تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى علي الافراد

تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى علي الافراد

مازالت هزات ما بعد زلزال تصويت البريطانيين لصالح خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي مستمرة. مسؤولون أوروبيون وصفوا الأمر بالطلاق المؤلم لكلا الطرفين، وشددوا مع هذا على سرعة إتمام إجراءاته، وعلى أن تطرح لندن تصورها لعلاقاتها المقبلة مع الاتحاد.

كيف سيؤثر البريكسيت على حياة البريطانين ؟
كانت جرينلاند هي الدولة الوحيدة التي انسحبت من الاتحاد الأوروبي أو من السوق الأوروبية المشتركة كما كانت تُعرف عام 1985.ويبدو أن سكان جرينلاند، بمن فيهم الاسكيمو، قد حققوا نجاحاً بخروجهم من  الاتحاد، إلا أن صادراتهم الوحيدة هي الأسماك.وبالتالي فهل يتوقع البريطانيون مكاسب مماثلة، أم ستتعرض مدخراتهم للتجمد الشديد.

تُعد قيمة الجنيه الاسترليني أهم الأدوات الاقتصادية في التنبؤ بالمستقبل المالي في بريطانيا وانخفضت قيمة الجنيه الاسترليني بقوة بعدما تبين أن بريطانيا في طريقها للانسحاب من الاتحاد الاوروبي، وخسر في أحد الأوقات نحو 10% من قيمته، ووصل إلى أقل مستوى له منذ 31 عاما.

ولكن ماذا يعني ذلك:
زيادة تكلفة شراء السلع والخدمات من الخارج  سيؤدي ذلك إلى زيادة التضخم و ستصبح السلع البريطانية التي تُباع للدول الأخرى أقل سعراً للمشترين.

ولكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للإنفاق الشخصي؟

لمواجهة مشكلة التضخم، فقد يلجأ بنك انجلترا إلى رفع الفائدة. ومن شأن ذلك زيادة تكلفة قروض الإسكان والقروض عموماً. وتتوقع وزارة الخزانة زيادة تكلفة القروض بما يتراوح بين 0.7% إلى 1.1% بالإضافة إلى التكلفة الحالية. وصرح رئيس الوزراء خلال حملته للتصويت بالبقاء داخل الاتحاد الاوروبي إن تكلفة قروض الإسكان قد تزداد بما يساوي 1000 جنيه استرليني في العام.
ومع زيادة تكلفة قروض الإسكان لملاك العقارات فمن المتوقع أيضا زيادة قيمة الإيجار ولكن بالمقابل، فإذا تعرض الاقتصاد البريطاني لهزات عنيفة، فقد يقرر بنك انجلترا خفض معدلات الفائدة، وهو ما يعني، في تلك الحالة، انخفاض تكلفة الاقتراض، أو قد يقرر البنك الابقاء على المستوى الحالي للفائدة.

اسعار العقارات:
حذر صندوق النقد الدولي من أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار العقارات وكان ذلك قائما على التوقع بارتفاع سعر الفائدة.أما وزارة الخزانة فقالت إن أسعار العقارات قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 10% و18% مقارنة بما كانت الأسعار ستصل إليه خلال العامين التاليين.
وقد يكون ذلك خبرا سارا للراغبين في الشراء لكنه ليس كذلك لملاك العقارات الحاليين

ويعتقد الاتحاد الوطني للوسطاء العقاريين أن أسعار العقارات في لندن يمكن أن تشهد تغيراً كبيراً، وأن تفقد في المتوسط نحو 7500 جنيه خلال الأعوام الثلاث المقبلة، مقارنة بما كانت ستصل إليه
ومن المتوقع أن يكون الانخفاض أقل في مناطق أخرى تصل إلى 2300 جنيه استرليني. لكن اتحاد الوسطاء يتوقع أن تواصل العقارات الارتفاع في جميع الحالات، ولكن بمعدل أقل، وليس إلى حد أن تفقد شيئا من قيمتها.

الأجور:

توقع العديد من الخبراء أن تؤدي الصدمة الاقتصادية للخروج من الاتحاد الأوروبي إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل في بريطانيا وتقدر وزارة الخزانة انخفاض إجمالي الأجور نسبة تتراوح بين 2.8% و 4% عندما تصل إلى حدها الأقصى، أي سيكون معدل انخفاض دخل الشخص العادي نحو 780 جنيها في العام لكن من المهم هنا ألا نغفل أن بريطانيا ستبقى عضوا في الاتحاد الأوروبي لمدة عامين على الأقل، وعادة ما يكون التنبؤ بالأداء الاقتصادي لمدة عامين – حتى في الظروف العادية – أمرا محفوفاً بالصعوبات.

مساعدات الضمان الاجتماعي:

إذا قبلنا بمبدأ انخفاض النمو الاقتصادي بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي على المدى القصير على الأقل  فهذا يعني انخفاض ما لدى الحكومة من أموال، ويخفض من قدرتها على تقديم مساعدات مالية وتشير تقديرات إلى انخفاض محتمل بمعدل يتراوح بين 28 مليار جنيه و22 مليار جنيه في عام 2019 – 2020.
ونظرا لأن ميزانية الرعاية الاجتماعية تصل إلى نحو 28 في المائة من الانفاق الحكومي، فمن المنطقي أن نتوقع قدرا معتبرا من التخفيضات، وتراجعا أكبر في الانفاق الحكومي على الإعفاءات الضريبية ومساعدات الضمان الاجتماعي. ويشير تقرير للمعهد الوطني للأبحاث الاجتماعية والاقتصادية إلى أن بعض الأسر قد تفقد ما يعادل 2771 جنيها في العام.
وفي الواقع فإن النمو الاقتصادي والانخفاض المتوقع في الميزانية سوف يتوقف إلى حد كبير على طبيعة الاتفاقات التجارية، وما إذا أصبحت المملكة المتحدة عضوا في منطقة التجارة الأوروبية وربما تقرر الحكومة عدم الالتزام بتعهدها السابق بشأن اصلاح الميزانية بشكل نهائي عام 2020، وهو ما يعرف باسم التفويض الاقتصادي. وسيوفر ذلك للحكومة مخرجاً للحفاظ على المساعدات الاجتماعية عند مستواها الحالي.

الضرائب:

قال وزير الخزانة البريطاني جورج اسبورن قبل أسبوع من الاستفتاء إن التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى رفع الضرائب أيضاً. وأضاف أسبورن أن هذا قد يشمل معدلات الضرائب الأساسية وضرائب التركات أيضاً لكن هذا أمر قد يكون من الصعب تحقيقه سياسياً إذ سيتناقض مع تعهد حكومة حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على الأقل. ويعتقد كثيرون أن الحكومة سوف تمدد فترة التقشف لتتجاوز عام 2020 ويقول معهد الدراسات المالية إنه قد تكون هناك حاجة لخفض الإنفاق لعامين آخرين.
وخلال حملة الاستفتاء، قال الداعون للخروج من الاتحاد إنهم يريدون التخلص من ضريبة القيمة المضافة المفروضة على وقود المنازل التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس من الواضح كيف ومتى يمكن تنفيذ ذلك.

معاشات التقاعد:

قال كاميرون خلال الحملة الانتخابية إن الخروج من الاتحاد يمثل تهديدا لمعاشات التقاعد وكان كاميرون يشير إلى اتفاق ينص على زيادة معاشات التقاعد  بالقدر الأعلى بين معدل زيادة الدخول، أو بمعدل التضخم، أو بمعدل 2.5 في المائة كل عام. وهذا بافتراض حدوث تراجع اقتصادي أو تراجع في الدخل القومي وإذا ما تراجع النمو الاقتصادي كثيرا، فإن بنك انجلترا ربما يقرر تمديد برنامج “التيسير الكمي” الذي يطرح فيه البنك المزيد من الأموال في الأسواق بدلا من خفض الفائدة. ومن شأن هذا انخفاض عائدات السندات، والفوائد السنوية عليها. وبالتالي سينخفض دخل من يحصل على معاشه سنوياً.
الاستثمار والمدخرات سيمثل أي ارتفاع في سعر الفائدة خبرا سعيدا لأصحاب المدخرات البنكية.
ولكن وزير الخزانة البريطاني قال، خلال الحملة التي سبقت التصويت، إن الأسهم البريطانية ستصبح أقل جاذبية للمستثمرين إذا خرجت بريطانيا من السوق الأوروبية، وستنخفض بالتالي قيمتها وليس هذا أمرا مؤكدا على المدى الطويل، فالأسهم ترتفع عادة مع تحقيق الشركات لمكاسب وقد يستفيد كبار المصدرين من تراجع الاسترليني وبالتالي تزداد أرباحهم وقيمة أسهمهم، بينما قد تتقلص فوائد المستوردين وقال المنتدى الاقتصادي المهم هارجريفز لانزداون إنه من المستحيل معرفة العواقب الاقتصادية بعيدة المدى للخروج من الاتحاد الأوروبي.

السفر والعطلات:

سيؤدي انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني إلى ارتفاع تكلفة الرحلات إلى خارج بريطانيا حيث يتعين على البريطانيين دفع تكاليف الاقامة بعملات أخرى انخفض أمامها الاسترليني وقال ديفيد كاميرون خلال حملة الاستفتاء إن تكلفة رحلة لأربعة أشخاص لثمان ليال سوف تزداد بما يعادل 230 جنيهاً نتيجة انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني. إلا أن تكلفة الطيران ستتوقف على شركة الطيران وعلى ما إذا سيتم تقدير السعر بالجنيه أم بعملات أخري.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image