السيناريو المتوقع: هل يمهد الفيدرالي الأمريكي الطريق لرفع الفائدة قريبا؟

السيناريو المتوقع: هل يمهد الفيدرالي الأمريكي الطريق لرفع الفائدة قريبا؟
السيناريو المتوقع لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تنتظر أسواق العملات غدا الأربعاء بتمام الساعة 7 مساءا بتوقيت جرينتش صدور قررات الفيدرالي الأمريكي حول السياسة النقدية. ومن المقرر أن يعقب ذلك انعقاد المؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، للتعليق على بيان الفائدة وقرارات البنك.

ومن المتوقع أن يكون لقرارات الغد وتصريحات باول تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي وبعض السلع وأيضا، سوق الأسهم الأمريكية، وبخاصة وأن الأسواق تترقب هذا الاجتماع الأول في العام الجديد لأنه قد يتم التلميح فيه برفع الفائدة الأمريكية قريبا، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير، صدرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة في الولايات المتحدة، والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم إعلان الفيدرالي الأمريكي قرارات مهمة غدا الأربعاء وعلى رأسها تعديل توقعات التضخم والنمو الاقتصادي والبطالة خلال الفترة المقبلة.

وبالنظر إلى تلك البيانات، نجد أن تلك البيانات كانت إيجابية على نحو كبير، خلال شهر ديسمبر الماضي، فعلى سبيل المثال، جاءت بيانات التضخم الشهري أعلى من المتوقع، حيث ارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 0.5% خلال ديسمبر الماضي، وهو أعلى من توقعات الأسواق فيما يتعلق بهذا الشأن، وبالتالي يواصل التضخم السنوي الأمريكي صعوده إلى مستويات مرتفعة جديدة، بما يزيد الضغوط على الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بضرورة رفع الفائدة قريبا للعمل على احتواء التضخم.

وفي الوقت ذاته، شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي نوعا من التباين، وبخاصة وأن مؤشر التغير في التوظيف والذي يوضح مدى إضافة الاقتصاد الأمريكي لوظائف جديدة سجل نحو 199 ألف وظيفة بنهاية ديسمبر، بعدما كان قد سجل نحو 249 ألف وظيفة خلال نوفمبر الماضي، ومن ثم، انعكس ذلك على بيانات البطالة الأمريكية والتي انخفضت لمستوى 3.9% بنهاية ديسمبر الماضي، وهو ما يزيد التكهنات حول الاقتراب من هدف الفيدرالي الأمريكي بتحقيق الاستغلال الأمثل لسوق العمل.

ومن ثم، يمكن القول بأن البيانات الاقتصادية الأهم والتي تؤثر على قرارات سياسة الفيدرالي الأمريكي النقدية وهي بيانات التضخم، وبيانات التوظيف تزيد الضغوط عليه بقوة وبخاصة التضخم المرتفع للغاية وقد نشهد تلميحا قويا نحو رفع الفائدة الأمريكية قريبا لكبح التضخم المرتفع.

ثانيا: تصريحات صناع القرار داخل الفيدرالي الأمريكي توضح احتمالية رفع الفائدة قريبا

توالت تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية، وتشابهت تصريحات الكثير منهم فيما يتعلق بضرورة بدء رفع الفائدة قريبا للسيطرة على التضخم المرتفع.

وفي هذا الشأن، أكد محافظ البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي، جيروم باول، خلال شهادته أمام الكونجرس الأخيرة بأن الفيدرالي الأمريكي سيفكر في رفع الفائدة قريبا في ضوء البيانات الاقتصادية خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها بيانات التضخم المرتفع للغاية.

وأيضا، قال عضو البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، جيمس بولارد، بأن  رفع أسعار الفائدة 4 مرات خلال 2022 احتمال قوي، وذلك لمواجهة التضخم المرتفع، وكذلك أن تكون رمية البداية في مارس. وأضاف بولارد، في مقابلة مع وول ستريت جورنال، أن سوق العمل قوية،ومعدل البطالة قد ينخفض ​​إلى أقل من 3%، لذلك يجب أن يكون رفع الفائدة مصحوب بخفض الميزانية العامة.

ثالثا: تطورات متحور أوميكرون وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

خلال الفترة الماضية، تزايدات وتيرة أعداد إصابات ووفيات فيروس كورونا داخل الولايات المتحدة في الارتفاع مجددا بسبب متحور أوميكرون الجديد، ولكن التأكيدات من قبل صانعي القرار تشير إلى محدودية التأثير على التعافي الاقتصادي، وبالتالي فعل الأرجح قد يستمر عودة الاقتصاد الأمريكي لطبيعته بالفترة المقبلة، وهو ما يدعم خطط الفيدرالي الأمريكي نحو التشديد النقدي سريعا.

رابعا: سيناريوهات قرار الفيدرالي الأمريكي المتوقعة وتأثيرها بتحركات الدولار

تشير توقعات الأسواق إلى إبقاء الفيدرالي الأمريكي على الفائدة دون تغيير خلال اجتماع يناير الجاري عند مستويات 0.25%، ولكن على الأرجح بشكل كبير، فإن الفيدرالي الأمريكي قد يلمح سواء من خلال بيان الفائدة أو من تصريحات محافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، بأن رفع الفائدة قد اقترب بسبب التضخم المرتفع،  وهذا السيناريو قد يكون لها تأثير إيجابي قوي جدا على تحركات الدولار الأمريكي، بما قد يعزز ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي بقوة بدعم حالة التفاؤل التي ستدفع المستثمرين نحو الدولار الأمريكي والابتعاد عن أي ملاذات استثمارية أخرى مثل الذهب أو العملات الرقمية أو ربما سوق الأسهم الأمريكية.

وعلى الجانب الاَخر، أو السيناريو الثاني، فإن قرارات الفيدرالي الأمريكي غدا بالإبقاء على الفائدة دون تعديل، وعدم التلميح إلى بدء تسريع وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة قريبا حتى تصدر المزيد من البيانات الاقتصادية تزامنا مع ارتفاع إصابات متحور أوميكرون بقوة، فإن مثل هذا السيناريو، قد يكون لها تأثير سلبي على الدولار الأمريكي وهو ما سينكس بدوره إيجابيا على الذهب والأسهم الأمريكية وسوق العملات الرقمية التي تعاني خلال الفترة الماضية، ولكن هذا السيناريو يظل مستبعدا بسبب ارتفاع التضخم الأمريكي بقوة وضرورة أن يتخذ الفيدرالي الأمريكي موقفا قويا لكبح معدلات التضخم المرتفعة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image