طاقة جديدة تهدد ثلث إنتاج النفط العالمي، هل تتعرض لإنتاج النفط من الوطن العربي؟

طاقة جديدة تهدد ثلث إنتاج النفط العالمي، هل تتعرض لإنتاج النفط من الوطن العربي؟

رغم أنها تعد طاقة المستقبل التي يتهافت عليها الجميع لميزانيتها الكبيرة، إلا أنها تبدو بمثابة شبح يهدد إنتاج النفط العالمي، ليست النفط الصخري وليست أحد وسائل الطاقة المألوفة. 

إذا ما تلك الطاقة ومن ينتجها ومن سيصبح الملك الجديد في سوق الطاقة المستقبلية. 

بيدي لا بيد عمرو 

يبدو أن منطقة الخليج كتب لها أن تصبح ماضي ومستقبل الطاقة في العالم، حيث إن الطاقة الجديدة المعروفة بالهيدروجين الأخضر، من المرجح أن تتبوأ دول منطقة الخليج مكانة الصدارة في إنتاجها. 

إذا فالخليج بات قادرا على انهاء عصر الطاقة النفطية التي يعد هو الملك الأول والمنافس الوحيد فيها بلا منازع، لصالح عصر جديد يصبح فيه أيضا القائد والمتصدر. 

فرصة 

كشف تقرير صادر عن شركة ستراتيجي&(وهي جزء من شبكة بي دبليو سي العالمية) أن التحول السريع نحو الهيدروجين الأخضر يمثل فرصة سانحة أمام دول مجلس التعاون الخليجي للاضطلاع بدور رائد في تنمية وتوسع هذا القطاع الجديد. 

إذ تشير الوقائع إلى أن الهيدروجين الأخضر قد يتحول إلى مصدر طاقة رئيسي متعدد الاستخدامات في المستقبل الخالي من الكربون. 

 حيث من المتوقع أن يتجاوز الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر 530 مليون طن بحلول العام 2050، ما يعادل 7% من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي.  

الأمر الذي سيؤدي إلى تحييد ما يكافئ 10 مليار برميل نفط سنوياً، وهو ما يمثل نحو 37% من إنتاج النفط العالمي.  

ويسلط التقرير الضوء على أفضل السبل للمنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي لتلبية احتياجات أسواق التصدير الكبيرة عبر استخدام الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحويله إلى أمونيا خضراء. 

قادم لا محالة 

وقال أولريخ كوغلر، وهو شريك في ستراتيجي& "إن اقتصاد الهيدروجين الأخضر قادم لا محالة. 

ولكنه سيستلزم بناء منظومة جديدة للطاقة ذات متطلبات فريدة، ولازالت هناك العديد من العناصر الضرورية لبناء هذه المنظومة غير جاهزة حتى اليوم. 

 ورغم إثبات جدواها تقنياً، لم يتم إنتاج الأمونيا الخضراء على المستويات الصناعية بعد. 

 ولكن مع وجود العديد من المشاريع العملاقة تحت الإنشاء حالياً، فقد بات التسويق التجاري وشيكاً. 

 وعلى الطرف الآخر من سلسلة التوريد، لا تزال تقنية ´تشقق´ الأمونيا في حاجة إلى المزيد من التطوير لاستخراج الهيدروجين العالي النقاء بتكلفة منخفضة وبالكميات المطلوبة". 

 دول الخليج 

وفي الوقت الحالي، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بالعديد من المزايا التي تخولها لتصدر قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر. 

مثل موارد الطاقة المتجددة الوفيرة والمنخفضة التكلفة. إلا أنّ هذا بحد ذاته لا يكفي لاكتساح السوق العالمية، إذ أن كلفة نقل الهيدروجين الأخضر قد تكون باهظة للغاية، وقد تصل إلى ضعف تكلفة الإنتاج الأولية.  

ونتيجة لذلك، فإنّ العقبة الرئيسية أمام تزويد أسواق الاستيراد الضخمة كأوروبا وشرق آسيا بالهيدروجين الأخضر، تتمثل في تكاليف النقل الباهظة على طول سلسلة الإمداد. 

النقل 

وقال جيمس توماس، وهو شريك في ستراتيجي& الشرق الأوسط: "هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأمونيا مجدية كوسيلة لنقل الهيدروجي. 

 فهي آمنة وتتطلب قدراً أقل من التعقيد من ناحية النقل مقارنة بالهيدروجين الغازي. 

 كما أن سلسلة قيمة الأمونيا وأنماط التداول بها قائمة في الأساس، ولو أنّها تعمل بجزء ضئيل من الحجم المطلوب لتصبح عنصراً أساسياً في مزيج الطاق. 

 وهنالك أيضاً مسارات شحن دولية قائمة تتداخل مع تدفقات تصدير الهيدروجين الأخضر المحتملة، وشبكة من الموانئ في مختلف أنحاء العالم قادرة على التعامل مع الأمونيا على نطاق صناعي ". 

وثمة العديد من المبادرات التي يجري تنفيذها حالياً لجعل الأمونيا الخضراء الخيار المفضل لنقل الهيدروجين لمسافات طويلة. 

 بما في ذلك عدد من المشاريع الكبرى في أستراليا والمشاريع التي تم الإعلان عنها مؤخراً في المملكة العربية السعودية. 

ضرورة 

علاوةً على ذلك، هناك ضرورة ملحة بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة لإرساء الأساس لاقتصاد قائم على الهيدروجين الأخضر يتمتع بالكفاءة والفعالية للاستخدام المحلي والتصدير. 

 ويتطلب ذلك وضع استراتيجيات وطنية فعالة لمنظومة الهيدروجين الأخضر، ووضع السياسات والأطر التنظيمية اللازمة. 

وكذلك وإنشاء بيئة استثمارية ملائمة ترسّخ الثقة بين الأطراف المعنية وتقود إلى تقدم أسرع في هذا المضمار، وتسهم في إطلاق المشاريع لتطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر وإرساء الصيغة الأمثل التي تفضي إلى النجاح التجاري الأكيد.  

4 أولويات 

ووفقاً للتقرير، هناك أربع أولويات استراتيجية على المدى الطويل بالنسبة إلى المنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي لقيادة سوق تصدير الهيدروجين الأخضر. 

إنشاء  

إنشاء قدرات منخفضة التكلفة وواسعة النطاق لإنتاج الهيدروجين الأخضر 

إن متابعة دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار في محطات الطاقة الشمسية على نطاق واسع وربطها بشبكات المرافق العامة. 

والذي سيسهم في توفير طاقة كهربائية متجددة منخفضة التكلفة يمكن الاستفادة منها في إنتاج الهيدروجين، واعتماد تقنيات التحليل الكهربائي الأكثر ملاءمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع. 

الأمونيا 

التركيز على إنتاج الأمونيا الخضراء كناقل ووسيط لتخزين الهيدروجين 

من المهم أن يشكل هذا مجال تركيز رئيسي للإنفاق على البحث والتطوير، وفرصةً لتوطين القدرات العالمية الرائدة التي تضمها دول مجلس التعاون الخليجي. 

 الأمر الذي من شأنه دعم اقتصاد الهيدروجين العالمي الجديد. 

التمرس 

التمرس في استخدام تقنيات تشقق الأمونيا في منافذ وجهات التصدير الرئيسية 

يمثل اختيار أسواق التصدير أهمية بالغة. وينبغي للمصدرين في دول مجلس التعاون الخليجي التخطيط على المدى الطويل. 

 والتركيز على عدد قليل نسبياً من الأسواق ذات الطلب المستدام التي تتميز بتوقعات استهلاك مرتفعة وإمكانات إنتاج منخفضة. 

مراكز 

إنشاء مراكز رئيسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر 

لتحقيق الحد الأقصى من فعالية التكلفة، لابد لمصدّري دول مجلس التعاون الخليجي من إنشاء مراكز رئيسية شاملة تضم بنية تحتية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا. 

على أن تركز على الإنتاج المحلي وأنشطة إعادة التحويل المركزية في وجهات التصدير. 

 ويمكن إقامة هذه المراكز في دول مجلس التعاون الخليجي بمحاذاة منشآت توليد الطاقة الكهربائية المتجددة أو على مقربة منها. 

وقالت سوزي الماسي، وهي مستشارة تنفيذية في ستراتيجي& الشرق الأوسط: "على الرغم من أنّ العديد من دول العالم لديها خطط طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بمزايا فريدة من شأنها أن تسمح لها بتأدية بدور رائد في اقتصاد الهيدروجين العالمي.  

ومن خلال اغتنام فرصة الاستفادة من صعود نجم الهيدروجين الأخضر، تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي أن تضع الأسس اللازمة لدفع عجلة النمو الاقتصادي في عالم المستقبل الخالي من الكربون، وأن تضمن استمرار نفوذها في أسواق الطاقة العالمية". 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image