نظرة على قرارات الاحتياطي النيوزلندي الأخيرة وتأثيرها على العملة

على عكس التوقعات الإيجابية للبنك الاحتياطي النيوزلندي واصل الدولار النيوزلندي خسائره مسجلًا أدنى مستوى له على مدار اليوم عند المستوى 0.6897 وسط تخوف المستثمرين من قرارات الحكومة الجديدة التي تنص على الحد من معدلات الهجرة ومنع الأجانب من تملك العقارات، ولكن هل سيواصل الدولار النيوزلندي هبوطه الحالي؟ قبل الإجابة على هذا السؤال نستعرض في هذا التقرير أهم النقاط المستنتجة من قرارات الاحتياطي النيوزلندي الأخيرة.

أولًا: إيجابية التوقعات الاقتصادية

رفع البنك الاحتياطي النيوزلندي من توقعاته لمؤشر أسعار المستهلكين للربع الأخير من العام الجاري وطوال العام المقبل، حيث بات البنك يتوقع وصول التضخم إلى النسبة المستهدفة عند 2% خلال يونيو 2018 على عكس توقعات شهر أغسطس التي أشارت إلى وصول التضخم إلى 2% في مارس 2019.

اسند البنك رفع توقعاته إلى تزايد الضغوط التضخمية بالقطاعات غير المرتبطة بالنشاط التجاري بالإضافة إلى تراجع قيمة الدولار النيوزلندي وارتفاع أسعار النفط.

بالرغم من ذلك أشار البنك غلى أن الضغوط التضخمية الناجمة عن القطاعات المرتبطة بالأنشطة التجارية قد تشهد ضعفًا بالتزامن مع ضعف التضخم العالمي بوجهٍ عام، ولهذا أبقى على توقعاته لعام 2019 بينما خفض توقعاته لعام 2020 ولكنها لا تزال بالقرب من الهدف المحدد لها عند 2%.

تمسك الاحتياطي النيوزلندي بنبرته الايجابية تجاه معدل النمو الاقتصادي للربع الأخير من عام 2019 و 2020 ولكن في الوقت ذاته يتوقع أن تتباطأ معدلات النمو أولًا قبل دخولها مرحلة التعافي ولهذا قام بخفض توقعات النمو لبقية العام الجاري والعام المقبل والربع الأول من عام 2019، وأعزى خفض التوقعات إلى الآثار المترتبة عن قرارات الحكومة الجديدة التي من أهمها:

• تعديل حجم الانفاق الحكومي
• شروط قطاع الاسكان الجديدة
• تعديل متطلبات الحصول على تأشيرة العمل والدراسة
• زيادة الحد الأدنى للأجور

يرى البنك أن تلك القرارات تعد بمثابة حزمة من التحفيز المالي وسيكون لها وقع إيجابي على الاقتصاد النيوزلندي على المدى الطويل، ولكن قد تتسبب تلك القرارات في تزايد حالة عدم اليقين قبل انعكاسها على مسار الاقتصاد.

ثانيًا: تسريع وتيرة رفع الفائدة

يتوقع البنك أن يتم اتخاذ قرار رفع الفائدة في وقت أقرب من المتوقع سابقًا ليصبح في يونيو 2019 مقابل سبتمبر 2019 لتوقعه وصول التضخم إلى الهدف المحدد له في وقت أقرب من المتوقع، وبما أنه يتوقع تسارع وتيرة نمو الاقتصاد في 2020 فمن المتوقع أن يتم اتخاذ قرار آخر برفع الفائدة في سبتمبر 2020.

ثالثًا: قيمة الدولار النيوزلندي لا تمثل قلق للبنك الاحتياطي

أشار بيان الفائدة إلى أن قيمة الدولار النيوزلندي قد تراجعت منذ شهر أغسطس وفي حال استقراره عند مستوياته المنخفضة سيدعم ذلك ارتفاع التضخم المرتبط بالأنشطة التجارية واستدامة النمو الاقتصادي.

صرح محافظ البنك، سبينسر بأن قيمة العملة تقترب من المستويات المقبولة مقارنة بالمستويات السابقة وأعرب عن رضاء البنك عن المستويات الحالية.

يتوقع البنك أن يستقر متوسط قيمة الدولار النيوزلندي الموزون تجاريًا عند 73.5 خلال الفترة المقبلة، ويرى البنك ان تراجع قيمته يرجع إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن شرائه وليس تدهور الأوضاع المحلية، وقد يستقر الدولار النيوزلندي عند مستوياته الحالية مع ضعف الطلب العالمي عليه بسبب ارتفاع التضخم العالمي وتوقعات بدء البنوك المركزية تشديد السياسة النقدية للحفاظ على مستويات التضخم والنمو، ومع معدلات الفائدة المرتفعة على الصعيد العالمي ستتيع الفجوة بين السياسات النقدية بينه وبين الاحتياطي النيوزلندي الذي من المتوقع أن يتخذ أول قرار برفع الفائدة في 2019 وعليه تزايد الضغوط على الدولار النيوزلندي.

رابعًا: الاحتياطي النيوزلندي غير قلق من اسناد مهمة سوق العمل إليه

صرح محافظ البنك بأن إسناد مهمة تحقيق استقرار سوق العمل بجانب الحفاظ على التضخم لن يكون لها تأثير قوي على مسار السياسة النقدية، وأضاف بأن تحقيق مهمة تحقيق هدف التضخم في المقام الأول ولكنها لن تكون الوحيدة لافتًا إلى أن البنك سينظر في مسار الاقتصاد الحقيقي والعديد من الجوانب الاقتصادية الهامة.

بوجٍه عام، سجل الدولار النيوزلندي ارتفاعًا عقب قرارات البنك بسبب تفاؤله حول الوضع الاقتصادي على المدى الطويل ولكنه تخلى عن مكاسبه مؤخرًا بما يتناسب مع توقعات البنك على المدى القصير التي لم تتسم بنفس إيجابية المدى الطويل.

من الناحية الفنية، يجري تداول النيوزلندي دولار بالقرب من نطاق دعم قوي فيما بين 0.6800/0.6900 مما يدعم النظرة الحيادية في الوقت الراهن، وتتحول النظرة الحيادية إلى الشرائية فقط في حال استقرار تداولات الزوج أعلى المستوى 0.7000 باستهداف المستوى 0.7200.