هل تدفع بيانات التضخم المركزي الأوروبي لزيادة وتيرة رفع الفائدة مجددا؟ .. السيناريو المتوقع

هل تدفع بيانات التضخم المركزي الأوروبي لزيادة وتيرة رفع الفائدة مجددا؟ .. السيناريو المتوقع
سيناريو متوقع المركزي الأوروبي

مع حلول شهر فبراير، وتزامنا مع صدور قرارات الفائدة للبنوك المركزية الرئيسية، تترقب الأسواق والمستثمرين صدور قرار الفائدة للجنة السياسة النقدي لدى البنك المركزي الأوروبي غدا الخميس ، وذلك لما لها من تأثير قوي على التداولات عادة، وخاصة على تداولات زوج اليورو دولار، وفيما يلي نظرة على الأوضاع الاقتصادية لمنطقة اليورو وتأثيرها المحتمل على قرار المركزي الأوروبي والنتائج المتوقعة لسيناريوهات القرار:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية لمنطقة اليورو:

صدرت العديد من البيانات الاقتصادية لمنطقة اليورو خلال الفترة الماضية، ومنذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، والتي من شأنها أن تقود قرار البنك خلال اجتماع الغد، خاصة بيانات التضخم للمنطقة.

وكانت البيانات الصادرة صباح اليوم الأربعاء للقراءة الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين بالمنطقة قد أظهرت تباطؤا ملحوظا، حيث سجل المؤشر 8.5% خلال شهر يناير الماضي، انخفاضا من 9.2% التي سجلها خلال ديسمبر الماضي، في حين كانت توقعات الأسواق تشير لتباطؤة إلى 9.0% فقط، ولكنه رغم ذلك لا يزال مرتفعا للغاية، وبعيدا عن هدف المركزي الأوروبي البالغ 2%.

وفي نفس الوقت، سجل التضخم الأساسي للمنطقة خلال شهر يناير نفس قرائته السابقة لشهر ديسمبر، حيث ارتفع بنحو 5.2% أيضا، في حين كانت الأسواق تشير لتسجيله 5.1%، وهو ما يدعم استمرار المركزي الاوروبي في رفع أسعار الفائدة بوتيرة قوية، حيث أن تلك البيانات تشير إلى أن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نسبيا.

أما من ناحية الأداء الاقتصادي، فقد أظهر مؤشر مناخ الأعمال الصادر عن معهد IFO تحسنا طفيفا، كما سجل مؤشر ثقة الاقتصاد الصادر عن معهد ZEW قراءة موجبة للمرة الأولى منذ فبراير الماضي، بما يعكس تحسن المعنويات تجاه اقتصاد المنطقة بعدما شهدت أسعار الغاز والطاقة الأوروبية انخفاضا كبيرا، نتيجة حزم الدعم التي وفرتها الحكومات على أسعار الطاقة.

وبالنسبة لمؤشرات النشاط الاقتصادي والنمو، فقد مالت البيانات نحو تسجيل قراءات سلبية، حيث انكمشت مبيعات التجزئة الألمانية بشكل حاد، وسجلت الاقتصادات الكبرى للمنطقة نموا ضعيفا للغاية بالربع الأخير من العام الماضي، في الوقت الذي سجلت فيه ألمانيا انكماشا باقتصادها.

ولم تساعد بيانات سوق العمل الأوضاع، حيث أظهرت ارتفاعا طفيفا بمعدل البطالة في منطقة اليورو ليسجل 6.6%، وهو ما قد يدفع المركزي الأوروبي إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة بطيئة، خاصة في ظل ظهور عدة علامات على التباطؤ الاقتصادي، وتحذير البنك الاتحادي الألماني من أن المنطقة قد تشهد ركودا وإن كان أقل مما كانت تخشاه الأسواق.

هذا وقد أظهرت مؤشرات مديري المشتريات للقطاعين الخدمي والتصنيعي الصادرة عن شهر يناير لأبرز اقتصادات المنطقة تباينا بالأداء، مع تحسن أداء بعضها وارتفاعه لمنطقة النمو، ولكن بوجه عام، لا يزال القطاع التصنيعي في المنطقة وخاصة بألمانيا في منطقة الانكماش، وهو ما يعزز المخاوف بشأن الركود.

ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء البنك المركزي الأوروبي:

اتجهت تصريحات أغلب أعضاء وصانعي السياسة بالبنك المركزي الأوروبي، وعلى رأسهم محافظ البنك كريستين لاجارد، نحو التأكيد على أن لجنة السياسة النقدية لا تزالي بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، لتصبح في منطقة مقيدة بما يكفي للسيطرة على التضخم.

وصرح صانع السياسة في البنك المركزي الأوروبي بيتر كازيمير بأن انخفاض التضخم بمنطقة اليورو إشارة جيدة، ولكنه ليس سببا كافيا لقيام المركزي الأوروبي بخفض وتيرة رفع أسعار الفائدة، وأوضح أن المركزي الأوروبي بحاجة لرفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لمرتين متتاليتين.

وكانت تصريحات العضو كلاس نوت مماثلة لكازمير، حيث أشار إلى أن المركزي الأوروبي بحاجة إلى رفع الفائدة بوتيرة 50 نقطة أساس لأكثر من مرة، حيث أنه يرى أن الضغوط التضخمية لم تنحسر بعد، وهو نفس الرأي الذي تبناه صناع السياسة النقدية بانيتا وسيمكوس وناجل وفيسكو ورين.

ولكن محضر اجتماع المركزي الأوروبي الصادر يوم 19 ديسمبر الصادر عن اجتماع ديسمبر الماضي أوضح أن العديد من الأعضاء كانوا يفضلون رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس وليس 50 نقطة فقط.

هذا في حين صرح عضو المركزي الاوروبي جابريال مخلوف بأنه لا يرى أن البنك المركزي الأوروبي سيكون بحاجة إلى رفع الفائدة مرة أخرى باجتماع مارس، وأشار إلى أنه يرى أن رفعها بواقع 50 نقطة أساس باجتماع فبراير سيكون كافيا.

ثالثا: توقعات أبرز البنوك الكبرى وتأثيرها على قرار المركزي الأوروبي:

أوضحت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني بأنها تتوقع أن يقوم المركزي الأووربي برفع أسعار الفائدة بإجمالي 150 نقطة أساس خلال النصف الأول من العام، لتصل إلى معدل فائدة نهائي يبلغ 3.5%، وأشارت إلى أنها تتوقع أن المركزي الاوروبي سيرفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس باجتماعه المقبل.

هذا كما أوضح رابو بنك بأنه يتوقع رفع المركزي الأوروبي لاسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أيضا باجتماع الغد، وأن تركيز المستثمرين سينصب على الحديث حول مسار البنك خلال الاجتماعات المقبلة، وكذلك توقع بنك ستاندرد تشارترد أيضا رفع الفائدة بنفس المقدار.

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات المركزي الأوروبي وتأثيرها:

وفقا لمعطيات السوق الحالية وفي ظل البيانات الاقتصادية الصادرة في منطقة اليورو بالفترة الأخيرة، فإن هناك البنك المركزي الأوروبي سيناقش على الأغلب خيارين أثناء اتخاذ قراره، وستكون السيناريوهات كالتالي:

السيناريو الأول، وهو الأرجح، يتمثل في رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، كما بالاجتماع السابق، في ظل استمرار جهود البنك للحد من الضغوط التضخمية، وستدلي محافظ المركزي الأوروبي كريستين لاجارد ببعض التصريحات حول اعتزام البنك الاستمرار برفع الفائدة بالاجتماعات المقبلة، لأن التضخم لا يزال مرتفعا للغاية، كما ستتحدث عن استمرار البنك ببرنامج التشديد الكمي الذي بدأه الشهر الماضي، وقد يكون لهذا السيناريو تأثيرا إيجابيا على تحركات اليورو بسوق العملات.

السيناريو الثاني، وهو الأقل احتمالا، أن يقرر المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس أخرى، استجابة لبيانات التضخم الأساسي التي لا تزال لم تظهر تباطؤا ملحوظا، بل وأنه قد ارتفع في بعض بلاد المنطقة مثل إسبانيا، مع الإشارة إلى إبطاء وتيرة التشديد النقدي بعد ذلك، وقد يكون هذا السيناريو أكثر إيجابية على تحركات اليورو، ولكنه سيعزز مخاوف الركود بشكل كبير.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image