خمسة أسباب رئيسية لارتفاع الدولار الأمريكي حالة من العشوائية في حركة سعر سوق العملات

إنها عودة الدولار الأمريكي. من خلال نظرة خاطفة إلى سوق العملات اليوم وما شهده من تطورات، يمكننا استخلاص أن الدولار الأمريكي نجح اليوم في تحقيق قدر كبير من القوة على حساب باقي العملات الرئيسية الأخرى حيث بدأ المستثمرون في اللجوء إليه كملاذ آمن في أعقاب ظهور االبيانات الأمريكية اليوم والتي جاءت مخيبة للآمال فيما يتعلق ببيانات طلبات السلع المعمرة. بدأت موجة الهبوط التي ضربت سوق العملات اليوم بالدولار الأسترالي بعدها ضربت اليورو والفرنك السويسري. وبإمعان النظر في هذه الأحداث نجد أن اليوم كان أكثر الأيام تناقضاً حيث اتجه مشاركو السوق إلى شراء الدولار الأمريكي لأسباب مختلفة؛ فمنهم من فضل الانتظار بأمواله واستثماراته حتى تتضح الرؤية مستخدماً العملة الأمريكية كملاذ آمن، بينما قام آخرون بعمليات بيع مكثفة للـ (يورو / دولار). كما دفعت الحاجة الكثير من البنوك المركزية إلى شراء الدولار الأمريكي بهدف الوفاء بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من اختلاف الأسباب، نرى أن الاتجاه العام لسوق لعملات كان نحو شراء الدولار الأمريكي وهو ما يدفعنا إلى ترجيح استمرار ارتفاع معدل الطلب على الدولار على مدار الفترة المتبقية من الأسبوع الجاري..


وبالرجوع إلى التفاصيل الكاملة للأسباب التي عززت الاتجاه الصاعد للدولار الأمريكي يمكن التوصل إلى ما يلي:


1- السبب الأول:
تقارير الأرباح الأضعف من المتوقع، هبوط طلبات السلع المعمرة وتقرير البيج بوك علاوة على الهبوط الحاد للأسهم الصينية أثناء التعاملات الليلية بالأمس تأثراً بالمخاوف حيال إمكاينة اتخاذ الحكومة الصينية لإجراءات وخطوات من شأنها إعاقة النمو وهو ما أثار قدراً كبيراً من السلبية قبل افتتاح التعاملات في إطارأسواق الأسهم الأمريكية اليوم والتي عكست هبوط حاد للغاية في الأسهم الأمريكية بافتتاح التعاملات بسبب تقرير أرباح تايم وارنر. بعد ذلك، أدى هبوط طلبات السلع المعمرة الأمريكية حيث هبطت هذه الطلبات بنسبة 2.5% وهو أدنى المستويات منذ يناير الماضي وهو ما يرجح أن يكون ناتجاً عن هبوط الطلبات على وسائل النقل والطائرات المدنية التي هبط الطلب عليه بنسبة 38% في يونيو الماضي. جاء على رأس الأنواع التي تعرضت لتراجع في الطلب عليها طراز بوينج حيث تم تأجيل المزيد من الطلبات على طراز دريملاين 787 إلى أوقات لاحقة علاوة على توازي عدد الطلبات الملغاة مع الطلبات القائمة حيث وصل عدد الأولى إلى 84 بينما بلغ عدد الثانية إلى 85..


علاوة على ما سبق، هبطت طلبات الرهن العقاري بواقع 6.3% وهو الهبوط الأعنف على الإطلاق. ووفقاً لتقرير البيج بوك، بدأ الركود في التراجع أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي، على الرغم من ذلك، لا زالت هناك الكثير من المشكلات التي تواجه اقتصاد الولايات المتحدة حيث لا زالت مبيعات التجزئة تعاني من تباطؤ شديد حتى الآن. كما يستمر تدهور وضعف قطاع العقارات التجارية علاوة على حالة الوهن التي تستمر في التهام سوق العمل وقطاع التوظيف وهو ما يشير في مجمله إلى استمرار هبوط معدل إنفاق المستهلك وهو ما من شأنه إحداث تراجع خطير لسيناريو الانتعاش الاقتصادي. جدير بالذكر أن تقرير البيج بوك من أهم الإصدارات التي يعتمد عليها الاحتياطي الفيدرالي في تحديد توجهات السياسة النقدية، لذلك عند الأخذ في الاعتبار التقرير الأخير الصادر اليوم، يمكننا ترجيح أن النغمة السائدة في التقرير تعكس أن البنك المركزي لن يُقدم على إحداث أي تغيير على الإطلاق في سياسة التسهيل النقدي المطبقة حالياً و معدل الفائدة على الأقل في المستقبل القريب. وبالنظر إلى بيانات يوم غد نجد أن إعانات البطالة الأمريكية من أهم الإصدارات التي من شأنها التأكيد على حالة القوة التي انتابت الدولار الأمريكي اليوم في حالة ارتدادها لتقترب من مستوى الـ 600 ألف الذي يمثل جرس الإنذار بالنسبة لقطاع التوظيف الأمريكي..


2- السبب الثاني:

طالب صندوق النقد الدولي البنوك المركزية بالتدخل لرفع الدولار الأمريكي بشكل غير مباشر حيث أعلن الصندوق أنه بصدد عقد اتفاقيات إقراض ثنائية مع النرويج، اليابان وكندا في أعقاب تقدم أوكرانيا بطلب للصندوق اقتراض بقيمة 3.3 مليار دولار وهو ما يستدعي أن تقوم البنوك المركزية المشار إليها أعلاه بتسليم قيمة هذا القرض عن طريق شراء الدولار ومنحه للصندوق في إطار الاتفاقيات الثنائية المذكورة أعلاه أو من خلال استخدام حقوق السحب الخاصة المملوكة لكل بنك في الصندوق. وفي حالة اللجوء إلى السداد المباشر، من المتوقع أن يؤدي الطلب المكثف من جانب اليابان، كندا والنرويج إلى ارتفاع الدولار إلى حدٍ بعيد مقابل الين والدولار الكندي على الرغم من حالة تجنب المخاطرة المرتفعة والتي من المفترض أن ترفع الدولار والين معاً..


3- السبب الثالث:

مزاد سندات الخزانة المخيب للآمال:
يعتبر هذا الأسبوع من أهم الأسابيع بالنسبة لتحركات أسواق سندات الخزانة الأمريكية إلا أنه ولسوء الحظ، حاولت الحكومة الأمريكية بيع كم هائل من السندات لأجل 5 سنوات في إطار المزايدة التي قولت بفتور من جانب المستثمرين وباءت بفشل ذريع حيث لم تجاوز عروض الشراء مستوى 1.9% أي أقل من 2% الي يمثل الحد الأدنى الذي يمثل نجاح المزايدة وهو ما اضطر وزارة الخزانة الأمريكية إلى بيع هذه الدفعة من السندات وقت وصول عائداتها إلى 2.69% وهو المستوى الذي تجاوز التوقعات التي أشارت إلى 2.635. جدير بالذكر أن المزاد الضعيف للدفعة الأخيرة من سندات الخزانة الأمريكية لأجل 5 سنوات أدى إلى هبوط حاد في أسواق الأسهم والعملات إلى حدٍ سواء مما أدى إلى ارتفاع الدولار على حساب الباقين..


4- السبب الرابع:
مواقف صفقات المتداولين:
بدأت موجة من صفقات الشراء يوم الجمعة الماضية استهدفت اتخاذ الكثير من المتداولين لمواقف شراء لليورو وبيع للدولار الأمريكي حيث ارتفعت مواقف شراء اليورو إلى 34722 مقابل 13899 سجلتها تعاملات الأسبوع الماضي وذلك بداية من 21 يوليو. يشير ما سبق إلى أعلى معدلات مواقف شراء اليورو منذ مارس 2008 والارتفاع لأكثر حدة منذ وقت طويل. ومن الطبيعي في ضوء ارتفاع مواقف الشراء أن نتوقع إقبال الزوج على عمليات جني أرباح مكثفة مما قد يحمل بين طياته أخبار سيئة لليورو جيدة للدولار حيث يعني ذلك أن هؤلاء الذين لديهم الرغبة في شراء اليورو قد حددوا مواقف شراء بالفعل وهو ما يشير إلى خلو السوق من ثيران اليورو باستثناء أعداد قليلة وينذر بعمليات جنى أرباح يتعرض لها زوج (اليورو / دولار) في وقت قريب..

السبب الخامس:
يشير المنظور الفني إلى أن حالة التردد التي عاشتها سوق العملات على مدار الأسابيع القليلة الماضية ترجح أن اختراق النطاقات الضيقة للتداول كان قريباً جداً من التحقق. على الرغم من ذلك، يشير فشل زوجي (اليورو / دولار) و (الإستريلني / دولار) في اختراق المستويات المرتفعة، أعلى مستويات العام الجاري، إلى تحول هذه المستويات إلى مستويات مقاومة قوية. كما كانت هناك تحركات عشوائية في سوق العملات، خاصةً في حركة سعر (اليورو / دولار) والتي كانت أكثرها حدة وغرابة على مدار أيام التداول الماضية تتمثل في منطقة التشبع الشرائي والتي عند جمعها مع تصعد مواقف شراء المتدولين للزوج، يزول الغموض ويتأكد لنا أن الزوج يتخذ الاتجاه الهابط وهو ما يعمل لصالح الدولار الأمريكي..


وبالنظر إلى تقرير الناتج الإجمالي المحلي الأمريكي المنتظر صدوره الجمعة القادمة، نرى أنه من المتوقع إلى حدٍ كبير أن يشير التقرير إلى استمرار تدهور ملموس في حالة الاقتصاد الأمريكي وهو ما يشير إلى تصاعد احتمالات المزيد من رحلات الملاذ الآمن التي ترفع الدولار وتزيده قوة إلى قوته الحالية..


(اليورو / دولار) التضخم يهدد العملة:
واصل اليورو الهبوط لليوم الثاني على التوالي بواقع 100 نقطة. بينما على الجانب الآخر ارتفعت أسواق الأسهم الأوروبية مع وصول الداكس، مؤشر البورصة الألمانية، إلى أعلى المستويات منذ نوفمبر 2008. جدير بالذكر أن أغلب المحفزات التي أدت إلى هذا الارتفاع تمثلت في ارتفاع أرباح الكثير من الشركات مثل باير أيه. جي.. وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، تحول مؤشر أسعار المستهلكين الألمان إلى المنطقة السالبة ليصل إلى 0.3-% مقارنةً بالعام الماضي وهو ما يمثل الهبوط الأول على الإطلاق منذ 22 سنة وهو ما يجعل أصابع الاتهام تشير في المقام الأول إلى أسعار الغذاء والطاقة وعلى العكس من مؤشر أسعار المستهلكين الألمان، جاءت قراءة مؤشر أسعار المنتجين الفرنسي لتسجل أعلى المستويات منذ 10 أشهر. يعكس ما سبق أن القراءة القادمة للتضخم في منطقة اليورو محاطة بالغموض في الوقت الحالي وأنها سوف تعتمد في تحديد اتجاه محدد على أسعار الطاقة من جهة ومن جهة أخرى على تعافي اقتصاد المنطقة..


(الإسترليني / دولار): المزيد من الهبوط في الطريق:
على مدار أيام التداول الأربعة الماضية، استمر الإسترليني نطاق تداول محدود بـ 200 نقطة فقط مقابل الدولار الأمريكي. على الرغم من ذلك، كسر زوجي (الإسترليني / دولار) و(اليورو / دولار) قاع النطاق المحدود لتداولهما اليوم مما دفع المتداولين إلى التساؤل عما إذا كان الزوجان سوق يختبران نطاقات تداول أوسع. بينما جاءت البيانات الاقتصادية للمملكة المتحدة متنوعة حيث ارتفعات موافقات الرهن العقاري في حين انخفض معدل ائتمان المستهلك. وعلى الرغم من هبوط اليورو بنسبة 1%، تمكن الإسترليني من الحفاظ على مستويات مرتفعة نسبياً. كماا هبطت مؤشرات تذبذب (الإسترليني / دولار) للشهر أدنى المستويات من سبتمبر 2008 وهو ذلك الانكماش الحاد في التذبذب الذي من شأنه الإشارة إلى اقتراب أحد أمرين يصعب ترجيح أحدهما على الآخر وهما اختراق (الإسترليني / دولار) للمقاومة والصعود إلى مستويات أعلى و كسر الدعم والهبوط إلى مستويات أقل. بينما لا يتوافر لدينا الكثير من البيانات غداً فيما يتعلق بالإجابة على السؤال المشر إليه أعلاه حيث أشارت البيانات الأخيرة إلى تحسن واستقرار في سوق الإسكان، بينما أشارت قراءة النمو للربع الثاني للمملكة المتحدة غلى تدهور بالغ في الاقتصاد البريطاني وهو ما يفتح الباب أمام بنك إنجلترا للتوسع في برنامج شراء الٍول وهو ما يمكن أن يلحق أضراراً بالغة بالإسترليني بالإضافة إلى مؤشر نيشنوايد لأسعار المنازل الذي من المتوفع هبوطه مما يزيد من ضعف العملة. يؤيد ما سبق ما يرجحه المنظور الفني الذي يرى أن الإسترليني كسر اليوم أدنى المستويات في 4 أيام..

(النيوزلندي / دولار) :
تعرض الزوج إلى عمليات بيع مكثفة في أعقاب قرار الفائدة النيوزلندية الذي قضى بتثبيت المعدلات الحالية، 2.5%، كما كان متوقعاً. كما حذر بوللارد، رئيس الاحتياطي النيوزلندي من احتمالات المزيد من خفض الفائدة مستقبلاً بسبب الارتفاع المحتمل للدولار النيوزلندي معبراً عن أن دولار نيوزلندي قوي يعني اقتصاد ضعيف. وأضاف رئيس البنك المركزي أن صوة وارتفاع الولار النيوزلندي أصبحت هي المصدر الأساسي للمخاوف حيال إمكانية تأخر الانتعاش الاقتصادي في البلاد معرباً عن إمكانية اللجوء إلى المزيد من خفض الفائدة حال حدوث المزيد من التدهور في أداء الاقتصاد النيوزلندي. في هذه الحالة نرجح أن يقدم بنك الاحتياطي النيوزلندي على خفض الفائدة إذا ما استمر ارتفاع الدولار النيوزلندي، بينما لن يضطر البنك المركزي إلى ذلك في حالة هبوط الكيوي. جدير بالذكر أن بيان الفائدة النيوزلندية من المتوقع أن يكون له الدور الأول في هبوط الدولار النيوزلندي بنسبة 63%. وعلى صعيد منفصل، تعرض الدولار الأسترالي إلى هبوط حاد للغاية مقابل الدولار الأمريكي بسبب انخفاض درجة شهية المخاطرة، على الرغم من ذلك، كان هناك عدد من القراءات الإيجابية التي ظهرت مؤخراً لتشير إلى تحسن عام في الاقتصاد الأسترالي وهو ما يمكن أن يدعم العملة إلى حدٍ كبير على المدى المتوسط. أما (الكندي / دولار) فارتفع بالأمس مستفيداً من انخفاض أسعار النفط بصفة أساسية ومطالبة صندوق النقد الدولي لكندا بالتدخل بدفع مبالغ طائلة للمشاركة في مساعدة أوكرانيا وهو ما يمكن أن ينتج عنه زيادة في الطلب على الدولار ويرفع الزوج في نفس الوقت..

(الدولار / ين):
على الرغم من هبوط أغلب أزواج الين الياباني، إلا أن زوج (الدولار /ين) من المتوقع أن يرتفع بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي وهو يمكن أن يتعزز من خلال البيانات السبية المحتملة للاقتصاد الياباني علاوة على إمكانية تفاقم تجنب المخاطرة..


(اليورو دولار) يحتل دائرة الاهتمام الأولى غداً:

من المتوق كما أشرنا قبل ذلك إلى إمكانية المزيد من الانخفاض للـ (اليورو / دولار) يوم غد وفقاً للمؤشرات الفنية والأساسية التي تؤيد ذلك. على الرغم من ذلك، من الممكن حال مجيء البيات الأوروبية غداً إيجابية و على الأقل متجاوزة للتوقعات أن تنعكس حركة سعر الزوج نحو الإيجابية وهي البيانات التي تتمثل في مؤشر التغير في معدل البطالة الألمانية، وثقة المستهلك الأوروبي علاوة على إعانات البطالة الأمريكية..

 

""


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image