نقاط إيجابية لا يمكن تجاهلها في بيانات سوق العمل الأمريكية

نقاط إيجابية لا يمكن تجاهلها في بيانات سوق العمل الأمريكية

جاءت بيانات سوق العمل الأمريكية لشهر أغسطس وبالأخص بيانات التوظيف لتخيب آمال الأسواق بنحوٍ كبير. الأمر الذي دفع بتوقعات رفع الفائدة بعيداً عن سبتمبر الحالي، لربما إلى ديسمبر فقط في حال تمكنت البيانات من إظهار تحسناً ملحوظاً خلال الشهور القليلة المقبلة. على الجانب الأخر، فقد صدرت العديد من البيانات الأخرى والتي قد أشارت إلى أن سوق العمل لم يفقد قوته كما تصور البعض، فهناك العديد من الجوانب الإيجابية بالبيانات والتي تدعم الثقة في قدرة سوق العمل الأمريكي على مواصلة تحسنه المعهود ومن ثم دعم التعافي الاقتصادي داخل البلاد.

أولاً، لاتزال معدلات البطالة تسجل مزيداً من التراجع  لتقترب أكثر فأكثر من هدف الاحتياطي الفيدرالي عند 5%، وهو بالأمر الإيجابي. كانت البيانات قد أظهرت تراجع معدل البطالة الأمريكية إلى 5.1% خلال أغسطس، أفضل من توقعات الأسواق التي استقرت عند 5.2%. بذلك تكون البطالة الأمريكية قد تراجعت لأدنى مستوياتها منذ وقوع الأزمة العالمية في العام 2008. وبما أن الاقتصاد الأمريكي مازال قادراً على كبح البطالة، فذلك يشير إلى أن الاقتصاد مازال محتفظاً بقدر كبير من قوته، مما قد يمكنه من تحقيق معدلات التوظيف المستهدفة أيضاً بمرور الوقت.

ثانياً، على الرغم من أن معدلات التوظيف خلال يوليو وأغسطس قد أطاحت بآمال الأسواق، إلا أن مراجعة القراءات السابقة على نحوٍ مرتفع قد ساهم في توقع المزيد. ففي الوقت الذي سجلت فيه معدلات التوظيف 215 ألف فقط خلال يوليو دون التوقعات عند 222 ألف، تمت مراجعة القراءة السابقة من 223 إلى 231 ألف. كذلك هو الحال مع بيانات التوظيف لشهر أغسطس وفي الوقت الذي سجلت فيه 173 ألف فقط دون توقعات الأسواق التي استقرت على 215 ألف، تم أيضاً مراجعة القراءة السابقة بنحو قوي لتصل إلى 245 ألف مقابل 215 فقط في السابق. الأمر الذي عمل قد دفع بعض الآراء إلى توقع مراجعة أكثر إيجابية للقراءات الأخيرة.

ثالثاً، نسب المشاركة في سوق العمل مازالت مستقرة. فقد أظهرت البيانات استقرار نسب المشاركة في سوق العمل عند نسبة 62.6% للشهر الثالث على التوالي، مما يعمل بدوره على تزايد الثقة في سوق العمل الأمريكي والاقتصاد بشكلٍ عام. فإن واظب الاقتصاد على وتيرة التعافي الأخيرة، فقد يتمكن من إضافة المزيد من فرص العمل خلال الفترة القادمة.

رابعاً، تزايد وتيرة نمو معدلات الأجور. فقد سجل متوسط دخل الفرد في الساعة نسبة 0.3% خلال أغسطس الماضي متجاوزاً التوقعات التي قد أشارت إلى 0.2% كالقراءة السابقة. جدير بالذكر أن ارتفاع الأجور من شأنه أن يدعم معدلات الإنفاق في المستقبل، والذي سوف ينعكس فيما بعد على معدلات الإنتاج والتوطيف. 

وكما هو معتاد، كان للدولار الأمريكي رد فعل سريع على البيانات، ليتراجع إلى أدنى مستوي جديد له خلال تداولات الجمعة الماضية عند 95.82 فور صدور البيانات، إلا أنه سرعان ما تمكن من تقليص خسائره وصولاً إلى أعلى مستوياته عند 96.57. يأتي ذلك قبل أن يشهد بعض التراجع خلال تداولات اليوم في الوقت الذي تغيب فيه البيانات الأمريكية عن الأسواق. 

  • على هذا النحو، لا يمكننا الجزم بأن سوق العمل الأمريكي قد دخل بالفعل في مرحلة من الضعف، ولكن يتوجب علينا انتظار البيانات المقبلة للحكم على مدى قوة أداء سوق العمل، وهل بالفعل يدعم عملية التعافي الاقتصادي بالولايات المتحدة ويدفع الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع الفائدة قريباً، أم أنه سوف يشكل مزيداً من الأعباء على مسار النمو الاقتصادي. 

large image
الندوات و الدورات القادمة
large image