الدولار في مأزق قبيل قرارات الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة! السيناريو المتوقع!

الدولار في مأزق قبيل قرارات الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة! السيناريو المتوقع!
سيناريو متوقع الفيدرالي الأمريكي

ستتابع أسواق العملات وبخاصة متداولي الدولار باهتمام كبير صدور قرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة بشأن السياسة النقدية والتوقعات الاقتصادية الصادرة عن البنك، والتي سيعقبها المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، جيروم باول، للتعليق على هذه القرارات، نظرا لأنها سيكون لها تأثير قوي على تحركات الأسواق المالية العالمية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال فبراير الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بإبطاء وتيرة رفع الفائدة خلال اجتماع الأول من فبراير، وعلى رأسها بيانات التضخم.

وفي هذا السياق، أظهرت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، تباين أداء التضخم الأمريكي خلال فبراير الماضي، فعلى أساس سنوي، انخفض مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي على أساس سنوي إلى 6.0% في فبراير، بما يتطابق مع توقعات الأسواق، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نحو 6.4% خلال يناير الماضي. وكذلك، أوضحت البيانات ارتفاع التضخم الأمريكي الأساسي إلى 5.5% على أساس سنوي بنهاية فبراير الماضي، بما يتطابق مع توقعات الأسواق، وكانت القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نموا بنسبة 5.6% خلال يناير الماضي.

ولقد شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي تباينا ملحوظا، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 311 ألف وظيفة، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاع المؤشر بنحو 224 ألف وظيفة. وعلى الجانب الاَخر، ارتفعت البطالة الأمريكية إلى مستوى 3.6% خلال نفس الفترة، وكانت التوقعات والقراءة السابقة قد أشارت إلى استقرار المؤشر عند مستوى 3.4% أيضا. 

بالإضافة إلى ذلك، ارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 0.2% خلال فبراير الماضي، بأقل من توقعات الأسواق والتي أشارت إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 0.3%، وكانت القراءة السابقة قد سجلت نمو الأجور بنحو 0.3% خلال يناير الماضي. وبالتالي، فإن هدوء ضغوط التضخم وتباطؤ سوق العمل وبخاصة بعد ارتفاع البطالة، سيزيد الضغوط على الفيدرالي الأمريكي للاستمرار في إبطاء وتيرة التشديد النقدي خلال هذا الاجتماع.

هل تدعم بيانات سوق العمل الأمريكي قرار الفيدرالي برفع الفائدة بقوة!

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:

اتسمت نبرة تصريحات الكثير من أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية بالحذر، وفي هذا الإطار، صرح محافظ الفيدرالي الأمريكي ، جيروم باول، أمام شهادته في الكونجرس الأمريكي بأنه إذا كان إجمالي البيانات الواردة يشير إلى أن هناك ما يبرر تشديد أسرع، فنحن على استعداد لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة، مضيفا بأن 
المستوى النهائي لأسعار الفائدة من المرجح أن يكون أعلى مما كان متوقعا في السابق، وأنهم سيواصلون اتخاذ قراراتنا بالاجتماع، بناءا على مجمل البيانات الواردة والآثار المترتبة على توقعات النمو والتضخم.

وأيضا، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، اليوم الأربعاء، بأنه يؤيد رفع الفائدة الأمريكية لتتراوح بين مستويات 5.00% إلى 5.25% وأن يظل عند هذا المستوى المرتفع حتى عام 2024. وتابع بوستيك بأن هناك بعض المطالبات بألا يذهب الفيدرالي الأمريكي بعيدا فيما يتعلق برفع سعر الفائدة حتى لا يتسبب في صعوبات اقتصادية صعبة، ولكن التاريخ يعلمنا بأنه إذا تم تخفيف السياسة النقدية قبل كبح التضخم المرتفع، فمن الممكن أن يرتفع التضخم من جديد.

عضو الفيدرالي الأمريكي: النظام المصرفي الأمريكي لا يزال مرنا

ثالثا: ما هي توقعات البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟

تشير معظم التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيقوم برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس فقط هذا الاجتماع في ظل تباطؤ ضغوط التضخم الأمريكية مؤخرا وارتفاع البطالة الأمريكية، وفي هذا السياق، أوضح كيت جوكس، كبير استراتيجيي الفوركس على المستوى العالمي لدى بنك سوسيتيه جنرال، في مذكرة، أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقوم بالمزيد لمكافحة التضخم المرتفع وما يستدعي من استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، معلقا بأنه في مرحلة ما سنشهد رياحا معاكسة. وفي هذا الأمر، تابع الخبير الاقتصادي بأن البنك الفيدرالي الأمريكي لا يزال أقرب إلى نهاية دورة التشديد النقدي مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى والتي اعتزمت النهج نفسه، وعلى رأسهم البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، حتى ولو استمر الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة لأبعد من ذلك.

وأيضا، في مذكرة نشرها بنك جي بي مورجان ، أوضح المحللون أنهم يتوقعون أن يواصل الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس بالاجتماع القادم للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، بينما رأي بنك مورجان ستانلي، بأن الفيدرالي الأمريكي قد يعلق رفع الفائدة في مارس، ليستأنف بعد ذلك رفعها مرة أخرى باجتماع مايو.

جولدمان ساكس يتوقع وقف الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة لهذا السبب!

محمد العريان يدعو الفيدرالي لغض الطرف عن أزمة الاستقرار المالي ورفع الفائدة!

رابعا: أزمة البنوك الأمريكية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:

تعرضت بعض البنوك الأمريكية إلى أزمة وانهيارات قوية خلال الفترة القليلة الماضية وعلى رأسها بنك سيليكون فالي بنك، وسيلفرجيت بنك، وهو ما أثار المخاوف العالمية حيال إندلاع أزمة مالية عالمية وبخاصة بعدما تعرض بنك كريدي سويس السويسري والذي يعتبر من أكبر المصارف عالميا وتدخل السلطات السويسرية لإنقاذه للحيلولة دون حدوث أزمة مالية عالمية جديدة على غرار ما حدث في عام 2008.

وفي هذا السياق، وفي ضوء إجراءات الفيدرالي الأمريكي للسيطرة على أزمة المصارف الأمريكية، نشرت وكالة بلومبرج تقريرا نقلا عن بعض مصادرها المطلعة على الأمر، أشارت فيه إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة يدرسان طرقا لتوسيع نطاق الضمانات الفيدرالية ، مؤقتا ، على جميع الودائع المصرفية، في حالة تفاقم الأزمة بالقطاع المصرفي، ووأوضحت الوكالة بأن الفيدرالي الأمريكي والخزانة يدرسان إمكانية منح المنظمين بالمؤسسة الفيدرالية التأمين على الودائع FDIC سلطة الطوارئ لتوسيع تغطية التأمين على الودائع الفيدرالية بشكل مؤقت أعلى سقفها المحدد عند 250 ألف دولار، دون الحاجة إلى موافقة من الكونجرس.

تقرير: الفيدرالي الأمريكي يدرس توفير ضمانات غير محدودة على الودائع

خامسا: السيناريو المتوقع لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:

في ضوء ما تم ذكره أعلاه، فإن سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي تتمثل في سيناريوهين أساسيين، السيناريو الأول، يتمثل في قيام البنك الاحتياطي برفع الفائدة بنسبة 0.25% في هذا الاجتماع، ولكن بيان الفائدة، والتوقعات الصادرة عن البنك، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك، قد يتضمن التأكيد على ضرورة الاستمرار في رفع الفائدة لكبح التضخم المرتفع، ثم قد يلمح الفيدرالي الأمريكي بالاستمرار في رفع الفائدة وبوتيرة بطيئة خلال الفترة المقبلة، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير إيجابي على الدولار ، وعلى النقيض، قد ينخفض كل من الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.

بينما السيناريو الثاني، هو قيام الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير في ظل مخاوف تأثير رفع الفائدة من تعميق أزمة البنوك الأمريكية خلال الفترة المقبلة، والحديث عن ضرورة الإبقاء على الفائدة لفترة من الوقت لتجاوز هذه الأزمة، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يكون له تأثير سلبي على مؤشر الدولار وعلى العكس سيرتفع الذهب والعملات الرقمية.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image