نظرة على الوضع الاقتصادي بالمملكة المتحدة قبل بيانات إجمالي الناتج المحلي غداً

نظرة على الوضع الاقتصادي بالمملكة المتحدة قبل بيانات إجمالي الناتج المحلي غداً

تتجه أنظار الأسواق صوب بيانات إجمالي الناتج المحلي بالمملكة المتحدة خلال الربع الثالث من العام، والتي من المقرر أن تصدر خلال تداولات الغد. نظراً لأهمية البيانات وتأثيرها القوي على مسار تداولات الاسترليني، نحاول أن نلقي نظرة أكثر عمقاً نحو الوضع الراهن للاقتصاد البريطاني في محاولة لتكوين رؤية أشمل وأوضح. على هذا النحو، يسلط هذا التقرير الضوء على أهم المؤشرات الاقتصادية بالمملكة المتحدة خلال الفترة الأخيرة، ولعل من أبرزها: 

 

سوق العمل:

جاءت أحدث بيانات سوق العمل البريطانية على نحوٍ إيجابي، لنرى معدل البطالة يتراجع إلى 5.4% خلال أغسطس الماضي، أفضل من توقعات الأسواق التي استقرت عند 5.5% كالنسبة السابقة، لتسجل معدلات البطالة بذلك أدنى مستوياتها على مدار السبعة أعوام الماضية. في نفس السياق، ارتفع مؤشر التوظيف إلى النسبة 73.6% خلال نفس الفترة، والتي تعد أعلى مستوياته على الإطلاق. كما ارتفع متوسط الدخل بنسبة 3.0% مقابل 2.9% في السابق،  وهو من أهم مؤشرات النمو الاقتصادي بالمملكة المتحدة. يأتي ذلك في الوقت الذي استقرت فيه نسب المشاركة في سوق العمل عند 77.9%. 

أما على الجانب السلبي، فقد جاء التغير في أعداد البطالة مرتفعاً بنحوٍ قوي بزيادة قدرها 4.6 ألف شخص خلال سبتمبر الماضي، بعدما ارتفع بواقع 1.2 ألف في أغسطس. على الرغم من ذلك، فلا تزال بيانات سوق العمل بنحوٍ عام تشير إلى أن  بعض التماسك. 

5.4% 5.5% 5.5%
3.0% 3.1% 2.9%
 
4.6K -2.3K 1.2K

 

التضخم: 

للمرة الثانية خلال العام الجاري ينزلق معدل التضخم بالمملكة المتحدة إلى النطاق السلبي خلال سبتمبر الماضي. فقد رأينا مؤشر أسعار المستهلكين بالمملكة المتحدة يهبط مرة أخرى ليسجل -0.1% على أساس سنوي، للمرة الأولى منذ أبريل الماضي، ومتخلياً عن تعافيه وصولاً إلى 0.1% التي سجلها خلال يوليو الماضي. أمام المؤشر بقيمته الأساسية فقد استقر عند النسبة 1.0% خلال نفس الفترة، دون توقعات الأسواق عند 1.1%. وبالنظر إلى البيانات بنحوٍ اكثر واقعية، نرى أن المخاطر الخارجية ومن أبرزها الهبوط الحاد في أسواق السلع مازال يشكل عبئاً على تعافي معدلات التضخم العالمية وليس البريطانية فقط. وباحتفاظ معدل التضخم الأساسي بتماسكه، نرى أنه بفور تلاشي الأثار الناجمة عن تراجع النفط، قد تتمكن معدلات التضخم من استكمال عملية التعافي صوب الهدف المحدد لها. 

-0.1% 0.0% 0.0%
1.0% 1.1% 1.0%
 

 

النمو:

كانت بيانات إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني من العام قد استقرت عند النسبة 0.7%، مسجلة ارتفاعاً واضحاً عن قراءة الربع الأول التي تمت مراجعتها من 0.3% إلى 0.4%. أما القراءة على أساس سنوي فقد تراجعت إلى 2.4% خلال نفس الفترة في مقابل 2.7% خلال الربع الأول، وهي تعد أدنى وتيرة نمو لإجمالي الناتج المحلي على مدار 7 أرباع. على أساس ربع سنوي، فمن الواضح أن ذلك التعافي مدعوماً بتقلص عجز الميزان التجاري بفضل تحسن الصادرات بنسبة 1.4% وتراجع الواردات بنسبة 2.7%. ولاتزال معدلات إنفاق الأسر، والتي تعد من المؤشرات الرئيسية للاقتصاد هي الدافع الرئيسي بتسجيلها نسبة 0.5%. 

0.7% 0.7% 0.4%  

 

 

ثقة وإنفاق المستهلك:

تفاعلت الأسواق بشكل قوي مع إيجابية بيانات مبيعات التجزئة البريطانية والتي تخطت التوقعات بنسبة 1.9% مقابل القراءة المراجعة عند -0.4%. الأمر الذي دعم بدوره الجنيه الاسترليني قبل انصراف المتداولين مرة أخرى نظراً لإحتمالية عدم استدامة ذلك التعافي المُفاجئ. على أساس سنوي، فقد ارتفع مؤشر مبيعات التجزئة إلى أعلى مستوياته على مدار 10 شهور عند النسبة 6.5% مقابل 3.5% في السابق. أما فيما يخص ثقة المستهلك، فقد تراجع مؤشر GfK  لثقة المستهلك من 7 إلى 3 خلال سبتمبر الماضي. 

0.5% 0.1% 0.6%
3 5 7

 

الجنيه الاسترليني: 

كان بنك إنجلترا قد أشار لأكثر من مرة إلى ارتفاع قيمة الاسترليني، وتأثيره السلبي على النمو الاقتصادي. فبعد أن تمكن الاسترليني من الوصول إلى أعلى مستوياته منذ الأزمة العالمية في العام 2008 أمام الدولار الأمريكي عند المستوى 1.7190 في منتصف العام الماضي، تخلى عن مكاسبه ليتراجع مجدداً نحو أدنى مستوى جديد له على مدار 5 أعوام عند 1.4564، وذلك خلال إبريل الماضي. يأتي ذلك قبل أن يحاول الاسترليني تقليص تلك الخسائر مُظهراً بعض محاولات التعافي أمام الدولار الأمريكي متأرجحاً ما بين تراجع وصعود، ليسجل أعلى مستوى جديد له عند 1.5927 خلال يونيو الماضي، قبل أن يعود مرة أخرى إلى 1.5353 في الوقت الراهن. 

 

  • في ظل تلك البيانات، فمن الواضح أنه على الرغم من التحسن في أوضاع سوق العمل، إلا أن الصورة العامة ليست إيجابية بما يكفي لدعم قرار رفع الفائدة. وخاصة فيما يتعلق بمعدلات التضخم. كان بنك إنجلترا قد حذر أكثر من مرة من تراجعها إلى النطاق السلبي مجدداً متأثرة بهبوط أسعار النفط مرة أخرى بالإضافة إلى تزايد المخاطر العالمية خلال الفترة الأخيرة. الأمر الذي يدفعنا إلى استبعاد رفع الفائدة البريطانية خلال الفترة المقبلة من الناحية النظرية فقط. أما واقعياً، فيتضح من تصريحات بعض الأعضاء أن خيار رفع الفائدة لايزال مطروحاً. وقد لاحظنا انحياز مكافرتي في صالح رفع الفائدة لثلاث شهور متتالية حتى الآن، ويرى أنه إن لم يتم رفع الفائدة قريباً، فسوف تكون معدلات التضخم اكثر عرضة لتخطي الهدف المحدد لها عند 2%، وذلك نظراً لتعافي معدلات الاستهلاك والأجور بوتيرة معتدلة. 

large image
الندوات و الدورات القادمة
large image