أسعار النفط تواجه جني الأرباح عقب مكاسب قوية... هل تعاود الصعود؟

شهدت أسعار النفط اليوم الأربعاء موجة خاطفة من جني الأرباح، لتتراجع بعدما استهلت التداولات على ارتفاعات محدودة. ومع ذلك، لا تزال الأسعار تحتفظ بمكاسب كبيرة تجاوزت 14 دولاراً منذ بداية الشهر الجاري، بعدما قفزت إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر ومحت خسائرها كافة خلال العام.
رحلة أسعار النفط: من الارتفاعات الصاروخية إلى جني الأرباح
افتتحت أسعار النفط تعاملات اليوم الأربعاء على ارتفاعات مدفوعة بمخاوف تعطل الإمدادات، لكنها سرعان ما تعرضت لضغوط جني الأرباح حيث:
- انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم أغسطس نحو 0.5 دولار في البرميل أو ما يعادل 0.6%، لتصل إلى مستويات قرب 75 دولاراً للبرميل.
- تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم شهر يوليو نحو 0.5%، أو ما يقرب من 0.4 دولار في البرميل، لتصل إلى مستويات 74.3 دولار للبرميل.
يأتي هذا التراجع بعد موجة صعود قوية، حيث كانت العقود الآجلة لخام برنت قد ارتفعت في وقت سابق من اليوم بنسبة 0.5% لتلامس مستويات قرب 77 دولاراً للبرميل، بينما تجاوزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط مستويات 75.6 دولار للبرميل.
وعند نهاية تعاملات أمس الثلاثاء، قفز سعر خام برنت 3.22 دولار (4.4%) إلى 76.45 دولاراً للبرميل، وصعد خام غرب تكساس الوسيط 3.07 دولار (4.28%) إلى 74.84 دولاراً.
وكان الخامان القياسيان قد سجلا قفزة بنسبة 7% عند نهاية تعاملات يوم الجمعة الماضي، بعد أن ارتفعا بأكثر من 13% خلال الجلسة، ليبلغا أعلى مستوياتهما منذ يناير الماضي.
ومنذ بداية الشهر الجاري، ارتفع خام برنت القياسي من مستويات 62.7 دولار للبرميل وصولاً إلى أعلى سعر اليوم عند 77 دولاراً للبرميل، رابحاً ما يزيد على 14 دولاراً للبرميل أو ما يعادل 21.7%.
هذه التحركات دفعت رهانات المستثمرين على ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقد، متجاوزة حتى المستويات التي سُجلت عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022.
محركات الطلب: شهية أمريكية متزايدة
جاءت إشارات قوية من الولايات المتحدة على ارتفاع الطلب على النفط الخام في الأسبوع الماضي، مما دعم الأسعار. فقد أعلن معهد البترول الأمريكي في تقرير صدر في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء، أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة تراجعت بدرجة كبيرة خلال الأسبوع المنتهي في الثالث عشر من يونيو.
وهبطت مخزونات النفط الأمريكية بمقدار 10.13 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، وهو انخفاض يفوق بكثير التوقعات التي كانت تشير إلى تراجع قدره 600 ألف برميل فقط، مما يعكس قوة في الطلب المحلي.
محركات العرض: التوترات الجيوسياسية وتهديدات الإمدادات
تتصدر التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط قائمة محركات العرض، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء إيران إلى "الاستسلام غير المشروط" مع دخول الحرب الجوية بين إيران وإسرائيل يومها السادس، بالتزامن مع تزايد انتشار المقاتلات الأمريكية في المنطقة.
وتفيد تقارير أمريكية بأن الرئيس ترامب يدرس مجموعة من الخيارات، منها توجيه ضربة لإيران، لضمان عدم قدرتها على تطوير قدراتها النووية.
وشهدت المنطقة حوادث أثرت على الإمدادات، حيث أوقفت إيران جزئياً إنتاج الغاز في حقل بارس الجنوبي المشترك مع قطر بعد غارة إسرائيلية أدت إلى اندلاع النيران، كما استهدفت إسرائيل مستودعاً للنفط في إيران.
ويعرب السوق عن قلقه البالغ إزاء اضطراب محتمل في مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله خُمس النفط المنقول بحراً في العالم. وقد اصطدمت ناقلتا نفط قرب المضيق مما أدى إلى اشتعال النيران فيهما يوم الثلاثاء، في حين حذرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية من التداخل الإلكتروني الذي يؤثر على أنظمة الملاحة في السفن.
توقعات متباينة لمستقبل سوق النفط
رغم المخاوف المتزايدة بشأن الإمدادات، تشير بعض التحليلات إلى أن خطر حدوث اضطراب كبير في مضيق هرمز لا يزال ضئيلاً للغاية، وذلك لعدم وجود رغبة لدى إيران في إغلاق المضيق لأنها ستخسر إيراداتها.
وفي الوقت ذاته، ترغب الولايات المتحدة في خفض أسعار النفط والتضخم. وعلى الرغم من احتمال حدوث تعطيل للإمدادات إذا أغلق المضيق لفترة، إلا أن هناك دلالات على أن إمدادات النفط ستظل وفيرة وسط توقعات بانخفاض الطلب العالمي.
وفي تقرير منفصل صدر أمس الثلاثاء، علقت وكالة الطاقة الدولية على تأثير الصراع الإسرائيلي الإيراني على السوق، مشيرة إلى أن إمدادات السوق العالمية ستكون جيدة على ما يبدو خلال العام الجاري ما لم تحدث أي اضطرابات كبيرة، إذ يتجاوز نمو المعروض معدل النمو في الطلب.