لماذا يتراجع سعر الذهب اليوم رغم هبوط الدولار لأدنى مستوى في 3 سنوات؟

شهد سعر الذهب اليوم الثلاثاء تراجعاً حاداً، لتصل إلى أدنى مستوياتها في نحو أسبوعين. جاء هذا الانخفاض الملحوظ بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما أدى إلى تراجع الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات وذلك رغم انخفاض الدولار لأدنى مستوى في 3 سنوات.
سعر الذهب اليوم والمعادن الثمينة
هبط سعر الذهب اليوم في المعاملات الفورية بنسبة 0.6%، أي أكثر من 20 دولارًا في الأونصة، ليصل إلى مستويات 3349.89 دولارًا للأونصة، وسجل الذهب في وقت سابق أدنى مستوى له منذ 11 يونيو الماضي.
وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.9%، أي ما يعادل 35 دولارًا في الأونصة، لتصل إلى مستويات 3364.20 دولار.
يُذكر أن أسعار الذهب كانت قد انخفضت بنحو 150 دولارًا عن أعلى مستوى تاريخي لها تجاوزت فيه 3509 دولارات للأونصة في أبريل الماضي، على وقع اشتعال حرب التعريفات الجمركية.
بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1% إلى 36.03 دولار للأوقية، بينما انخفض البلاتين 0.3% إلى 1260.78 دولار، ونزل البلاديوم 0.1% إلى 1043 دولارًا.
التهدئة الجيوسياسية تهبط بسعر الذهب
يُعد إعلان ترامب عن وقف إطلاق النار هو المحرك الرئيسي لتراجع الذهب اليوم. فالمعدن النفيس غالبًا ما يستفيد من حالة عدم اليقين الجيوسياسي، ومع تراجع حدة التوترات، يميل المستثمرون إلى تقليل انكشافهم على الأصول الآمنة والعودة إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى.
ورغم نفي إيران لهذا الإتفاق إلا أن ترامب أكد على ذلك وكتب على منصة "تروث سوشيال" أن وقف إطلاق نار "كاملاً وشاملاً" بين إسرائيل وإيران سيدخل حيز التنفيذ في غضون 12 ساعة، ومن ثم ستعتبر الحرب "منتهية".
ورغم ذلك أيضا؛ أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات جديدة من صواريخ قادمة من إيران، وهو التحذير الخامس منذ إعلان ترامب، مما يُشير إلى أن التهدئة قد لا تكون مستقرة بالكامل. هذا الغموض يُبقي المستثمرين في حالة ترقب، وينعكس على تحركات الذهب الذي يظل حساسًا لأي تغيير في التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
هذا يعني أنه لا يزال الوضع في الشرق الأوسط متقلباً بشكل كبير، مما يدفع المتداولين إلى تجنب اتخاذ مراكز شرائية قوية على الذهب، سواء على المدى الطويل أو القصير.
استمرار هبوط الذهب رغم انخفاض الدولار
على الرغم من أن الذهب مُسعّر بالدولار، وأن ضعف العملة الأمريكية عادة ما يدعم أسعاره، إلا أن المعدن النفيس لم يستفد من هبوط الدولار اليوم إلى أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات.
هذا يشير إلى أن تأثير التهدئة الجيوسياسية كان أقوى من تأثير ضعف الدولار. وقال كبير محللي السوق في "كيه سي إم تريد"، تيم ووتر، إن "تدفقات الشراء للدولار بصفته ملاذاً آمناً في سوق العملات بعد الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، أدت إلى تثبيت سعر الذهب وتسببت في أداء ضعيف غير معتاد للمعدن النفيس، رغم المخاطر الناجمة عن الصراع".
من جانب آخر، تلعب تطورات الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية دورًا في تحديد مسار الذهب. فقد أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة ثابتة الأربعاء الماضي، واحتفظ صناع السياسات بتوقعاتهم لخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام بمقدار ربع نقطة مئوية.
ويرى محللو بنك "إيه إن زد" أن استقرار العوائد وتجدد قوة الدولار، إضافة إلى توقعات التضخم والموقف الحذر للفيدرالي، عوامل ضغطت على توقعات السوق فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة هذا العام، مما يؤثر سلبًا على الذهب الذي لا يدر عائدًا.