"نفط برنت" حرب النفط التاريخية، وتخفيض أوبك+ التاريخي، تفاصيل وخبايا

"نفط برنت" حرب النفط التاريخية، وتخفيض أوبك+ التاريخي، تفاصيل وخبايا

Investing.com - أعلنت أمس دول أوبك++ التوصل لاتفاق لتخفيض الإنتاج النفطي العالمي، بعد الحصول على الموافقة المكسيكية، وموافقة جميع الدول من أوبك، وأوبك+، ومجموعة العشرين. 

تم الاتفاق بعد أسبوع من المفاوضات والمحادثات بين قادة الدول، والاجتماعات عبر الفيديو بين وزراء الطاقة، لإنهاء حرب الأسعار التي أنهكت الأسواق. 

خرج يوم الأحد أضخم اتفاق لتخفيض الإنتاج النفطي على الإطلاق، ليمحو أكثر من 10% من الإنتاج العالمي. وكما ذكرنا أمس أن العملية تتم بخطوات، القرار، ثم التناول الإعلامي، ثم التحليل، ثم أخيرًا قرارات صناديق التحوط للطاقة والتي تحدد طبيعة التداول. 

كما أشرنا لبعض الأرقام المثيرة للقلق، منها: فيروس كورونا يمحو 30 مليون برميل يوميًا من الطلب العالمي، استمر الإنتاج النفطي العالمي زائدًا عن الحاجة بـ 14 مليون برميل يوميًا خلال شهر مارس، يوجد 700 مليون برميل نفطي مخزنين بين البر والبحر الآن. 

وكان بطل صناعة السلام لتلك الحرب هو: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. 

بداية، أجرى ترامب محادثاته مع السعودية، ومع روسيا، لتقريب وجهات النظر وبداية التفاوض بين الأطراف، محاولًا بذلك منع صناعة النفط الصخري من نزف مزيد من الوظائف، في ظل سوق عمل يعاني بالفعل من فقدان 10% من قوته خلال 3 أسابيع فقط. 

ومن ثم، عندما أعرضت المكسيك، لأسباب أسلفنا ذكرها حول طبيعة الدولة، وقيادتها الشعوبية، والديون التي تثقل كاهل شركة بيمكيس، هنا تدخل ترامب أيضًا ليعلن أن الولايات المتحدة ستساعد المكسيك في التخفيضات. 

قال سمو وزير الطاقة، عبد العزيز بن سلمان: "أبرزنا للعالم أن أوبك+ على قيد الحياة، وقادرة على العمل." وقال إنه: "أكثر من سعيد،" بما توصلت الأطراف له."

ونتذكر السبت قبل الماضي، عندما قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن السعودية هي من أوقدت نيران حرب الأسعار النفطية، في حين كان الجميع يعلم أن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، هو أول من أعلن لوسائل الإعلام أن اتفاق أوبك+ لم يعد ساريًا لتنهار أوبك+، وتبدأ حرب السعر. 

كانت أرامكو (SE:2222) السعودية، تبيع نفطها الخام الثقيل، برنت، بأسعار شديدة التنافسية، ووفق وثيقة اطلعت عليها رويترز اليوم، ما زالت تلك الأسعار التنافسية لبيع النفط الخام سارية خلال شهر مايو. 

تقول بلومبرج إن الاتفاق سيخفف حدة الألم، أي أنه مسكن، وليس علاج، لسوق يتخمه المعروض، وتكبل يده قيود فيروس كورونا عن شراء المزيد بالسعر المنخفض. 

من مورجان ستانلي (NYSE:MS): "لن يمنع اتفاق أوبك+ تراكم الإمدادات في المخازن خلال الأشهر المقبلة، وستظل الأسعار في السوق على المدى القريب، تحت ضغط." 

من سيخفض الإنتاج 

من أوبك، وأوبك+ ينخفض الإنتاج 10 مليون برميل يوميًا. ومن: الولايات المتحدة، وكندا، والبرازيل، ننتظر بعض تخفيضات أخرى، مع تأثير الأسعار والطلب على رسملة الشركات في السوق الحرة. 

كما يوجد لاعبون آخرون تحت تخفيض إجباري، أمثال: إيران، وليبيا، وفنزويلا، ووفق حسابات أوبك+ سيكون التخفيض فوق 20 مليون برميل يوميًا. 

هل كسب ترامب حرب النفط السعرية؟ 

قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في معرض أحد المؤتمرات الصحفية التي يعقدها كثيرًا هذه الأيام، إن تخفيض الولايات المتحدة سيتراوح بين 2 إلى 3 مليون برميل يوميًا. لم ينص اتفاق أوبك++ على هذا، ولكن يتمخض هذا الانخفاض من: تراجع الطلب، تراجع عدد منصات التنقيب، وتراجع الإنفاق الرأسمالي للشركات في ظل انخفاض الأسعار. 

ولم يكون القطاع النفطي في الولايات المتحدة بمعزل عن باقي قطاعات سوق العمل، فالضربة قوية، وستصل للجميع، مع عدم ظهور أي إشارة للتعافي القريب. 

حرب النفط السعرية 

بعد الانتهاء، لم تتخلى روسيا عن موقفها بأنها ليست من أشعل فتيل الحرب بمغادرتها أوبك+. 

بدأ الأمر في 6 مارس الماضي، عندما خرج ألكسندر نوفاك من مقر أوبك بفيينا ليخبر المراسلين أن بلده مستعدة لرفع إنتاج النفط في أبريل. رفض عندها نوفاك الامتثال للاقتراح السعودي بتخفيض عدة مئات الآلاف من البراميل، لردع ما رآه السوق في حينها من تأثير طفيف يلقيه فيروس كورونا على الاقتصاد والطلب العالمي للنفط. في المقابل رفضت المملكة الاستمرار بالالتزام بتخفيضات الإنتاج. 

واندلعت بها حرب أسعار النفط، بتوارد الأنباء عن تخفيض السعودية لخام برنت الموجه للسوق الآسيوي، واستعدادها لغمر الأسواق بالنفط، ورفعها السعة الإنتاجية القصوى المستدامة من 12 مليون برميل يوميًا إلى 12.3 مليون برميل يوميًا. 

وبعد إشعار بداية حرب، كان الأمر صادمًا حتى لأعتى المتشائمين حيال السوق. سقط برنت في ثواني معدودة بـ 30%، ومنذ البداية إلى ما قبل الاتفاق، وصل برنت في بعض الأوقات لانخفاض 66% من بداية العام لتاريخه. 

فوضى، وفوضى، ومزيد من الفوضى 

استمر إنتاج النفط خلال شهر مارس بزيادة 14 مليون برميل يوميًا عن الطلب العالمي. أعلنت كثير من شركات النفط الصخري الأمريكية الصغيرة الراية البيضاء. والشركات العملاقة مثل إكسون وشيفرون قلصت الإنفاق الرأسمالي. 

ولتعم الفوضى أعمق وأعمق، بدأ فيروس كورونا يكشر عن أنيابه ويلتهم أوروبا خلال شهر مارسبدأ الأمر في إيطاليا، واعتقدت دول أوروبا أنها ربما بمعزل عن الكارثة الإيطالية، حتى أن بريطانيا رفضت إجراءات العزل بداية الأمر، ولكن انتهى الأمر برئيس الوزراء نزيل بالعناية المركزة. 

تظل الطائرات مقيدة بالأرض، ولا باخرات تبحر، ولا سيارات تتحرك، أي أن جميع منتجات النفط من البنزين والديزل تعاني تراجع الطلب، ولا تعمل معامل التكرير بكامل قوتها. 

إلى أي مدى كانت ستصل الحرب؟ 

وفق صور اطلعت بلومبرج عليها، احتفل مهندسو النفط السعوديون في 31 مارس بتجاوز إنتاج أرامكو السعودية 12 مليون برميل يوميًا، للمرة الأولى في التاريخ. 

وكان الإنتاج سيتابع مسيرة صاعدة نحو 12.111 ثم لـ 12.171 ثم وصولًا إلى تزكيات وزارة الطاقة السعودية للشركة النفطية العملاقة إلى 12.323 مليون برميل يوميًاويعادل الرقم القياسي طلبفرنسا، وألمانيا، واليابان، والمملكة والمتحدة، وأسبانيا، لليوم الواحد قبل كارثة كورونا. 

المستحيل يتحقق 

بنهاية 2018، عندما كانت جهود أوبكفي أوجها لرفع السوق، كانت الولايات المتحدة تعقد انتخابات التجديد النصفيوقتها، كان ترامب يجلس بالساعات ليشحذ ذهنه، ويخرج لسوق النفط بتغريدة تجعله عند منخفضات جلسة التداول. 

في حينها، لم يكن يهم ترامب سوى فوز حزبه، والفوز يعتمد على رضا الجمهور، والجمهور يرضيه سعر البنزين والوقود الرخيص، وهذا ما حاوله ترامب، ونجح فيه أحيانًا. 

وفي ظل انهيار الأسعار، خرج ترامب مرارًا يحث الأطراف على الوصول لنقطة التقاء ويرى السعر العادل لنفط برنت عند 70 دولار للبرميل. 

وفي الوقت الحالي تستمر قيادة وكالة الطاقة الدولية في قرع أجهزة الإنذار، الفائض الإنتاجي مستمر. 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image