أهم النقاط الواردة في الاتفاق التجاري وما ننتظره من مفاوضات المرحلة الثانية

أهم النقاط الواردة في الاتفاق التجاري وما ننتظره من مفاوضات المرحلة الثانية
الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني

بعد مفاوضات استمرت أكثر من 3 سنوات بين أكبر اقتصاديين في العالم، استطاع الطرفين أخيراً الوصول إلى مسودة المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، وتوقيع هذه المسودة خلال احتفالات أٌقيمت في البيت الأبيض أمس الأربعاء 15 يناير، ويبدو أن خلال هذه المرحلة قد حصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على عدد من المزايا لصالح الولايات المتحدة ضد الصين.

على جانب أخر من الواضح أن البنود التي تنص عليها مسودة الاتفاق الجزئي محدودة للغاية وقد لجأ الطرفين إلى وضع القضايا المنتهية البسيطة في هذه المرحلة من أجل تعزيز ثقة الأسواق والأعمال. فيما تركوا معظم القضايا الهامة التي لايزال عليها خلاف واضح إلى المرحلة الثانية.

كذلك لا تحتوي على قوانين وقواعد صارمة بينة تلزم الطرفين بتنفيذ ما ورد في الاتفاق. وبالتالي يضعنا هذا الأمر أمام مشكلة دامت بين الولايات المتحدة والصين على مدار السنوات الماضية كان جوهرها الأساسي هو هروب الصين المستمر من الالتزامات والوعود. مما يثير شكوك كبيرة حول أي وعود مستقبلية من قبل الصين يحتوي عليها الاتفاق الجزئي.

ومع ترقبنا لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق التجاري، والتي من المتوقع أن يكون لها التأثير الأكبر بسبب ما تتضمنه من قضايا شائكة هامة لاتزال عالقة بين الطرفين. دعونا نلقي نظرة على أهم النقاط التي تضمنتها مسودة المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري.

الصين تعد بشراء المنتجات الأمريكية

ينص الاتفاق الجزئي على وجود قيام  الصين بزيادة حجم مشترياتها من السلع والخدمات الأمريكية بمقدار 200 مليار دولار اعتماداً على حجم الصادرات لعام 2017. بما يشمل 52.4 مليار دولار من صادرات الطاقة، و 32 مليار دولار من السلع الزراعية، و 77.7 مليار دولار من السلع التصنيعية، بالإضافة إلى 37.9 مليار دولار من الخدمات الأمريكية. فيما تتعهد الولايات المتحدة على الجانب الأخر بمد الأسواق بالسلع والخدمات الصناعية والزراعية ذات الجودة العالية وإلغاء بعض التعريفات الجمركية المفروضة على الصين. 

الاتفاق يستهدف منع سرقة الملكية الفكرية

بموجب الاتفاق الموقع يلتزم الطرفين بحماية الملكية الفكرية على أسس عادلة وفعالة، على أن يقوم كل منهم بتعزيز السوق المفتوح الذي يضمن حماية حقوق الملكية الفكرية لكل دولة. كذلك تتعهد الصين بعدم القيام بدعم أي استحواذ أو استثمار مباشر وغير مباشر للتكنولوجية الأجنبية داخل الشركات الصينية.

وقد تم وضع هذا البند بهدف منع حدوث سرقة للملكية الفكرية  والتكنولوجيا الخاصة بالشركات الأمريكية من قبل الشركات والمؤسسات الصينية من أجل ضمان حماية الأعمال الأمريكية من قبل القانون الصيني.

الصين تتعهد بالشفافية في سوق العملات

سيعمل الطرفين على القيام بفتح الأسواق لكل من الخدمات بشكل عادل ومتكافئ، كذلك يتعهد كل من الصين والولايات المتحدة بعدم التدخل في سعر صرف العملات لأي أسباب تتعلق بالأغراض التنافسية، وبالتالي يجب أن يلتزم كل منهم بالشفافية. وبالتالي وافقت الصين على الإعلان عن احتياطياتها من العملات الأجنبية ووارداتها الربع سنوية من السلع والخدمات.

الاتفاق يضمن التزام الصين بالبنود

بسبب المخاوف من إمكانية مخالفة الصين للوعود التي نص عليها الاتفاق والالتزام الأمثل لكل بنود الاتفاق، فقد قرر الطرفين القيام بتشكيل لجنة ثنائية لتلقي الشكاوى وتقييم وحل النزاعات بين الولايات المتحدة والصين، وذلك لكي يضمن البلدين عدم تدخل طرف ثالث في هذه النزاعات. على أن يلتزم الطرفين بعدم فرض المزيد من التعريفات الجمركية دون وجود إخطار أو انسحاب رسمي من الاتفاق.

ثغرات في الاتفاق تثير المخاوف والشكوك

أولاً: رغم إيجابية البند الخاص بشراء المنتجات الأمريكية بمقدار 200 مليار دولار لكل من مزارعي ومنتجي الولايات المتحدة، إلا أن الاتفاق ينص على استمرار هذه المشتريات مدة عامين فقط بدءاً من موعد توقيع الاتفاق التجاري، وبالتالي فهناك مخاوف حول استمرار المشتريات الصينية للسلع الأمريكية في حال ساءت العلاقات بين الطرفين على المدى الطويل. خاصة عقب تصريح رئيس مجلس الدولة الصيني وتأكيده على أن واردات الصين من السلع والخدمات سوف تعتمد بشكل رئيسي على حاجة الطلب المحلي.

ثانياً: بالطبع سيكون من الجيد الالتزام بحماية الملكية الفكرية، ووجود لجنة ثنائية لحل النزاعات والشكاوي بين الطرفين، ولكن في حال فشلت المحادثات القائمة في أي وقت بسبب تفاقم النزاع وتصاعد حدة التوترات، فسيكون السيناريو الأخر الوحيد هو العودة من جديد للحرب التجارية، الأمر الذي يثير مخاوف كبيرة نظراً لتاريخ الصين السئ في الالتزام بالقواعد والاتفاقات. 

ثالثاً: تعد موافقة الطرفين على حماية الملكية الفكرية والتكنولوجيا بمثابة موافقة ضمنية على دخول هواوي إلى الأسواق في الولايات المتحدة. ولكن لم يتطرق الاتفاق لقضية هواوي بشكل واضح وسط عدد من تصريحات الجانب الأمريكي السلبية المتعلقة بهذه القضية. مما يجعلها قضية عالقة لم تحل في الاتفاق الجزئي الموقع.

رابعاً: اتفاق المرحلة الأولى قد ألغى التعريفات الأمريكية المقررة على بعض السلع التكنولوجية الصينية كما خفض سعر التعريفة إلى 7.5% على نحو 120 مليار دولار من السلع الصينية الأخرى، ولكن ستظل التعريفة بنسبة 25% على مجموعة من المنتجات والمكونات الصناعية الصينية بقيمة 250 مليار دولار تستخدمها الشركات المصنعة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعريفة الصين على أكثر من 100 مليار دولار في السلع الأمريكية. ولن يقوم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفقاً لتصريحاته بالموافقة على إلغاء التعريفات المتبقية حتى يتم التفاوض من الجانبين على المرحلة الثانية من الاتفاق.

ماذا ننتظر من مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق؟

لم تتطرق المرحلة الأولى من الاتفاق لعدد من القضايا التي لاتزال شائكة وتعيق المفاوضات التجارية بين الطرفين، وعليه من المتوقع أن تتضمن الجولة الثانية من المناقشات جميع القضايا العالقة التي لم يتم التوصل لحل لها حتى الآن. ويمكن تلخيص هذه القضايا فيما يلي:

  • شركة هواوي وحظر تعاملات الجيل الخامس ومبيعات الشركة داخل الولايات المتحدة.
  • دعم الصين للشركات المحلية المهتمة بالأمن السيبراني وسلطة الدولة على الشركات التكنولوجية وتخزين المعلومات وغيرها.
  • رفض الحكومة في الصين لتدخل الولايات المتحدة في سياسات الدولة.
  • مصير المشتريات الصينية للمنتجات الأمريكية بعد انتهاء الفترة المتفق عليها في المرحلة الأولى.

هذا وقد صرح نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، على بدء المفاوضات التجارية بالفعل حول المرحلة الثانية. كذلك أكد وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، على أن المرحلة الثانية قد تنقسم إلى عدة مراحل فرعية وبالتالي قد نشهد فترة طويلة أخرى من المفاوضات بين الطرفين على مدار العامين المقبلين.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image