رغم ضغوط ترامب... الفيدرالي الأمريكي قد يُفضل التريث في خفض الفائدة!

يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، في وقت تتزايد فيه توقعات المستثمرين بشأن توجهات السياسة النقدية، وسط بيانات اقتصادية متباينة ومخاطر جيوسياسية وتجارية قائمة.
وقد ساهمت قراءات التضخم الأخيرة الأقل من المتوقع، إلى جانب تباطؤ نمو الوظائف، في دعم الرهانات على استئناف خفض الفائدة قريبًا، رغم دعوة الرئيس دونالد ترامب لخفض فوري بمقدار نقطة مئوية كاملة.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه المستثمرون خفضًا تدريجيًا للفائدة، تُشير التقديرات الحالية إلى احتمال خفضين من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال العام الجاري، مع ميل بعض التوقعات لخفض ثالث في حال استمر الضعف في النشاط الاقتصادي. ورغم تثبيت معدل البطالة عند 4.2%، فإن مؤشرات تباطؤ الطلب وتراجع الزخم في مبيعات التجزئة تثير قلق صناع السياسة النقدية، الذين يسعون لتحقيق توازن دقيق بين احتواء التضخم ودعم النمو.
أما المخاوف المرتبطة بالسياسات التجارية، خاصة الرسوم الجمركية التي أعاد ترامب تفعيلها منذ توليه المنصب، فلا تزال تؤثر في توقعات الفيدرالي الأمريكي. إذ يخشى المسؤولون من أن تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، بما ينعكس سلبًا على الأسعار والنمو. ورغم ذلك، لم تظهر هذه التأثيرات بوضوح في البيانات بعد، ما يعزز منطق التريث في اتخاذ قرارات جديدة حتى تتضح معالم تأثيرها الفعلي على الاقتصاد.
من جهة أخرى، تشير التوقعات المحدثة إلى أن الفيدرالي الأمريكي قد يتجه لخفض وحيد هذا العام، مدفوعًا بتباطؤ التضخم، لكنه سيُبقي على حذره بسبب استمرار حالة عدم اليقين التي تُثقل كاهل الشركات والأسر. وتُظهر العقود الآجلة للأسواق أن احتمالات خفض الفائدة أصبحت مرجحة بدرجة أكبر بعد بيانات التضخم الأخيرة، في حين يرى بعض الاقتصاديين أن الطريق بات ممهّدًا أمام خفض تدريجي يبدأ في سبتمبر ويستمر حتى 2026، مدفوعًا بتراجع الطلب المحلي.
ويرى محللو سيتي أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع محدود في أسعار بعض السلع، لكن التباطؤ العميق في تضخم الخدمات الأساسية سيجعل هذا التأثير مؤقتًا. وأضافوا أن الأسواق لم تستوعب بعد أن ضعف الطلب سيقود إلى تضخم أقل وبطالة أعلى، مما يُمهّد الطريق أمام دورة تخفيف نقدي أسرع مما يتوقعه كثيرون.
وفي ظل هذا المشهد الضبابي، تتوجه الأنظار إلى تقرير مبيعات التجزئة لشهر مايو المنتظر صدوره قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي المرتقب، والذي قد يحمل مؤشرات حاسمة بشأن مسار السياسة النقدية للفترة المقبلة.