ارتفاع سعر "الذهب" عالميًا، فهل نعود للمستويات شديدة الارتفاع؟

ارتفاع سعر "الذهب" عالميًا، فهل نعود للمستويات شديدة الارتفاع؟

 عاودت أسعار الذهب الارتفاع اليوم فوق 1,960 دولار للأونصة، بعد تراجعها قليلًا بفعل تقرير إعانة البطالة.

وأمضت المعادن الثمينة يوم لثلاثاء حاراً هذا الأسبوع! أنا لا نقصد الطقس، بل أنه كان يوماً حامي الوطيس للمعادن الثمينة!

فمنذ يومين، سقط سعر الذهب بأكثر من 100 دولار في جلسة واحدة، بل أنه سقط تحت مستوى الـ 1,900 دولار في الجلسة التالية (يوم الأربعاء). وكما يظهر الرسم البياني أدناه، فلقد سقط سعر ذهب لندن London Gold Fixing من 2,044.50 دولار إلى  1,939.65 دولار، وهو ما يعادل أكثر من 5٪، وهو أسوأ انخفاض في جلسة واحدة في عديد السنوات. أما الفضة، فلقد سقطت بشكل مدوي، من 29 دولار إلى 24.40 دولار، أي بأكثر من 15٪.

هل تشعر بخيبة أمل؟ لا داعي لذلك! فهل تشعر بخيبة أمل عندما ترى غروب الشمس بعد شروقها؟ هل تشعر بخيبة أمل عندما يكون هناك يوم بارد وممطر خلال الصيف؟ ربما تتفق معي، أن يوم واحد لا يؤكد أو ينفي الإتجاه الصاعد أو الهابط على المدى الطويل. عندما يكون هنالك إتجاه صاعد على المدى الطويل فإن الذهب يجب أن يرتفع باستمرار، يوماً تلو الأخر، في خط مستقيم. بكل تأكيد، سيكون هنالك حركات تصحيحية معاكسة للإتجاه العام تظهر بين الحين والأخر، فلا شيء يسير بشكل مستقيم للأبد. هناك دائماً صعود وهبوط، كما هو الحال في حياتنا اليومية.

في تقرير كتبه (أركاديوس سيرون) نقرأ: "إن التصحيح في المدى القصير سيكون أمراً طبيعياً تماماً، أو حتى مرغوباً فيه. حتى تموز/يوليو، إرتفع الذهب بشكل تدريجي وعلى نحو من الثبات. لذلك، وبعد الصعود المثير للدهشة الذي شهدناه مؤخراً، لن يكون التصحيح مستغرباً".

وبالفعل، حدث ذلك! لذا آمل ألا تكون متفاجئاً. لقد كانت وتيرة هذا الارتفاع مذهلة، ولهذا لسبب بالتحديد كان لا بد أن يتبعها التصحيح. لقد عاش الذهب قصة إيكاروس، الذي طار وإقترب من الشمس، فكان من المحتوم أن يسقط.

هل هنالك إرتباط بين سلوك سعر الذهب وعدد حالات كورونا الجديدة؟

لا يوجد إرتباط قوي بين أسعار المعدن اللامع وعدد حالات الإصابات الجديدة بفايروس كورونا. وفي الواقع، فإن الصعود الأخير في نهاية تموز/يوليو وبداية آب/أغسطس، قد حدث عندما بدأ الوضع الوبائي بالتحسن. كما أن الذهب لم يدخل في حركة هابطة عندما بدا الوضع الوبائي في الولايات المتحدة في التعافي بعد الموجة الأولى من الإصابات.

ما الذي قد يقف في طريق الذهب؟

هناك مخاطر أخرى تسجل حضورها. قد ينتعش الدولار، وقد ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة. ولكن هذه المخاطر دائماً معنا، ونحن نراقبها بشكل مستمر. ورغم هذه المخاطر، فإن حقيقة الأمر من وجهة نظر المدى الطويل، هي أن هذا الأسبوع العاصف لم يغير شيء في النظرة الأساسية للذهب. 

من المتوقع وبشكل كبير أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي على الحمائمية في قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية، ولفترة طويلة، مما يعني أن أسعار الفائدة ستبقى عند هذه المستويات المنخفضة للغاية، لسنوات قادمة (نذكركم بتصريح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤخراً: من غير المحتمل أن يكون هنالك رفع للفائدة لفترة طويلة جداً). لذلك، فإن هنالك السياسة النقدية المتساهلة حالياً، والسياسة المالية تمر بالمصاعب مع ارتفاع عجز الميزانيات والدين العام، والمخاوف الجيوسياسية، والمخاطرة بأن أموال حزم التحفيز العملاقة التي تم حقنها في الإقتصادات الكبرى، ستتحول يوماً ما إلى تضخم، وأن البنوك المركزية ستسمح للتضخم بالارتفاع فوق الأهداف المعلنة. 

لقد أصبح السوق مزدحماً بكل بساطة، ويمكن للتصحيح أن يحدث في هذا الحال، دون الحاجة إلى أي تغييرات في أساسيات السوق. وإذا كان هذا صحيحاً، فعند انتهاء التصحيح، وربما كذلك فترة من التذبذب، يمكن أن يواصل الذهب مسيرته إلى الأعلى، ربما بطريقة أكثر هدوءاً مما شهدناه مؤخراً، خصوصاً إذا بقي الدولار ضعيفاً.

مستقبل الذهب على المدى القصير

على الرغم من أن الذهب قد قدم أداءاً مثيراً للغاية منذ بداية العام، إلا أن ما كان يعتبر في الماضي ملاذاً آمناً قد أصبح الآن أحد الأصول عالية التقلب. 

يقول بابيس: "إن الأمر لا يقتصر على ارتفاع السعر الفوري (النقدي)، بل إن السعر المعدل بالتضخم هو الأخر يحقق ارتفاعات حادة. يجب أن ننظر إلى بدائل أخرى مثل الأصول المحايدة أو الصناديق العالمية التي تحد من التقلبات، ولا ترتبط ببقية الأسواق.

بالنسبة لهؤلاء المستثمرين الذين يرغبون في امتلاك المعادن الثمينة بشكل ما، يقول بابيس إنه ينبغي عليهم شراء أسهم شركات تعدين الذهب. يمكن أن تتم متابعة أسهم مناجم الذهب جزئياً عن طريق صكوك صندوق إستثمار (فان إيك) المتداول المرتبط بشركات تعدين الذهب. يقول بابيس:

"قد يكون النظر في شراء أسهم شركات الذهب الطريقة الأفضل للعب على هذه المساحة في المستقبل القريب، لانها شركات، ولانها تقوم بالتعدين ... ولأنها تحافظ على التنويع. لكنني أعتقد أن الذهب والفضة، كسلع فعلية، قد ارتفعت أكثر مما يجب، بشكل أسرع مما يجب، دون أي سبب أساسي حقيقي".

وقال خبراء متخصصون أنه في آخر 11 مرة سقط فيها الذهب بنسبة 5٪ أو أكثر في يوم واحد، كما حصل في 11 آب/أغسطس، كان ذلك متبوعاً بأداء ضعيف في صندوق الإستثمار المتداول SPDR® Gold Shares (NYSE:GLD)، خلال الأسبوع الأول والشهر الأول الذي تبع ذلك. ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإن الحال يختلف خلال الفترة الزمنية من 6 إلى 12 شهراً التي تبعت ذلك، فإن الصندوق الإستثماري قد سجل عوائد فوق المعدل​​، مسجلاً الأرباح في 60-70٪ من الحالات.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image