لماذا قد تُرحّب الأسواق الأمريكية بزيادة الرسوم الجمركية على الصين؟

لماذا قد تُرحّب الأسواق الأمريكية بزيادة الرسوم الجمركية على الصين؟
الولايات المتحدة والصين

انتعشت أسواق الأسهم الأمريكية وغيرها من الأسواق حول العالم خلال تعاملات يوم الإثنين في أعقاب الإعلان عن صفقة تجارية مؤقتة بددت مخاوف المستثمرين من أن الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين لن تدفع الاقتصاد الأمريكي تحت براثن الركود.

إدارة ترامب تعتبر الرسوم وسيلة لتمويل التخفيضات الضريبية

رغم الجدل الدائر حول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فإن الأسواق المالية الأمريكية أبدت رد فعل إيجابيًا على إعلان جديد بشأن الرسوم الجمركية. ففي أعقاب اتفاق تجاري مؤقت جديد بين البلدين، قفزت مؤشرات "وول ستريت" بشكل ملحوظ، وسط تفاؤل المستثمرين بشأن الاستقرار المستقبلي في السياسات التجارية.

اتفاق جديد في جنيف... وتخفيض مؤقت للرسوم

تم التوصل إلى الاتفاق الأخير خلال عطلة نهاية الأسبوع في مدينة جنيف، حيث اجتمع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت، والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير، مع نظرائهم الصينيين. ووصف الرئيس دونالد ترامب الاتفاق بأنه "إعادة ضبط كاملة".

وبحسب ورقة حقائق صادرة عن البيت الأبيض، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية من 34% إلى 10% لمدة 90 يومًا، في حين ستُرفع الرسوم الانتقامية التي كانت قد فرضتها بكين. ويُذكر أن هذه المهلة قد مُنحت من قبل أيضًا لعدد من الدول في جنوب شرق آسيا.

السوق "ستتعلم حب" الرسوم الأعلى

في حين كان السوق يأمل بوقف مؤقت للرسوم المرتفعة – التي وصلت سابقًا إلى 145% واعتبرها البعض بمثابة "حظر اقتصادي" – إلا أن الإدارة الأمريكية أوضحت أن الرسوم الجديدة، رغم كونها أقل، ستكون دائمة وغير قابلة للتفاوض. وقد صرح المسؤولون الأمريكيون بأن الهدف الأساسي من هذه الرسوم هو جمع إيرادات لتمويل التخفيضات الضريبية، وهو ما يعكس توجهًا استراتيجيًا جديدًا.

التفسير الأمريكي للصين: "نحتاج إلى المال"

خلال مؤتمر صحفي، أكد بيسينت أن البلدين يتشاركان "مصالح مشتركة"، ولا رغبة لديهما في الانفصال الاقتصادي. وشرح المسؤولون الأمريكيون للمفاوضين الصينيين أن فرض الرسوم الجمركية بات ضرورة مالية:

"نحتاج إلى الإيرادات. حكومتنا على وشك الإفلاس. نريد حماية صناعاتنا وتحقيق التوظيف الكامل، وهذا هو الطريق الوحيد لإقناع الشركات بعدم نقل وظائفها إلى الخارج".

وأكد بيسينت أن الوضع المالي للولايات المتحدة "خرج عن السيطرة"، ولهذا السبب فإن التعرفة الأساسية بنسبة 10% ستبقى قائمة ولن تُلغى.

السوق الصينية تفضل الاستقرار على المقاطعة

من الواضح أن الصين باتت مستعدة للتكيّف مع رسوم ثابتة وعالية نسبيًا بدلًا من الدخول في مواجهة قد تؤدي إلى استبعادها من السوق الأمريكية تمامًا. وفي ظل تحوّل التصنيع العالمي نحو جنوب شرق آسيا والمكسيك بسبب التصعيد التجاري، قد ترى بكين أن الاتفاق الحالي يمثل خيارًا "مقبولًا".

عودة آلية الحوار الاقتصادي المشترك

أعلنت الصين من خلال وكالة "شينخوا" الرسمية عن اتفاقها مع واشنطن على إنشاء آلية جديدة للتشاور الاقتصادي والتجاري، وهو أمر أكدته أيضًا الإدارة الأمريكية. ويعيد هذا التوجه إلى الأذهان آلية "الحوار الاستراتيجي والاقتصادي" التي أطلقتها إدارة بوش الابن عام 2006 واستمرت في عهد أوباما.

لكن الأرقام تُظهر أن تلك الآليات السابقة لم تنجح في تحقيق أهدافها. ففي عام 2018، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين رقمًا قياسيًا عند 418 مليار دولار، أي ضعف ما كان عليه عام 2006، ما يؤكد فشل الجهود السابقة في تعديل العلاقة التجارية غير المتوازنة.

الرسالة النهائية: لن نعود لما قبل 2018

الرسوم الجمركية أصبحت اليوم أداة استراتيجية دائمة في السياسة الاقتصادية الأمريكية، وليست مجرد رد فعل مؤقت. ويبدو أن "عصر العولمة المتمركز حول الصين" قد انتهى، ولن تعود الولايات المتحدة إلى مستويات الرسوم المنخفضة التي كانت سائدة قبل عام 2018.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image