لاجارد تحث نواب الاتحاد الأوروبي على الإسراع في تشريع اليورو الرقمي

حثت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد يوم الإثنين نواب البرلمان الأوروبي على تسريع إقرار التشريعات الداعمة لإطلاق اليورو الرقمي، مؤكدة أن المشروع يُعدّ عنصرًا أساسيًا في الاستقلال المالي لأوروبا، ومُحذّرة من مخاطر العملات الرقمية المستقرة التي تصدرها جهات خاصة.
وقالت لاجارد خلال جلسة استماع أمام لجنة في البرلمان الأوروبي: "يجب سنّ إطار تشريعي يمهّد الطريق للإطلاق المحتمل لليورو الرقمي بسرعة، من فضلكم."
ويعمل البنك المركزي الأوروبي منذ سنوات على تطوير نسخة رقمية من العملة الموحدة، تُشبه "محفظة إلكترونية"، لكنه لا يستطيع المضي قدمًا في تنفيذ المشروع دون موافقة البرلمان الأوروبي، الذي لم يتحرك بالسرعة المطلوبة بسبب مقاومة بعض النواب.
عقبات تشريعية وتأخير منذ 2023
كانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت تشريعًا بشأن اليورو الرقمي في يونيو 2023، لكن منذ ذلك الحين لم يحدث تقدم يُذكر. وفي حال وافق البرلمان على القانون المطلوب، فإن مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يأمل في التصويت على الإطلاق الرسمي للعملة الرقمية خريف هذا العام.
ومع ذلك، أبدى ممثلون عن أربعة من الكتل السياسية الثماني المكوّنة للبرلمان الأوروبي شكوكًا بعد انقطاع مؤقت في نظام المدفوعات الخاص بالبنك المركزي الأوروبي في وقت سابق هذا العام، ما أثار تساؤلات حول قدرة البنك على تنفيذ مشروع معقد كهذا.
اليورو الرقمي: كيف سيعمل؟
وفق تصميم البنك المركزي الأوروبي، سيكون اليورو الرقمي متاحًا لجميع سكان منطقة اليورو، على الأرجح ضمن حد أقصى يبلغ 3000 يورو لكل مستخدم.
وسيكون مضمونًا ومدعومًا بالكامل من البنك المركزي، لكن توزيعه سيتم من خلال البنوك التجارية ومشغلي المحافظ الإلكترونية.
معارضة البنوك التجارية وتكاليف مرتفعة
القطاع المصرفي الأوروبي يُبدي تشكيكًا وتحفظًا كبيرين على المشروع، إذ يخشى من أن يقوم العملاء بتحويل أموالهم إلى محافظ رقمية تابعة للبنك المركزي، ما قد يؤدي إلى نزيف في الودائع البنكية التقليدية.
وأظهرت دراسة أجرتها شركة المحاسبة PwC لصالح عدد من مؤسسات القطاع المصرفي أن إطلاق اليورو الرقمي قد يُكلّف البنوك ما بين 18 و30 مليار يورو، تتوزع بين نفقات فنية وتجارية وتشغيلية.
الرد على هيمنة العملات المستقرة بالدولار
عرضت لاجارد المشروع كجزء من مواجهة التوجه الأميركي الجديد بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الذي يدفع نحو توسيع استخدام العملات الرقمية المستقرة، وهي عملات رقمية تُربط غالبًا بالدولار الأميركي.
واعتبرت لاجارد أن العملات المستقرة تُشكّل "مخاطر على السياسة النقدية والاستقرار المالي"، لأنها تجذب الودائع بعيدًا عن النظام المصرفي، ولا تحافظ دائمًا على قيمتها المربوطة كما يفترض.
وأشارت إلى الانهيار الشهير لعملة TerraUSD في مايو 2022، والتي فقدت ارتباطها بالدولار وأدت إلى انهيار كبير في سوق العملات المشفرة، مع إفلاس العديد من الشركات.
دعوة لتشريعات عالمية موحدة
حذّرت لاجارد من غياب التنظيم العالمي للعملات المستقرة، مشيرة إلى أن الجهة المُصدرة لأكبر عملة مستقرة حاليًا، وهي Tether، تتخذ من السلفادور مقرًا لها، وهي دولة "لا تملك أي إطار رقابي موثوق لهذا النوع من المنتجات".
وقالت: "هذا النهج المجزأ يمنع وجود تكافؤ عالمي في المنافسة، وقد يفتح الباب أمام مخاطر ونقاط ضعف نظامية جديدة."
وأضافت: "علينا أن نظل يقظين تجاه التطورات في ولايات قضائية أخرى، وأن ندعو إلى وضع تنظيمات متوافقة عالميًا للعملات المستقرة."
بهذا، يتزايد الضغط على البرلمان الأوروبي لإعطاء الضوء الأخضر للمشروع الرقمي الأوروبي، في وقتٍ تتصاعد فيه التحديات الجيوسياسية والتنافس التكنولوجي العالمي على مستقبل النظام المالي.