الذهب: شهية البنوك المركزية تغير قواعد اللعبة.. ودول الخليج تواصل تكنيزه بقوة

الذهب: شهية البنوك المركزية تغير قواعد اللعبة.. ودول الخليج تواصل تكنيزه بقوة

سلسلة من الصدمات اجتاحت الاقتصاد العالمي في العام الماضي، وتحديدا في النصف الثاني منه، كان أبرزها معدلات التضخم المرتفعة، ما دفع البنوك المركزية إلى زيادة أسعار الفائدة للسيطرة على الوضع، وهو الأمر الذي يمهد لركود قد يستمر لفترة ليست بالقصيرة.

وبعد تلك السلسلة من الصدمات يتوقع أن يمر الاقتصاد العالمي هذا العام بمنعطف آخر، سواء تعلق الأمر بتواصل معركة البنوك المركزية مع التضخم أو بطبيعة التدابير والإجراءات التي ستتخذها الدول والحكومات، إذا ما ضرب الركود مفاصل الاقتصاد الدولي، وهو ما يدفع للتساؤل حول الأداء المتوقع لسوق الذهب العالمي خلال العام الجاري، خاصة في ظل تهافت البنوك المركزية على تكديسه في الآونة الأخيرة وفقًا للتقارير الدولية.

وهو الأمر ذاته الذي دفع البنوك المركزية الخليجية نحو زيادة حيازتها من سبائك الذهب بنسبة 43% على أساس سنوي أي ما يعادل نحو 3 مليارات دولار لتصل إلى 10 مليارات دولار في شهر نوفمبر من عام 2022.

لماذا تكدس البنوك المركزية الذهب؟

أظهرت بيانات نشرها مجلس الذهب العالمي في نوفمبر، إنه "في العام 2022 عملت البنوك المركزية العالمية على شراء الذهب"، وأن "عام 2022 سجّل أكبر نسبة شراء للمعدن الأصفر".

وقال مجلس الذهب العالمي، إن "مشتريات البنوك المركزية من الذهب وصلت إلى مستوى لم يسبق له مثيل منذ عام 1967، حيث اشترت البنوك المركزية في العالم، 673 طناً مترياً في شهر واحد، وفي الربع الثالث، وصل الرقم إلى 400 طن متري".

وذكر المجلس أن "الطلب على الذهب ارتفع بنسبة 28% هذا العام، مدفوعاً بشكل أساسي بالاتجاه نحو الأصول الأكثر أماناً وسط ارتفاع التضخم"، وأنّ "قدر كبير من هذا الطلب جاء من البنوك المركزية في الأشهر الأخيرة"، مشيراً إلى أنّ "تركيا كانت أكبر مشتر للذهب في الربع الثالث، تليها أوزبكستان والهند".

يشكل الدولار الأميركي أكبر نسبة من احتياطيات البنوك المركزية، وفي ظل المنافسة العالمية، سيكون من المنطقي بالنسبة لبعض البنوك المركزية، وخاصة تلك الموجودة في الصين، أن تقرر تقليل الاعتماد على الدولار، والاتجاه لشراء الذهب.

بيد أن احتياطيات الصين من العملات الأجنبية المرتفعة تعد مصدراً رئيسياً لاستقرار بنك الشعب الصيني وخصوصاً الدولار الأميركي، ولكن على الرغم من ذلك، سيكون هذا الاحتياط من الدولار الأميركي أكثر من اللازم، خصوصاً في حال حدوث موجة لم يسبق لها مثيل من انخفاض قيمة الدولار في السنوات العشر التالية.

العامل الآخر الذي يدفع البنوك لشراء الذهب، هو "احتمال أن تصدر البنوك المركزية العملات الرقمية". وإذا بدأت البنوك المركزية في إصدار عملات رقمية، فإن مستوى تدمير القوة الشرائية للعملات الذي شوهد في الخمسين عاماً الماضية سيكون ضئيلاً للغاية مقارنة بما يمكن أن يحدث مع سيطرة البنك المركزي الجامحة مستقبلاً، وفي مثل هذه البيئة، فإنّ مكانة الذهب كاحتياطي للقيمة لا مثيل لها.

ويعد الذهب، تقليدياً، وسيلة احتياط آمنة ضدّ التضخم، بحيث تميل قيمته إلى الارتفاع في ظل الاقتصاد غير المتكافئ.

الصين تواصل شراء الذهب

اشترت الصين، في العام 2022، من سويسرا، 524 طنًا من الذهب، بحوالي 33 مليار دولار، وفقًا لدائرة الجمارك السويسرية. وتعد هذه أكبر كمية في أربع سنوات. فقد ارتفعت واردات المعدن الأصفر بنسبة 48٪ (354 طنًا) مقارنة بالعام 2021.

وزادت واردات الصين من الذهب الروسي أيضا. فوفقا لدائرة الجمارك الفدرالية الروسية، اشترت بكين 6.6 طن من المعدن الثمين من موسكو، العام الماضي. وبلغ النمو 67٪ مقارنة بالعام السابق.

الآن، وصل احتياطي الذهب في الصين إلى 2010 طن. وهي تحتل المرتبة السادسة في احتياطيات الذهب. فيما احتلت الولايات المتحدة قمة الترتيب، اعتبارًا من نهاية سبتمبر 2022 بهامش كبير قدره 8133 طنًا. واحتلت روسيا المرتبة الخامسة بـ 2299 طنًا.

واردات السعودية من الذهب

أوضحت البيانات الصادرة عن هيئة الجمارك في سويسرا يوم الثلاثاء ارتفاع صادرات الذهب السويسرية إلى عدة دول؛ أبرزها السعودية والصين وتركيا وسنغافورة وتايلاند، وذلك خلال عام 2022، لتصل إلى مستويات قياسية لم تشهدا منذ سنوات، إذ أدى تراجع أسعار الذهب العام الماضي إلى زيادة الطلب في آسيا والشرق الأوسط.

ووفقا للبيانات، فقد بلغت صادرات سويسرا من الذهب إلى المملكة العربية السعودية حوالي 47 طنا خلال عام 2022، وهو ارتفاع كبير بنسبة 670%، بالمقارنة مع حجم صادرات الذهب السويسرية للمملكة في 2021، والذي بلغ نحو 7 أطنان فقط، ويعد هذا أعلى مستوى تسجله صادرات الذهب من سويسرا إلى السعودية منذ 2015.

وكان هذا الارتفاع الهائل مدفوعا بشكل رئيس بمخاوف المستثمرين والدرجة العالية من عدم اليقين، والتي قادت ارتفاع الطلب في السعودية والدول الأخرى، حيث زاد الإقبال عليه باعتباره ملاذا آمنا للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية.

حيازة الإمارات من الذهب ترتفع

أعلن مصرف الإمارات المركزي أن رصيده من الذهب على أساس سنوي ارتفع بنسبة 32% بنهاية نوفمبر الماضي. وأظهرت بيانات النشرة الإحصائية الصادرة عن المصرف أن رصيده من المعدن الأصفر وصل إلى 15.47 مليار درهم في نهاية نوفمبر 2022 بزيادة تعادل 3.72 مليار درهم، مقارنة بنحو 11.754 مليار درهم في نوفمبر 2021.

وبحسب الإحصائيات، ارتفع رصيد المصرف المركزي من الذهب على أساس شهري بنسبة 8.14% بزيادة تعادل 1.17 مليار درهم مقارنة برصيده البالغ 14.307 مليار درهم في نهاية أكتوبر 2022.وارتفع رصيد المصرف المركزي من الذهب خلال 11 شهراً الأولى من العام الماضي، بنسبة 30% أو ما يعادل 3.56 مليار درهم مقارنة برصيده البالغ نحو 11.913 مليار درهم في نهاية العام 2021.

ماذا عن بقية الدول الخليجية؟

أظهر المسح الذي استند على بيانات البنوك المركزية الخليجية لشهر نوفمبر الماضي تصدر دولة قطر لدول الخليج في قيمة رصيد المعدن الثمين لدى مصرف قطر المركزي بعد أن سجل ارتفاعاً بنسبة 59% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 18.8 مليار ريال قطر أي ما يقارب 5.2 مليار دولار أميركي،

وجاءت الإمارات بالمرتبة الثانية بعد نمو رصيد مصرفها المركزي من الذهب بنسبة 32% ليصل إلى نحو 15.5 مليار درهم أي ما يقارب 4.2 مليار دولار أميركي

واحتفظت السعودية بالمركز الثالث خليجياً بعد استقرار رصيد المركزي من المعدن الثمين عند 432 مليون دولار أميركي.

وتصدرت دولة قطر الدول الخليجية من حيث حصة الذهب من إجمالي أصول المركزي القطري بنهاية نوفمبر من عام 2022 بعد أن بلغت نسبته نحو 6.6% من الأصول التي بلغت نحو 79 مليار دولار.

وجائت الإمارات المركز الثاني بنسبة 3% من إجمالي أصول مصرفها المركزي، فيما احتلت البحرين بالمرتبة الثالثة بعد بلغت نسبة حيازتها من الذهب إلى إجمالي أصولها إلى 0.4% في الشهر ذاته.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image