ماذا وراء الانقطاع الكبير للكهرباء الذي ضرب إسبانيا والبرتغال؟

ماذا وراء الانقطاع الكبير للكهرباء الذي ضرب إسبانيا والبرتغال؟
الطاقة المتجددة

أثار الانقطاع الواسع للكهرباء الذي ضرب إسبانيا والبرتغال هذا الأسبوع تساؤلات حول كفاءة شبكة الكهرباء في منطقة لا تُعرف عادة بانقطاعاتها. فقد بدأ الانقطاع، الذي يُعد من أسوأ الحالات التي شهدتها أوروبا على الإطلاق، بعد ظهر الإثنين واستمر حتى حلول الليل، ما أثر على عشرات الملايين في شبه الجزيرة الأيبيرية، وتسبب بتعطيل واسع في الأعمال والمستشفيات ووسائل النقل وشبكات الاتصال والبنية التحتية الحيوية الأخرى.

تسلسل الأحداث

فقدت إسبانيا والبرتغال معظم إمداداتهما الكهربائية في وقت مبكر من بعد ظهر يوم الإثنين. ووفقًا لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، فقدت البلاد نحو 15 جيجاواط من الكهرباء حوالي الساعة 12:30 ظهرًا بالتوقيت المحلي، أي ما يعادل نحو 60%  من إجمالي الطلب في بلد يبلغ عدد سكانه 49 مليون نسمة.

وأعلنت شركة Red Eléctrica de España، مشغّل شبكة الكهرباء الإسبانية، أن هناك حادثتي "انفصال" كبيرتين وقعتا قبل الانقطاع الكامل. وبينما تمكنت الشبكة من التعافي بعد الحادثة الأولى، فإن الثانية كانت أكثر خطورة وتسببت في انقطاع مؤقت واسع النطاق، شمل حتى ارتباطات الشبكة مع فرنسا.

وأظهرت بيانات من شركة Whisker Labs  الأميركية، التي تراقب جودة الطاقة في المنازل، أن تقلبات طفيفة في الجهد بدأت بالظهور في منطقة مدريد منذ الساعة 9:30 صباحًا، وتزايدت في التردد والحجم خلال ثلاث ساعات حتى الانقطاع الكلي. وأشار الرئيس التنفيذي للشركة، بوب مارشال، إلى أن البيانات توحي بأن الشبكة كانت تعاني من خلل متصاعد في الاستقرار دون معرفة السبب الدقيق.

السبب لا يزال غير معروف

لا تزال السلطات تحقق في السبب الدقيق وراء هذا الانقطاع غير المسبوق. وقال إيمون لانوني، المدير في معهد بحوث الطاقة الكهربائية في أوروبا، إن تحديد "سبب جذري واحد" في مثل هذه الحالات معقد للغاية، إذ قد تتداخل عدة عوامل مثل إيقاف خطوط أو مولدات للصيانة، أو خلل في التوازن بين العرض والطلب.

وأشار خبراء إلى أن الشبكات الكهربائية تعتمد على توازن دقيق بين الطاقة المنتَجة وتلك المطلوبة، وأن أي خلل في أحد الأجزاء قد يؤدي إلى تأثيرات متسلسلة على المناطق الأخرى، خاصة في ظل الترابط الكبير بين شبكات أوروبا.

استبعاد الهجمات الإلكترونية

رغم التكهنات، قللت السلطات الإسبانية والبرتغالية من فرضية أن يكون هجوم إلكتروني وراء الانقطاع. وأعلنت المحكمة العليا الإسبانية فتح تحقيق رسمي للوقوف على الأسباب.

تساؤلات حول الطاقة المتجددة

عاد الجدل أيضًا حول ما إذا كانت الطاقة المتجددة، التي تعتمد عليها إسبانيا والبرتغال بشكل كبير، قد ساهمت في ضعف استقرار الشبكة. إذ توفر المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح إمدادات متقطعة، مقارنة بمصادر تقليدية كالغاز والفحم.

لكن خبراء، من بينهم لانوني، اعتبروا أنه من المبكر جدًا ربط الانقطاع مباشرة بالطاقة الشمسية، مشيرين إلى أن أنظمة تخزين الطاقة وتقنيات التنظيم الحديثة تلعب دورًا كبيرًا في دعم الشبكات المعتمدة على المصادر المتجددة.

الترابط الأوروبي

وتُعد شبكة الكهرباء الأوروبية واحدة من الأكثر ترابطًا في العالم، ما يسمح بنقل الكهرباء بين الدول ويعزز مناعة النظام. إلا أن هذا الترابط يعني أيضًا أن أي خلل كبير أو فقدان للتوازن في التردد قد يؤدي إلى تعطيلات متسلسلة، كما حصل في خط الربط الكهربائي بين إسبانيا وفرنسا، الذي خرج عن الخدمة عند حدوث الانقطاع.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image