هل تدعم قرارات بنك إنجلترا غدا الصعود القياسي للاسترليني اليوم؟.. السيناريو المتوقع

هل تدعم قرارات بنك إنجلترا غدا الصعود القياسي للاسترليني اليوم؟.. السيناريو المتوقع
سيناريو متوقع بنك إنجلترا

تترقب الأسواق غدا صدور قرار بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة، والتي تؤثر بشكل كبير على تحركات الجنيه الاسترليني في سوق العملات، خاصة بعد الصعود القوي الذي شهدته العملة البريطانية اليوم، والذي دفعها لأعلى مستوياتها في أكثر من عام منذ 26 أبريل 2022، لتتجاوز مستوى 1.2670 مقابل الدولار الأمريكي، وسط تزايد التوقعات بأن بنك إنجلترا قد يرفع الفائدة للمرة الثانية عشر على التوالي، لخفض التضخم المرتفع للغاية ، والذي لا يزال يبدي مقاومة كبيرة أعلى مستوى 10% في ظل استمرار أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، وفيما يلي نظرة على السيناريوهات المتوقعة لقرار بنك إنجلترا وفقا للمعطيات الاقتصادية:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية بالمملكة المتحدة:

أظهرت آخر بيانات التضخم الصادرة في بريطانيا عن شهر مارس الماضي تباطؤ معدل التضخم في المملكة المتحدة بأقل من توقعات الأسواق، حيث سجلت بريطانيا نموا في أسعار المستهلك بواقع 10.1%، في حين كانت تشير الأسواق لنموه بواقع 9.8% فقط، انخفاضا من قراءة فبراير البالغة 10.4%، وهو ما استمر في تغذية أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة التي تعاني منها الأسر البريطانيا منذ فترات الإغلاقات الوبائية.

وجاء هذا تزامنا مع تسجيل معدل التضخم البريطاني تباطؤا أقل من المتوقع أيضا على أساس ليسجل 0.8%، بعدما أشارت التوقعات لتسجيله 0.5% فقط خلال مارس، انخفاضا من 1.1% التي سجلها بشهر فبراير الماضي، مما يدعم احتمالية قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة مرة أخرى باجتماع لجنة السياسة النقدية غدا الخميس، لمنع حدوث سيناريو ترسخ التضخم المرتفع، والاقتراب من تحقيق استقرار الأسعار بشكل أسرع.

ويأتي هذا مدعوما بتوقعات بنك إنجلترا الاقتصادية، والتي تشير إلى أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم في المملكة المتحدة بسرعة بدءا من منتصف عام 2023 ، ليهبط إلى حوالي 4% بحلول نهاية العام الجاري، وهو ما يبدو هدفا بعيد المنال في ظل استمرار تسجيل المؤشر أرقاما أعلى 10% حتى نهاية شهر مارس.

من ناحية أخرى، فقد تجاوز الاقتصاد البريطاني التوقعات هذا العام وحتى الآن ، وعلى الرغم من استقرار الناتج المحلي الإجمالي خلال شهر فبراير الماضي، حيث أعاقت الإضرابات السياسية وضغط تكلفة المعيشة النشاط الاقتصادي، إلا أن قراءة النمو لشهر يناير تمت مراجعتها على نحو مرتفع، ولم يتجه الاقتصاد حتى الآن إلى تسجيل معدلات سالبة بما يكفي للدخول في منطقة الركود الفني.

ومع ذلك، فقد أظهرت بيانات مبيعات التجزئة انكماشا فاق المتوقع خلال شهر مارس الماضي، كما كشفت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات انكماش القطاع التصنيعي للمملكة المتحدة  في أبريل بما يفوق توقعات الأسواق بكثير، على الرغم من أن القطاع الخدمي قد سجل قراءة أعلى من المتوقع لمؤشر مدير يالمشتريات، حيث سجل أعلى قراءاته منذ أبريل من العام الماضي.

أما على صعيد أداء سوق العمل، فقد أظهرت البيانات زيادة إعانات البطالة على عكس التوقعات بارتفاعها، وزيادة معدل البطالة، ولكن بيانات متوسط الأجور قد سجلت نموا قويا فاق توقعات الأسواق بكثير عند 5.9%، الأمر الذي دفع محافظ بنك إنجلترا لتحذير الشركات من أن البنك سيستمر في رفع الفائدة طالما استمرت تلك الزيادات الكبيرة بالأجور، والتي تعمل على تغذية بيانات التضخم بشكل كبير.

ثانيا: تصريحات صانعي السياسة في بنك إنجلترا

صرح نائب محافظ بنك إنجلترا بن برودبنت بأنه إذا وجد البنك إشارات على صدمات تضخم أخرى قادمة، فإن هذا سيدفعه إلى تشدد السياسة النقدية بشكل أسرع، لمنع ارتفاعا التضخم بأكثر من ذلك، وتأتي تصريحاته بعد أن صرح كبير اقتصاديي البنك هوو بيل بأن خفض التضخم يجب أن يكون أولوية البنك الأولى والأهم، حتى وإن أثر هذا على النشاط الاقتصادي أو سوق العمل.

وفي تعليقاته أمام معهد التمويل الدولي في واشنطن على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي، صرح محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي بأنه لا يعتقد أن الاقتصاد العالمي يواجه أزمة مصرفية نظامية، وأكد على أن قرارات الفائدة المستقبلية لا ينبغي أن نعرقلها أية تداعيات محتملة على القطاع المصرفي، حتى وإن تم أخذها بالاعتبار أثناء اتخاذ القرار.

ثالثا: توقعات البنوك والمؤسسات المالية الكبرى لقرار بنك إنجلترا

قام بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي بتغيير توقعاته لقرار بنك إنجلترا المقبل، وأوضح أنه يتوقع قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة مرة أخرى باجتماع مايو بواقع 25 نقطة أساس ، بعد البيانات الاقتصادية الأخيرة، وذلك بعدما كان يتوقع سابقا أن بنك إنجلترا سيبقي على أسعار الفائدة دون تغيير.

وفي مذكرة نشرها بنك الاستثمار البريطاني إتش إس بي سي HSBC ، أوضح اقتصاديو البنك أنهم يتوقعون قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة خلال الاجتماعين المقبلين، وليس الاجتماع المقبل فقط، وأضافوا أنهم يتوقعون وصول سعر الفائدة إلى 4.75%، وأن يرفع البنك المعدلات بواقع 25 نقطة أساس باجتماع مايو.

هذا كما توقع بنك الاستثمار الألماني دويتشه Deutsche بأنه أيضا يتوقع قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة لمرتين متتاليتين بواقع 25 نقطة أساس، لكل اجتماع على حدة.

رابعا: السيناريو المتوقع لقرار بنك إنجلترا

استنادا إلى الأوضاع الاقتصادية بالمملكة المتحدة وتصريحات صانعي السياسة النقدية لدى بنك إنجلترا وكذلك المؤسسات المالية الكبرى، فإن السيناريو المتوقع لقرار بنك إنجلترا غدا يتمثل في:

السيناريو الأول:

أن تختار لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس أخرى غدا من 4.25% إلى 4.50% والتصريح بأن البنك سيستمر بجعل خفض التضخم أولويته الأولى، وهو السيناريو الأرجح في ظل بيانات التضخم الأخيرة، وسيكون لهذا المزيد من التأثير الإيجابي على الجنيه الاسترليني.

السيناريو الثاني:

أن تقوم لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا برفع الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، وأن يلمح البنك بعدها إلى التوقف عن رفع الفائدة بعد ذلك، ويعد هذا السيناريو هو الأقل ترجيحا، وقد يؤثر سلبا على أداء الجنيه الاسترليني ، ويدفع إلى عمليات بيع قوية لجني الأرباح بعد الصعود القوي للغاية الذي شهده اليوم.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image