الاقتصاد التركي يعاني الركود لأول مرة منذ عشر سنوات

الاقتصاد التركي يعاني الركود لأول مرة منذ عشر سنوات
دولة تركيا

يعاني الاقتصاد التركي من أول ركود له منذ ما يقرب من عشرة أعوام، الأمر الذي يضع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مأزق في الوقت الذي تستعد فيه البلاد للانتخابات الرئيسية القادمة، فقد أظهرت التعديلات الموسمية التي صدرت اليوم انخفاض الناتج المحلي الإجمالي التركي بنسبة 2.4% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من 2018 فيما كان سجل انخفاضاً قدره 1.6% خلال الربع الأسبق، فيما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3% على أساس سنوي، بينما كان من المتوقع أن ينخفض بنسبة 2.5% وانخفاضاً قدره 2.4% على أساس ربع سنوي.

هذا وقد ساهم التحفيز النقدي العالمي في زيادة التدفق الإئتماني إلى الشركات التركية بأكثر من الضعف خلال السنوات العشر السابقة، ولكن كما يبدو قد توقفت وتيرة النمو المتواصلة لأكثر من 10 سنوات منذ عام 2009 بمعدل نمو يقرب من 7% على أساس ربع سنوي، جاء ذلك التوقف تأثراً بانهيار العملة، بالإضافة إلى التوترات السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

فيما تزايد قلق المستثمرين بشأن صعوبة تعافي الاقتصاد التركي، خاصة عندما يتوقف تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى تركيا في الوقت الذي تبدأ فيها الأسر والشركات بسداد الديون، هذا وقد انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من ما يزيد قليلاً عن 10,000 دولاراً في 2017 إلى 9,632 دولاراً، حينما سجل الناتج المحلي الاجمالي نمواً نسبته 2.6%.

 فيما أفاد أحد خبراء الاقتصاد أنه على عكس ماحدث سابقاً من تعافي اقتصادي سريع في تركيا، فإن المخاطر تتزايد بشأن تباطؤ التعافي الاقتصادي هذه المرة، فقد يواجه الاقتصادي التركي بأكمله ضغوطاً للتخلص من الديون. وقد تراجعت الليرة التركية بنسبة 0.5% عقب إصدار تلك البيانات ليتم تداولها عند المستوى 5.4590 أمام الدولار، لتمثل ثالث أسوأ أداء في الاسواق الناشئة هذا العام، هذا وقد سجلت خسائر قدرها 3% أمام الدولار الأمريكي.

ويأتي تراجع النمو التركي في وقت حرج للرئيس أردوغان، والذي قد تولى رئاسة الوزراة في 2003، والذي يستعد لإجراء أول اختبار له داخل صندوق الاقتراع، منذ أن قام بتدشين النظام الرئاسي وتوليه سلطات تنفيذية موسعة العام الماضي، هذا ومن غير المقرر أن تجري تركيا انتخابات أخرى لمدة أربع سنوات بعد تصويت 31 مارس.

وفي محاولات لاستئناف النمو، قامت الحكومة التركية بزيادة ائتمان البنوك الوطنية، مما ساهم في زيادة الاقراض السنوي خلال الشهر الماضي، للمرة الأولى منذ أغسطس الماضي، فقد أعادت رسملة ثلاثة من أكبر البنوك من خلال بيع السندات  إلى صندوق إعانات البطالة وتعمل على المزيد من الخطط لزيادة رأس مال البنوك المملوكة للدولة.

قد تظل توقعات النمو خلال النصف الأول من العام الحالي سلبية، متبوعة بانخفاض في النمو خلال العام 2019 بأكمله، مما سيؤدي إلى متوسط نمو أقل من 3% التي سجلها العام الماضي. ويجدر الإشارة إلى أن إبقاء البنك المركزي التركي على معدلات فائدة مرتفعة لاستقرار الليرة والسيطرة على معدلات التضخم، قد ساهم في عدم كفاءة الائتمان المصرفي، المحرك الرئيسي للاقتصاد التركي، الأمر الذي أدى إلى تقلص الائتمان المصرفي الحقيقي بنسبة 7.2% على أساس ربعي خلال الربع الأخير من العام الماضي.

وبالإضافة إلى إجمالي الديون بقيمة 121% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن نسبة القروض المتعثرة قد ترتفع إلى 7% هذا العام من 4%، وفقا لتقرير أصدره بنك مورجان ستانلي الشهر الماضي. فيما وضع البنك الدولي في ديسمبر نسبة القروض المتعثرة للبنك المركزي التركي عند ما يقرب من 13%، فيما تُوج الانتاج الصناعي لعام 2018 بأكبر انخفاض له منذ تسع سنوات، في حين اقتربت الثقة الاقتصادية من أدنى مستوياتها منذ أزمة 2009، جدير بالذكر أن كبرى الشركات التركية قد أكملت ما يقرب من 24 مليار دولار من قروض إعادة الهيكلة. وختاماً، يتوقع خبراء الاقتصاد أن يتعافى الاقتصاد التركي ولكن بوتيرة أبطأ من المرات السابقة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image