المملكة تقود الخليج للحصول على 100 مليار دولار وأكثر، ماذا يحدث؟

المملكة تقود الخليج للحصول على 100 مليار دولار وأكثر، ماذا يحدث؟

لا شك أن اقتصاد المملكة العربية السعودية يعد من الأكبر عالميا، حيث تأتي الممكلة بين أكبر 20 اقتصاد في العالم .

وكما عهد العالم دول الخليج وعلى رأسهم المملكة في كونهم من أكبر المانحين الدوليين، لكن هل تبدلت الأوضاع لتمنح المؤسسات والبنوك العالمية ثقتها في اقتصادات المنطقة.

يبدو أن هذا ما قد حدث ويحدث خلال السنوات الأخيرة ، ويتضح ذلك جليا من ثقة المؤسسات الدولية في إصدارات الديون السيادية لدول المنطقة بقيادة السعودية

فالولايات المتحدة الأمريكية أقوى اقتصادات العالم قاطبة، سجلت معدل إصدار سندات تجاوزت قيمته الـ7 ترليونات دولار، وهذا كونها الأكثر موثوقية على مستوى العالم.

100 مليار دولار

تواصل وتيرة إصدار أدوات الدين الإقليمية قوتها منذ بداية العام، والمتوقع أن تتجاوز 100 مليار دولار للعام بأكمله.

وذلك نتيجة لتزايد الاحتياجات التمويلية في ظل تصاعد الضغوط المالية الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي بسبب انخفاض أسعار النفط وتفشي الجائحة.

 هذا إلى جانب الانخفاض النسبي في تكلفة التمويل. وقد تم إصدار سندات وصكوك مقومة بالدولار والعملات المحلية بقيمة تصل إلى حوالي 35 مليار دولار في الربع الثالث من العام 2020.

 لترتفع بذلك قيمة الإصدارات الخليجية منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه إلى 98 مليار دولار أمريكي، بما أدى إلى ارتفاع إجمالي أدوات الدين القائمة في الدول الخليجية إلى مستوى قياسي بلغ 579 مليار دولار.

وانخفضت عائدات السندات الخليجية - التي تخضع عادة لديناميكيات مختلفة وتحمل المزيد من المخاطر مقارنة بالدول المتقدمة (SE:2330) - في ظل التحسن الطفيف الذي شهدته البيئة الاقتصادية.

إلا أن الاقبال الكبير من جانب المستثمرين على اقتناء السندات الخليجية وخاصة السعودية تزامنا مع بوادر التحسن الاقتصادي حتى في ظل تدني أسعار النفط، فقد ساهم ذلك في هبوط العائد على تلك الاصدارات.

مستوى قياسي

ومع التزايد الذي شهدناه هذا العام حتى الآن في وتيرة إصدارات السندات الخليجية، نرى أن المنطقة في طريقها للوصول إلى مستوى قياسي من الديون في عام 2020 .

وذلك في ظل سعي الحكومات إلى تمويل العجز المتزايد والناجم عن الجائحة بالتزامن مع تراجع أسعار النفط. 

وقد بلغ إجمالي إصدارات السندات (بالعملات المحلية وبالدولار) 35 مليار دولار في الربع الثالث من العام 2020، بصدارة السعودية.

 مما دفع إجمالي إصدارات العام الحالي للارتفاع إلى حوالي 98 مليار دولار ووصول إجمالي قيمة الديون المستحقة على مستوى دول المنطقة إلى 579 مليار دولار.

العائد 

وواصلت عائدات السندات الخليجية السيادية متوسطة الأجل اتجاهها الهبوطي في الربع الثالث من العام 2020.

 ويأتي ذلك في أعقاب ارتفاع العائدات مع بداية انتشار الجائحة (أبريل/مايو) .

مما يعكس ارتفاع المخاطر المتوقعة للحكومات الخليجية تحت ضغط الصدمات المزدوجة لانتشار الجائحة بالتزامن مع التراجع التاريخي لأسعار النفط.

 وقد ساهم تحسن المشهد الاقتصادي في تراجع عائدات السندات خاصة بعد رفع القيود وتحسن أسعار النفط إلى حد ما.

 مما أدى إلى تعزيز الثقة وتخفيف الضغوط على الأوضاع المالية الضعيفة بسبب انخفاض أسعار النفط وضعف النشاط التجاري الناجم عن تدابير الإغلاق. 

الإقبال

و يستمر الطلب القوي من المستثمرين في الضغط سلباً على العائدات.

 وقد ظهر ذلك بشكل واضح في نمو إصدارات أدوات الدين على مستوى المنطقة خلال الربع الثالث من العام الحالي والتي لاقت إقبالاً جيدًا.

 وكانت عائدات السندات الصادرة عن قطر وأبو ظبي والسعودية والكويت قد انخفضت بمقدار 28 و28 و19 و17 نقطة أساس على التوالي. 

وفي المقابل، ارتفعت عائدات السندات متوسطة الأجل في عمان والبحرين حيث قام المستثمرون بتسعير المخاطر المرتفعة لهاتين الدولتين .

وذلك بعد خفض تصنيفاتها الائتمانية ونتيجة لارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والضغط على الاحتياطيات الأجنبية وتوقعات تباطؤ التعافي الاقتصادي والحاجة الملحة للإصلاحات المالية. 

إذ ارتفعت عائدات السندات السيادية لسلطنة عمان والبحرين بمقدار 44 و32 نقطة أساس على التوالي في الربع الثالث من العام 2020.

 وليواصل عائد السندات السيادية لعمان الارتفاع في أكتوبر بعد خفض تصنيفها الائتماني السيادي للمرة الثانية خلال العام الحالي من قبل وكالات التصنيف العالمية.

الرؤى

أما بالنسبة للتوقعات المستقبلية، من المتوقع أن تواصل تحركات عائدات السندات الخليجية تأثرها بمدى استقرار سوق النفط .

وكذلك وتيرة التعافي الاقتصادي ودرجة السيطرة على الجائحة، حيث سيساهم التحسن المستمر في النشاط الاقتصادي واستقرار سوق النفط في الحفاظ على انخفاض العائدات.

ويتوقع أن يستمر الطلب القوي من المستثمرين (بالنظر إلى البدائل العالمية ذات العائد المنخفض نسبيًا).

 وهو الأمر الذي من شأنه الإبقاء على انخفاض مستويات العائدات. 

ومن جهة أخرى، فإن عودة تفشي حالات الاصابة بالفيروس وإمكانية تجديد عمليات الإغلاق سيؤثر سلباً على التعافي الاقتصادي ويزيد الضغط على الأوضاع المالية وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع العائدات. 

وفي حالة بقاء أسعار النفط دون مستوى اللازم لتسجيل تعادل في الميزانيات المالية للدول الخليجية، فمن المرجح أن تظل الإصدارات قوية لبعض الوقت لتمويل العجز مما يحافظ على ارتفاع مستويات العرض ويدفع بالعائدات إلى الارتفاع.

المملكة

وكانت الصكوك السيادية السعودية من أبرز الإصدارات الخليجية خلال الربع الثالث من العام 2020.

 إذ بلغت قيمتها الإجمالية 17.4 مليار دولار لتساهم بذلك بالنصيب الأكبر من الإصدارات الخليجية في تلك الفترة. 

وتشمل أبرز السندات التي قامت الدول الخليجية الأخرى بطرحها، اصدار الامارات لسندات سيادية بقيمة اجمالية وصلت إلى 4 مليارات دولار في يوليو وسبتمبر.

 وإصدار سلطنة عمان في أكتوبر الماضي شريحتين من السندات الدولية بقيمة 2 مليار دولار لفترة استحقاق 7 سنوات و12 سنة. 

مستقبل

ومستقبلياً، نتوقع أن تظل إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي قوية.

حيث من المرجح أن تظل أسعار النفط دون الأسعار التي تؤمن التعادل في الميزانيات المالية للدول الخليجية.

 كما أن النشاط الاقتصادي قد يستغرق وقتاً أطول للتعافي بالكامل، بينما من المستبعد أن يشهد الانفاق الحكومي تراجعاً جوهرياً. 

أما في الكويت، فمن شأن إصدار قانون للدين العام لتمويل العجز الكبير للموازنة الحكومية أن يمهد الطريق لاستئناف إصدارات أدوات الدين في الفترة المقبلة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image