فيروس كورونا والأسواق: كيف حقق سيناتور أمريكي ثروة ضخمة قبل انهيار السوق؟

فيروس كورونا والأسواق: كيف حقق سيناتور أمريكي ثروة ضخمة قبل انهيار السوق؟

Investing.com - مرت الأسواق بأسوأ أسابيعها منذ الأزمة العالمية في 2008، عندما طال الانهيار كل شيء، ودخل السوق في حالة فزع.

الاختلاف هذه المرة أن السوق ليس وحده في حالة فزع، بل العالم أجمع. وضعت دول العالم كلها قيود قوية على تحركات المواطنين، لمنع انتشار وباء كورونا القاتل. والذي لا يعرف أحد على وجه التحديد ما هو ولا كيف ينتقل، وحتى بعض الأعراض ما زالت مجهولة، وكذلك خصائص الفيروس.

أصبحت أوروبا بؤرة وبائية بعدما كانت الصين هي البؤرة. ينتشر فيروس كورونا في دول منطقة اليورو انتشار النار في الهشيم، مجبرًا أكبر الدول على تغيير سياستها المالية والاقتصادية وسط حالة الشلل الاقتصادي التي أصابت جانبي العرض والطلب في الوقت نفسه.

ولكن، هناك فئة محدودة تمكنت من حصد ثروتها قبل أن يضرب الوباء أرزاق الباقين. فماذا حدث؟ وهل علم ترامب ومن حوله بما سيحدث وحاولوا التهوين من شأنه؟ بالطبع حاول ترامب التهوين من شأن فيروس كورونا، فقال إن الوباء ليس سوى "خدعة" من الحزب الديموقراطي تهدف لتدمير "النجاحات" التي حققها.

ورأينا مؤشر داو جونز يوم الأربعاء يمحو أرباحه المسجلة في السنوات الثلاث الأخيرة، أي ما حققه خلال فترة ترامب الرئاسية. وأغلق المؤشر يوم الجمعة على انخفاض قارب الـ 1,000 نقطة، بعد أسبوع تحركاته كانت الأعنف.

في الثالث عشر من شهر فبراير لعام 2020، بدأت الحكومة الأمريكية تطمئن الشعب بأن لا شيء خطير، وأنهم سيحاربون فيروس كورونا. ومن مجلس الشيوخ قال عضو لجنة الاستخبارات، ريتشارد بير، إنه لا خطر محدق، ولكن بينما كان يتحدث كان يصدر أوامر بيع لنسب ضخمة من أسهم يمتلكها، تراوحت قيمتها الإجمالية ما بين 628,000 دولار، 1.72 مليون دولار. تمت أوامر البيع في 33 معاملة منفصلة.

يترأس بير لجنة الاستخبارات، وهو عضو مجلس الشيوخ الجمهوري الممثل عن ولاية شمال كاليفورنيا. يحوز بير إمكانية الولوج لأكثر المعلومات سرية وحساسية حيال ما يهدد أمن الولايات المتحدة. تلقت لجنته ملخصات يومية حول انتشار فيروس كورونا، وفق القصة الإخبارية التي نشرتها رويترز.

تكمن أهمية تلك المعلومات في أن: سوق الأسهم بعد تلك الأوامر فقد أرباحه القوية المسجلة للسنوات الثلاث الماضية، وهبط مؤشر داو جونز أسفل مستوى 20,000 نقطة.

حصلت شبكة إن بي آر على تسجيل سري يعود لتاريخ 27 فبراير، قدم فيه بير سيناريو شديد القتامة لعدد من الشخصيات الهامة حيال تفشي الفيروس. وقدّم رؤية متشائمة للتأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا، تختلف اختلافًا تامًا عمّا قدمه للعامة.

ولا يعد بير أثرى أعضاء مجلس الشيوخ، فثروته لا تزيد عن 1.7 مليون دولار، مما يشير أن مبيعات شهر فبراير، شكلّت ثروته، ومنعته من خسائر فادحة، عانى منها أغلب الشعب، وما يزال.

وفق تقرير إن بي آر، قال بير للحضور في غداء عُقد بالكابيتول هيل: "أستطيع إخباركم شيء واحد: ينتشر الفيروس انتشارًا وحشيًا يفوق أي شيء في الذاكرة الحاضرة، وربما يرقى إلى وباء 1918."

حذّر من تسريح الشركات للموظفين، ومنع السفر، وإغلاق المدارس، وتحريك الجيش للتدخل في المستشفيات التي ستفيض بالمرضى.

نظّم الغداء تار هييل سيركيل، وهو نادي للأعمال والمنظمات بشمال كاليفورنيا، تصل العضوية فيه لـ 10,000 دولار، ويوفر للأعضاء "تفاعلات مع كبار القادة والأعضاء في الكونجرس، والإدارة، والقطاع الخاص.

أمّا ما قاله بير للعامة، فكان أهوّن كثيرًا. كتب في 7 فبراير مقالة افتتاحية بالاشتراك مع عضو مجلس شيوخ آخر، كانت عبارة عن رسالة طمأنة حيال "جاهزية الولايات المتحدة لملاقاة أي تهديدات للصحة العامة مثل فيروس كورونا."

وكتب: "أيًا ما كان حجم التفشي أو التهديد، فالكونجرس والحكومة الفيدرالية قادرة على رصد الفجوات في جهود التصدي، وتحسين قدرتها على الاستجابة."

كيف علمت الأسواق بشأن تلك المبيعات الضخمة؟

كان بير واحد من 3 أعضاء لمجلس الشيوخ ممن وقعوا على مشروع قانون يلزم المشرعين بألا يستخدموا أي من المعلومات التي لم تخرج للعامة بعد لمساعدة المتداولين. كما أقر الرئيس باراك أوباما مشروع قانون، يعرف بقانون الأسهم، خلال عام كان يطالب فيه بير بأن بتعديل قواعد التداول المطبقة على أعضاء الكونجرس.

عمد الموقع الصحفي بروبابليكا إلى مراجعة سجل مجلس الشيوخ، ليجد أن أوامر البيع في 13 فبراير كانت الأكبر في يوم واحد لبير خلال الـ 14 شهر الماضية.

وتضمنت الشركات ذات الانكشاف الأعلى على التباطؤ الاقتصادي. ففي شركة المنتجعات والفنادق Wyndham باع ما قيمته 150,000 دولار من الأسهم، وفقدت السلسة -والتي مقرها الولايات المتحدة- ثلثي قيمتها إلى الآن.

تمت المعاملات عبر حساب بير، أو حساب زوجته، أو حساب مشترك بينهما.

وليست تلك المرة الأولى التي يلاحظ فيها معاملات غريبة قبيل أوقات الأزمات، أو التغييرات القوية. فخلال الحرب التجارية التي استمرت لعامين كانت هناك ملاحظات غريبة.

على سبيل المثال، في 28 يونيو من العام الماضي، اشترى متداول أو مجموعة متداولين 420,000 من العقود الآجلة لصندوق تابع لمؤشر إس آند بي 500، في آخر 30 دقيقة من التداول. شكّلت تلك المعاملات 40% من حجم التداول لعقود سبتمبر الإلكترونية الصغيرة، مما جعلها أمر لا يمكن التغافل عنه. في هذا الوقت كان ترامب في أوساكا باليابان -بفارق 14 ساعة عن توقيت شيكاغو- في طريقه للاجتماع بالرئيس الصيني، تشي شين بينج كجزء من الاجتماعات على هامش قمة العشرين. خلال يوم السبت، بعد إغلاق البورصة في شيكاغو، أعلن ترامب وتشي عودة المحادثات حول الاتفاق التجاري. ليحظى سوق الأسهم بأوقاته الطيبة مرة أخرى كما اعتدنا خلال تقلبات العام الماضي.

ماذا حدث قبل هذا التاريخ، في يوم الخميس، 27 يونيو، وقف مؤشر إس آند بي 500 عند مستوى 2915، وفي غضون أسبوع حقق المؤشر ربحًا 84 نقطة، أو 4,200 دولار لكل عقد إلكتروني صغير.

أي أن من اشترى أو اشتروا تلك العقود في 28 يونيو، سجلوا ربحًا بقيمة 1.8 مليار دولار.

وفي تلك الأحداث، لم تكن تلك المعاملات والصفقات الكبيرة والغريبة بالبيع أو الشراء المسبق لأحداث ضخمة التأثير على السوق جديدة. فاعتادت الأسواق تقلب إس آند بي 500 السريع. ولكن ما يثير الاستغراب هنا، هو: دقة، وتوقيت التحرك، وكمية الأموال التي يجنيها أصحاب تلك الصفقات ذات التوقيت الممتاز. يدفع هذا للتساؤل، هل يعلم هؤلاء ما لا يعلمه السوق؟

فترامب معروف عنه إرباك الأسواق، لا يعلم أحد على وجه التحديد ما يقول. إذ يذكر ترامب الكلمة وعكسها في نفس الجملة. فرأيناه أثناء الحرب التجارية يقول مرارًا، تريد الصين اتفاقًا، ولا نريد نحن اتفاقًا، ونود التوصل لاتفاق. فلا يعلم أحد ماذا يفعل بتلك التصريحات، سوى الرد بتقلب عنيف للأسواق.

وعندما تلاعب ترامب بالسوق، تكون لتلك الأحاديث عوائد سياسية.

مثالًا، في نهاية أغسطس العام الماضي، كان ترامب يسعى يائسًا لإعادة بدء المحادثات، وتفاخر بعودة بكين لطاولة المفاوضات. فقال للمراسلين: "تلقينا اتصالين هاتفيين، جيدين جدًا جدًا."

عندها ارتفع السوق 900 نقطة خلال يومين. لكن بعدها قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية بأنه لم يعلم بأمر تلك المحادثات الهاتفية. وغرّد محرر الجلوبال تايمز، المملوكة للدول، بأن لا أحد يعلم بأمر تلك المحادثات، والصين لن تستسلم للضغط الأمريكي.

في آخر 10 دقائق من تداولات يوم الجمعة، لشهر أغسطس من العام الماضي، كانت الأسواق تتقلب بعنف مع توافد الأنباء السيئة، في تلك التحركات المأساوية اشترى شخص أو أشخاص 386,000 عقد إلكتروني. بعدها بأيام 3، خرج ترامب بأكاذيب استئناف المحادثات، ليقفز إس آند بي 80 نقطة. الربح المقدر لتلك الصفقة 1.5 مليار دولار.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image