نظرة شاملة على الاقتصاد البريطاني وأهم عوامل تراجع الاسترليني

نظرة شاملة على الاقتصاد البريطاني وأهم عوامل تراجع الاسترليني

لاحظنا في الآونة الأخيرة تراجع الجنيه الاسترليني بنحوٍ كبير ليسجل أدنى مستوياته على مدار خمس سنوات مقابل الدولار الأمريكي. جاء ذلك في ضوء تشتت الأسواق فيما يخص الوضع الاقتصادي بالمملكة المتحدة، وتباين تصريحات "كارني"، محافظ بنك إنجلترا، مع البيانات الاقتصادية. هذا بالإضافة إلى تزايد قوة الدولار مؤخراً نظراً لتوقعات رفع الفائدة الأمريكية هذا العام، هذا بالإضافة إلى تحسن الاقتصاد الأمريكي بشكل ملحوظ. لذلك يسلط هذا التقرير الضوء على  البيانات الاقتصادية الهامة بالمملكة المتحدة كمحاولة لفهم الوضع الاقتصادي البريطاني: 

معدلات التضخم:

كما هو الحال مع أغلب الاقتصادية العالمية الكُبرى، لم يكن الاقتصاد البريطاني بمنأى عن مخاطر الركود والتي ترجع بشكل أساسي إلى التراجع الحاد الذي شهدته أسعار النفط منذ منتصف العام الماضي. فقد سجلت معدلات التضخم البريطانية أدنى مستوياتها على مدار 50 عام، حيث تراجعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.3% على أساس سنوي في شهر يناير الماضي، بينما سجلت أسعار المستهلكين بقيمتها الأساسية (بإستثناء أسعار الغذاء والطاقة) ارتفاعاً بنسبة 1.4% خلال نفس الفترة. 

الجدير بالذكر أن معدلات التضخم لاتزال أدنى بكثير من الهدف المحدد لها عند نسبة 2% منذ أكثر من عام، في حين يتوقع الخبراء مزيداً من التراجع خلال الفترة القادمة. كما سجل مؤشر أسعار مدخلات المنتجين تراجعاً بنسبة 3.3% في شهر ديسمبر، أعقبه تراجع بنسبة 3.7% خلال شهر يناير. الأمر الذي يدعم توقعات تراجع أسعار المستهلكين خلال الأشهر القليلة المقبلة. 

معدلات الإنفاق:

صرح "كارني" في السابق بأن تراجع معدلات التضخم مدفوعاً بتراجع أسعار النفط من شأنه أن يعمل على دعم إنفاق المستهلكين، لكن البيانات الصاردة مؤخراً قد أظهرت العكس. فقد تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.3% دون التوقعات التي قد أشارت إلى تراجع نسبته 0.1%. بشكلٍ عام، يبدو أن الاقتصاد البريطاني يسير بوتيرة معتدلة حيث أظهرت البيانات الاقتصادية لبعض القطاعات تحسناً ملحوظاً يفوق التوقعات. على الجانب الآخر، فإن القطاع الخدمي هو أكثر القطاعات تراجعاً، مما يشكل عبئاً على النمو الاقتصادي، خاصة بعد تراجعه إلى 56.7 خلال شهر فبراير مقابل القراءة السابقة عند 57.2، مما يشير إلى ضعف القطاع بنحوٍ عام.

معدلات التوظيف: 

يُعد سوق العمل واحداً من أكثر القطاعات تحسناً في الاقتصاد البريطاني. فقد ارتفعت معدلات التوظيف بمقدار 31 ألف وظيفة خلال شهر فبراير لتفوق التوقعات التى قد استقرت على 30.6 ألف، كما تم مراجعة القراءة السابقة على نحو مرتفع لتسجل 39.4، مما دفع معدلات البطالة لتستقر عند نسبة 5.7%. على الرغم من هذا، فقد سجلت معدلات ارتفاع الأجور نسبة 1.8% فقط دون التوقعات التي قد أشارت إلى زيادة قدرها 2.2%.  الأمر الذي ربما يُفسر تراجع معدلات الإنفاق والإستهلاك على الرغم من ارتفاع معدلات التوظيف.

توجهات السياسة النقدية لبنك إنجلترا:

جاء بيان بنك إنجلترا الأخير ليشير إلى أن صناع القرار ليسوا على نفس القدر من التفاؤل الذي شهدناه سابقاً بشأن الاقتصاد البريطاني. فقد أعرب صناع القرار بالبنك عن تخوفهم بشأن قيمة الجنيه الاسترليني المُبالغ فيها كأحد المخاطر على الاقتصاد البريطاني. فإن قوة الاسترليني تعمل على دعم تراجع معدلات التضخم، مما يدفع البنك بعيداً عن تشديد السياسة النقدية في الوقت الحالي. الجدير بالذكر أن التوقعات قد تزايدت مؤخراً نحو قيام بنك إنجلترا برفع معدلات الفائدة، خاصةً مع إشارة العديد من صناع القرار بالبنك إلى ذلك نظراً لتحسن الأوضاع الاقتصادية بالمملكة المتحدة. وقد أشار البيان الأخير إلى إحتمالية قيام البنك برفع معدلات الفائدة خلال الثلاث سنوات المُقبلة. 

 

يوضح الرسم البياني التالي مدى التراجع الذي شهده الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي منذ منتصف العام الماضي:


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image