لماذا يضطر الاحتياطي النيوزلندي لخفض الفائدة بنصف نقطة مجدداً وسط تصاعد ضغوط التضخم؟

من المحتمل أن يقرر بنك الاحتياطي النيوزلندي أولى تخفيضات الفائدة خلال عام 2025، والتخفيض الثالث على التوالي بمقدار 50 نقطة أساس، عقب انتهاء اجتماعه بوقت مبكر من صباح غداً الأربعاء.
ولكن ما الذي يدفع الاحتياطي النيوزلندي لاتخاذ قرار خفض الفائدة بالرغم من تزايد الضغوط التضخمية؟
يبدو أن تدهور الأوضاع الاقتصادية قد تكون سبباً مقنعاً لخفض الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة خصوصاً بعدما سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشاً بنسبة 0.3% خلال الربع الثالث من العام الماضي.
كما عانت نيوزيلندا من ركود عميق العام الماضي، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1% في الأشهر الستة حتى سبتمبر، نقلاً عن بلومبيرج، وقد ساعد ذلك في تهدئة التضخم إلى 2.2%، بالقرب من منتصف النطاق المستهدف للبنك المركزي 1-3%.
وأيضاً، تباطأ نمو التضخم في نيوزيلندا من 1.8% إلى 0.5% خلال الربع السنوي الأخيرة من عام 2024، ما يفتح المجال أمام بنك الاحتياطي النيوزلندي لمواصلة دورة خفض أسعار الفائدة بأريحية.
وبجانب ذلك، اقتصاد نيوزيلندا يواجه ضغوط أخرى بسبب سياسات إدارة دونالد ترامب ضد الصين -إذ تعد نيوزيلندا من كبار الشركاء التجاريين للبلاد- حيث تتجه الإدارة الأمريكية الجديدة لفرض تعريفات جمركية على الصين، ما قد يؤثر على النشاط الاقتصادي للبلدين، وبالتالي، قد يتأثر اقتصاد نيوزيلندا بالتبعية.
ولكن، الضغوط التضخمية الصعودية آخذة في الازدياد، وعلى وجه التحديد، قوة سوق العمل في نيوزيلندا حيث ارتفع معدل التوظيف داخل البلاد بنسبة 0.4% خلال الربع الماضي، فيما كان من المتوقع ارتفاع المعدل بنحو 0.3% فقط، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 0.1% خلال الربع السابق له، وقد يؤثر هذا على الإنفاق الاستهلاكي، ما قد ينعكس على التضخم.
وعلاوة على ذلك، قد يساهم ضعف الدولار النيوزلندي في تعزيز الضغوط التضخمية من خلال ارتفاع أسعار الواردات، ما قد يؤدي لارتفاع التضخم مرة أخرى هذا العام، وبالتالي، يجب أن يتبنى الاحتياطي النيوزلندي نهجاً أكثر حذراً لتيسير السياسة النقدية.
أما عن صناع السياسة النقدية في نيوزيلندا ؛ قد صرح محافظ الاحتياطي النيوزلندي أدريان أور أثناء اجتماعه الأخير إن صانعي السياسة يتوقعون خفض السعر القياسي بمقدار 50 نقطة في فبراير، بشرط أن يتحرك الاقتصاد كما هو متوقع.
وقالت كيلي إيكهولد، كبيرة الاقتصاديين في بنك ويستباك، إن معدل الفائدة الرئيسي (OCR) في نيوزيلندا قد يصل إلى 3.25% بنهاية عام 2025، كما توقعت أن يلاحظ بنك الاحتياطي النيوزلندي المخاطر الكبيرة المرتبطة بسياسات التجارة العالمية ما يزيد من حالة عدم اليقين.
وبهذا الصدد، أفاد ستيفن توبليس، رئيس الأبحاث في بنك نيوزيلندا في ويلينجتون، بأن عدم اليقين يولد الحذر، لذا فإن التطورات في صنع السياسة الأمريكية هي سبب وجيه للغاية لعدم قيام بنك الاحتياطي النيوزلندي بخفض أسعار الفائدة بأكثر من 25 نقطة أساس لكل اجتماع بعد فبراير.
السيناريوهات المتوقعة لقرار الاحتياطي النيوزلندي هذا الاجتماع
من العرض السابق لأهم ملابسات اجتماع بنك الاحتياطي النيوزلندي والخلفية الاقتصادية للاجتماع؛ يبدو أن البنك المركزي أمام خيارين وهما كما يلي:
السيناريو الأول: يتمثل في خفض الاحتياطي النيوزلندي لأسعار الفائدة الرئيسية ocr بواقع 25 نقطة أساس، مع الحديث عن تراجع التضخم إلى هدف البنك المركزي جنباً إلى جنب مع تدهور النشاط الاقتصادي والتلميح أن الاحتياطي النيوزلندي سيواصل دورة تيسير السياسة النقدية خلال الاجتماعات المقبلة.
ومن المرجح أن يشهد الدولار النيوزلندي انخفاضاً قوياً حال حدوث هذا السيناريو خلال التداولات اللاحقة بسوق العملات الأجنبية الرئيسية.
السيناريو الثاني: يدور حول خفض بنك الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة بنسبة 0.50% هذا الاجتماع، مع الإشارة إلى التحديات التي تواجه استمرار انخفاض التضخم واستقراره داخل النطاق المستهدف بشكل دائم، ما يستدعي الحذر بشأن تحركات السياسة النقدية المقبلة، وهذا الاحتمال قد يعزز أداء الدولار النيوزلندي بتداولات سوق العملات الأجنبية اللاحقة لصدور القرار.