بيل غيتس يتبرع بثروته البالغة 107 مليارات دولار لمؤسسته الخيرية ويعلن إغلاقها بحلول عام 2045

أعلن الملياردير والفاعل الخيري بيل غيتس عزمه التبرع تقريبًا بكامل ثروته المتبقية، المقدرة حاليًا بـ107 مليار دولار، لصالح مؤسسة بيل وميليندا غيتس، مع خطة لإغلاق المؤسسة بحلول عام 2045.
بهذه الخطوة التاريخية، ينضم غيتس إلى قائمة أكثر المتبرعين سخاءً في التاريخ، ليحتل بذلك المرتبة الثانية بعد صديقه ورفيق دربه وارن بافيت، الذي تعهد هو الآخر بتقديم معظم ثروته للأعمال الخيرية.
من المقرر توزيع هذه التبرعات على مدى السنوات المقبلة، ما سيمكن المؤسسة من ضخ نحو 200 مليار دولار إضافية في مبادراتها الصحية العالمية ومشروعات التعليم في الولايات المتحدة خلال العقدين القادمين.
وقال غيتس في مقابلة: "من المثير أن أمتلك هذا القدر من الموارد لأخصصه لهذه القضايا".
هذا الالتزام لا يضمن فقط استمرار دعم القضايا الحيوية، بل يحدد أيضًا نقطة نهاية واضحة لتأثير المؤسسة الواسع على مستوى العالم. ويرى غيتس أن هذا النهج يعظم الأثر الفوري للتبرعات، محدثًا تأثيرات إيجابية تمتد لما بعد عمر المؤسسة. وأضاف: "أعتقد أن عشرين عامًا تمثل التوازن الصحيح بين تقديم أقصى ما يمكن لتحقيق التقدم، ومنح الناس مهلة كافية لمعرفة أن هذه الأموال ستختفي لاحقًا".
وعلى مدار 25 عامًا، أنفقت المؤسسة أكثر من 100 مليار دولار، وأسهمت في توجيه البحث العلمي، وتطوير تقنيات جديدة، وبناء شراكات طويلة الأمد مع حكومات وشركات. ويعود نحو 41% من تمويل المؤسسة إلى تبرعات وارن بافيت، بينما يأتي الباقي من ثروة غيتس التي جناها من شركة مايكروسوفت.
تأسست المؤسسة عام 2000 على يد بيل غيتس وزوجته السابقة ميليندا فرينش غيتس، ولعبت دورًا محوريًا في صياغة سياسات الصحة العالمية، وتميزت بنهجها في التعاون مع شركات لتقليل كلفة العلاجات، ما جعلها في متناول الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وقال غيتس إن عمل المؤسسة كان "أكثر تأثيرًا مما توقعت"، واصفًا إياه بـ"مهنتي الثانية والأخيرة".
وبرغم النجاحات، تعرضت المؤسسة لانتقادات وتساؤلات حول مدى ملاءمة امتلاك عائلة ثرية لتأثير كبير على أولويات الصحة العالمية والتعامل مع الأزمات. ورد غيتس على هذه الانتقادات قائلًا: "كأي مواطن، لي الحق في اختيار كيفية إنفاق أموالي، وقد قررت أن أفعل كل ما بوسعي لتقليل وفيات الأطفال. هل هذا أمر سيئ؟ هل ليس بقضية مهمة؟ يمكن للناس انتقاده، لكننا سنواصل عملنا في الصحة العالمية".
الجدير بالذكر أن وكالة أسوشيتد برس تتلقى دعمًا ماليًا لتغطية أخبار أفريقيا من مؤسسة غيتس، كما تموّل ميليندا غيتس، من خلال مؤسستها "بيفوتال فنتشرز"، تغطية أخبار النساء في سوق العمل والمجالس التشريعية.
وتفخر المؤسسة بتحقيق انخفاض بنحو النصف في وفيات الأطفال الناتجة عن أسباب يمكن الوقاية منها، بين عامي 2000 و2020، حسب بيانات الأمم المتحدة. ورغم أن المؤسسة لا تنسب الفضل لنفسها، يؤكد مديرها التنفيذي مارك سوزمان أن دورها كان "تحفيزيًا"، خصوصًا في دعم التحصين من خلال تحالف "غافي" الذي ساعدت في تأسيسه.
ولا تزال المؤسسة تضع نصب أعينها أهدافًا كبرى، من بينها القضاء على شلل الأطفال، ومكافحة أمراض فتاكة أخرى مثل الملاريا، وتقليص معدلات سوء التغذية.
ويأمل غيتس أن تؤدي استثماراته الراهنة في هذه القضايا إلى تحرير جهود المتبرعين الأثرياء في المستقبل للتصدي لمشكلات أخرى.
وكانت المؤسسة قد خططت في السابق لإنهاء عملها بعد 20 عامًا من وفاة غيتس، لكن الإعلان الجديد يسرّع هذا الجدول الزمني بشكل كبير. ورغم أن غيتس، البالغ من العمر 69 عامًا، يعتزم مواصلة انخراطه، إلا أنه أقر بإمكانية فقدانه السيطرة على المؤسسة في المستقبل.
ومن المقرر أن تحافظ المؤسسة خلال العقدين المقبلين على ميزانية سنوية تقارب 9 مليارات دولار، ما يمثل استقرارًا بعد سنوات من النمو شبه السنوي منذ بدء تبرعات بافيت عام 2006.
وقال سوزمان إن تحديد هذا الأفق الزمني مع الموارد الضخمة المتاحة يزيد من أهمية اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر تركيزًا: "هذا يفرض علينا مسؤولية أكبر لنضع مواردنا في أكثر الرهانات الواعدة، بدلًا من تبديدها في اتجاهات متفرقة"، مشيرًا إلى أن ذلك يثير حالة من عدم اليقين داخل المؤسسة بشأن البرامج التي ستستمر.