هل حان الوقت للتراجع عن التسهيل النقدي وبرامج التحفيز؟

هل حان الوقت للتراجع عن التسهيل النقدي وبرامج التحفيز؟

على الرغم من أنه بلا شك ستتعرض القوة الدافعة للأسواق للاختبار، خاصة إذا جاءت قراءات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الثاني محبطة، إلا أن هناك سبب لاستئناف القول بأن من الصعب أن تواجه الأسواق عقبات لا تقهر حيث استطاعت بالفعل تخطى العديد من الأنباء الاقتصادية المفزعة والتي كانت الأكثر إحباطا. ومع ذلك، تواجه الأسواق العديد من التحديات خاصة مع تنامي النداءات من الأحزاب المعارضة و الشخصيات الدولية و البنوك المركزية في مواجهه الحكومة من أجل خفض الإجراءات المالية التحفيزية. حيث تشير تلك النداءات إلى التأثير السلبي على مستويات الثقة والتي تعد مطلب أساسي من أجل نجاح سعى الحكومة في خططها للانفاق الاستثماري.


هذا وقد تزايدت الدعوات - وسط تنامي الاعتقاد بانتعاش الاقتصاد- من قبل العديد من المسؤولين المطالبين بخطط للتخلص من عجز الموازنة الحكومية وأخرهم بيرنانك رئيس الاحتياطي الفيدرالي. وفي الوقت ذاته، من المحتمل أن يقابل الكونجرس الأمريكي أي فكرة أخرى حول خطة الانفاق بهدوء تام. وفي وقت مبكر بالمملكة المتحدة هذا العام، أدت تدابير الانفاق الاستثماري للحزب الحاكم إلى اشتباك بين دارلنج وزير المالية البريطاني وبين كينج محافظ بنك إنجلترا، حيث صرح كينج بأن الوضع المالي بالمملكة المتحدة لا يمكن أن نطلق عليه لفظ جيد فلماذا لا ننخرط في جولة أخرى من التوسع في التدابير المالية. وفي الوقت ذاته، صرح تريشية رئيس البنك المركزي الأوروبي وأعوانة العديد من التصريحات المتتالية في هذا السياق، حيث صرح تريشيه الأسبوع الماضي قائلاً " وصلت نسبة الانفاق الحكومي للناتج المحلي الإجمالي لمستويات هائلة وأن هناك حاجة إلى خفض الانفاق الحكومي "..


وفي نفس اللقاء، قال "تريشيه" أيضاً أن " الخروج من أزمة الركود ليس إلا أزمة ثقة، وأنه ليس أزمة الديون... فكل ما نحتاجه هو دعم الثقة ومن ثم المساعدة على التعافي" فإن تريشيه يقولها بوضوح أن دعم الثقة العامة يحتاج إلى خطط محددة لاستقرار الأوضاع المالية، ومن المؤكد أن هناك إجراء لا بد من اتخاذه في هذه الحالة. على الرغم من ذلك، نعترف أن لدينا بعض الشكوك في هذا الشأن. فقد وجد المستثمرين أنفسهم وسط فقاعة تحكمها مجموعة قواعد مختلفة والذي يمثل فيها الانكماش تهديداً كبيراً. فقد شهدت اليابان نفس هذه الأوضاع في الفترة من 1995 و 1996 عندما شهدت نموا متواصلاً لعدة أرباع، حيث اتجه اهتمام حكومة هاشيموتو إلى تكاليف الانتعاش الاقتصادي. ويشكل هذا درساً غاية في الأهمية حينما دعا ياو جينجوان حكومته بالحفاظ على ذلك، على الرغم من وضع الصين في مقدمة الانتعاش العالمي..


وفي حقيقة الأمر، ربما يشعر ياو أن الوقت لا زال مبكراً للغاية على تحديد ما إذا كان الاقتصاد الصيني لديه القوة الدافعة اللازمة لتحقيق المزيد من التقدم دون الاعتماد على المزيد من خطط التحفيز وهي نفس الحالة التي تمتلأ بالشكوك حيال مستقبل الاقتصادات الرئيسية في العالم . واأكثر تعقيداً مما سبق هو ذلك الموقف الذي تعانيه حكومات دول الاقتصادات الرئيسية والذي يمتلأ بالضغوط التي تشكلها طوابير البطالة المتزايدة باستمرار والثار السلبية المتتالية الواقعة على كاهل هذه الاقتصادات ووصول نشاط الإقراض بالقطاعات المصرفية في دول معظم دول العالم إلى الحد الأقصى من التدهور وهو ما يدفع معظم هذه الاقتصادات إلى التفكير في خطط تحفيز جديدة..

 

وعلى الرغم من ذلك، ترى الكثير من حكومات الاقتصادات الرئيسية أنه من المناسب في الوقت الحالي الحديث عن التراجع عن خطط التحفيز المالي وهو الأمر الذي لا زال يحمل بين طياته تضمينات مصيرية تشير إلى عدم ملائمة الحديث عن هذا الاتجاه إلى الانسحاب من برامج التسهيل النقدي والتحفيز الاقتصادي حيث لا زالت سرعة التدهور أكبر من سرعة النمو وهو ما يتضح من خلال تراجع الإنفاق الشخصي، زيادة المديونيات والوتيرة البطيئة التي يسير عليها النمو الاقتصادي وهو الوضع الذي لايبدو من المناسب في إطاره الحديث عن سحب الدعم التحفيزي المقدم للاقتصاد في أي من دول الاقتصاد الرئيسي. يشير ما سبق إلى أهمية متابعة رد فعل أسواق المال تجاه ما يتردد من دعوات إلى التراجع عن السياسات النقدية التسهيلية والتحفيزية بمرور الوقت والدخول في الربع الثالث من العام الحالي..

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image