هل فقاعة الصين حقًا مثل اليابان؟

هل فقاعة الصين حقًا مثل اليابان؟

لبضع سنوات حتى الآن، يقوم الاقتصاديون بوضع مقارنة بين انفجار فقاعة اليابان لعام 1980 وبين الوضع الحالي في الصين، فكلاهما يتضمنان انهيار أسعار العقارات المرتفعة للغاية، كما أن كلاهما بتضمنان ارتفاع مستمر في سوق الأسهم، ومثلما عانت اليابان من مرحلة الانكماش على مدار عقدين سابقين فكذلك تواجه الصين خطر انخفاض مستوى الأسعار إلى مرحلة الانكماش (ننصكم بالإطلاع على تقرير أسوأ فقاعة استثمار في العالم على وشك الانفجار لتوضيح أسباب تراجع مستوى الأسعار)

ولكن السؤال الأساسي هو هل هاتين الفقاعتين، اليابان في عام 1980 والصين في العام الجاري 2015، متماثلتين حقًا؟ الجواب على ذلك التساؤل تكون بأنهما ليسا كذلك، ولكن لا تزال تستطيع بكين الاستفادة مما حدث في الاقتصاد الياباني منذ ربع قرن، ويتناول هذا التقرير مدى الاختلافات والتشابه بين هاتين الفقاعتين وذلك على النحو التالي:

  • أوجه الاختلاف

قبل أي شئ، الأمر الذي يجعل الصين مختلفة عما حدث في اليابان في الفترة ما بين 1980 إلى 1990 هو مستوى النمو الاقتصادي، فالصين لا تزال دول ذات دخل فرد متوسط على الرغم من ارتفاع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بشكل كبير، بينما على النقيض تمامًا، فقد كانت اليابان قد وصلت بالفعل إلى أول دولة من حيث نصيب الفرد من الدخل بحلول عام 1980 وقد كانت رائدة الابتكار التكنولوجي في ذلك الوقت.

وهو الأمر الذي يشير إلى أن الصين لا يزال لديها فرصة لرفع معدلات النمو الاقتصادي، لتصبح واحدة من الدول الغنية، فعلى الرغم من أن أكبر مدن الصين تستطيع حاليًا منافسة المراكز الحضارية في أوروبا وأمريكا الشمالية، إلا أن الصين ككل لا تزال كما كانت عليه اليابان في عام 1960.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الصين أيضًا لديها حاليًا أكثر من اقتصاد موجه بالمقارنة بما كانت عليه اليابان في وقت الفقاعة، مما يساعد على زيادة مرونة الحكومة لتعديل سياستها المتبعة إذا لزم الأمر، كما أن الصين لا تزال سوق الأوراق المالية لديها صغيرة نسبيًا بالنسبة لحجم اقتصادها ولا تزال مديونية الأسر منخفضة بالمقارنة بما كانت عليه اليابان.

  • أوجه التشابه

يعد أحد العوامل المشابه بين هاتين الفقاعتين هو الانكماش، بل قد تكون الصين تواجه خطر انكماش أكبر مما كانت عليه اليابان في ذلك الوقت، وذلك نظرًا لاستمرار انخفاض أسعار الجملة في الصين لتسجل بذلك العام الرابع من الانكماش، بينما لم تبدأ أسعار الجملة في اليابان في الانخفاض على أساس سنوي حتى نهاية عام 1991 أي بعد فترة طويلة من ظهور الفقاعة بشكل واضح.

وبالتالي يجب أن يولي صناع السياسة النقدية في الصين اهتمامهم الأول لجهود مكافحة الانكماش، وذلك لأنه في حالة استمرار الانكماش لفترة طويلة للغاية، فقد يعيق هذا الأمر من محاولات تعافي النمو الاقتصادي والتضخم كما أنه سوف يزيد من القيمة الحقيقية للديون، مما سيزيد من صعوبة خدمة الدين.

ونتيجة لذلك، يجب على الصين الاستمرار في تيسير السياسة النقدية، بدلًا من تشديدها خوفًا من تراجع معدلات التضخم أدنى النسبة المستهدفة بشكل كبير

وبصرف النظر عن انخفاض مستوى الأسعار، يجب على الصين أيضًا أن توَلي العديد من الاهتمام إلى الإصلاح المالي، وذلك لأن اليابان لم تستطع حقًا تحقيق تعافي نمو اقتصادي بدون اهتمام طوكيو بشكل جدي بشأن الإصلاح المالي وإعادة هيكلة الشركات في الفترة ما بين 2002 إلى 2004.

جدير بالذكر، استطاعت اليابان التعافي من مرحلة الانكماش في عام 1993 وذلك بفضل التدابير التحفيزية المتبعة من قبل الحكومة، فقد ركزت الحكومة على القطاعات العامة بدلًا من اللجوء إلى خفض الضريبة أو غيرها من التدابير المؤثرة على معدلات الطلب الشخصي.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image