، أضاف صندوق النقد الدولي وأعضاء مجالس إدارات بنوك مركزية حول العالم مزيدًا من الضغوط على الأسواق عن طريق خفض توقعاتهم للنمو وأطلقوا رؤىً تشاؤمية حيال الاقتصاد العالمي. ولم تقدم القراءة الضعيفة لمؤشر PMI بالصين جديدًا. وإذا ما واصلت أسواق الأسهم تراجعها وهبطت الثقة لدى الأسواق، فربما تنزلق الولايات المتحدة في ركود آخر. لذلك فالسؤال المطروح الآن هو، ماذا يمكن أن يقدم صناع السياسة حيال ذلك؟ ففي هذه اللحظة، يكمن الأمل الوحيد في اتخاذ مجموعة الدول العشرين إجراءًا حاسمًا و سريعًا. ولسوء الحظ، يبدو الأمر غامضًا حول ما إذا كان الدعم النقدي العالمي حتى على جدول أعمال اجتماع المجموعة أو لا. فإن أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو على قمة أولويات الاجتماع المنعقد بواشنطن نهاية الأسبوع حيث يحتاج زعماء دول مجموعة العشرين إلى توسيع دائرة التفكير بجعل النمو العالمي على قمة أولويات جدول الأعمال. لحسن الحظ فإن التعليقات المبدئية الواردة من اجتماع مجموعة الدول العشرين هذا الصباح تشير إلى أنهم قد سلموا أمرهم بأنهم في حاجة لخطة بشأن النمو. هذا وقد صدر عن اجتماع مجموعة الدول العشرين بيان طالبوا فيه باتخاذ إجراء حاسم لدعم النمو، والثقة والمصداقية. ولكن مع الأسف، حث ستة أعضاء من بين زعماء مجموعة الدول العشرين على اتخاذ إجراء فردي فيما يتعلق بالاحتياجات الجماعية ولتي تشير إلى أن الإجراء المنسق يمكن أن يواجه معارضة.

هذا وقد أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة اليوم بالولايات المتحدة تحسن مؤشر إعانات البطالة على نحو طفيف خلال الأسبوع المنتهي في السابع عشر من سبتمبر. وتراجعت إعانات البطالة الأسبوعية من 432 ألف إلى 423 ألف في حين هبطت إعانات البطالة المستمرة إلى 3.727 مليون من 3.755 مليون. وعلى الرغم من أنه من الجيد أن نشهد تراجعًا في إعانات البطالة، إلا انه طالما ظل المؤشر فوق مستوى 400 ألف، فلن يوجد ما يدعو للابتهاج. إن تعيين عمالة وليس فصلها هو الصداع الأكبر في رأس الاقتصاد الأمريكي ولسوء الحظ كانت إعانات البطالة مؤشرًا ضعيفًا يمكننا من خلاله قياس نمو الوظائف بالولايات المتحدة على مدار الأشهر القليلة الماضية. في غضون ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية كندية تراجع مبيعات التجزئة خلال شهر يوليو. كما تراجع مؤشر إنفاق المستهلكين بنسبة 0.6% عقب ارتفاعه خلال الشهر الأسبق بنسبة 0.8%. وتشير البيانات الاقتصادية الصادرة حول العالم إلى الضعف مما يجبر العديد من البنوك المركزية إلى التخلي عن الشكل الطبيعي للسياسة النقدية واتخاذ إجراءات وفق نمط تسهيلي.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image