السيناريو المتوقع: هل نشهد مفاجآت جديدة من قبل الفيدرالي الأمريكي؟

السيناريو المتوقع: هل نشهد مفاجآت جديدة من قبل الفيدرالي الأمريكي؟
السيناريو المتوقع لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تترقب الأسواق غدا الأربعاء في تمام الساعة 6 مساء بتوقيت جرينتش صدور قررات الفيدرالي الأمريكي حول السياسة النقدية. ومن المقرر أن يعقب ذلك انعقاد المؤتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، للتعليق على بيان الفائدة وقرارات البنك، ومن المتوقع أن يكون لقرارات الغد وتصريحات باول تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي وبعض السلع وأيضا، سوق الأسهم الأمريكية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي

منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير، صدرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة في الولايات المتحدة، والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم إعلان الفيدرالي الأمريكي موعد خفض شراء السندات قريبا.

وبالنظر إلى تلك البيانات، نجد أن تلك البيانات كانت متباينة بشكل واضح خلال شهر أكتوبر الماض فعلى سبيل المثال، جاءت بيانات التضخم الشهري خلال سبتمبر أعلى من المتوقع، حيث ارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 0.4% خلال سبتمبر، وهو أعلى من القراءة السابقة وتوقعات الأسواق فيما يتعلق بهذا الشأن، وبالتالي يواصل التضخم السنوي الأمريكي صعوده إلى مستويات مرتفعة جديدة عن مستوى 5.4%، وهو أعلى مستوى له منذ 13 عام تقريبا للشهر الثاني على التوالي.

بينما على الجانب الاَخر، شهدت بيانات سوق العمل الأمريكي نوعا من السلبية وبخاصة مؤشر التغير في التوظيف والذي يوضح مدى إضافة الاقتصاد الأمريكي لوظائف جديدة، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي وظائف بأقل من توقعات الأسواق وأضاف نحو 194 ألف وظيفة فقط خلال سبتمبر الماضي، بينما كان من المتوقع، أن يضيف الاقتصاد نحو نصف مليون وظيفة، وبالتالي تكون البيانات سلبية للشهر الثاني على التوالي.

ويمكن القول بأن البيانات الاقتصادية الأهم والتي تؤثر على قرارات سياسة الفيدرالي الأمريكي النقدية وهي بيانات التضخم، وبيانات التوظيف، شهدت حالة من التباين، ومع تأكيد الفيدرالي الأمريكي في أكثر من مرة على تركيزه بتحقيق الاستغلال الأمثل لسوق العمل، ونوعا ما تركه لهدف التضخم وعدم التركيز عليه بشكل كبير، فيمكن القول بأن قرارات الغد ستتأثر بقوة بهذه البيانات الأخيرة.

ثانيا: تصريحات صناع القرار داخل الفيدرالي الأمريكي تدعم خفض شراء السندات

توالت تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين، وتشابهت تصريحات الكثير منهم فيما يتعلق بضرورة الإعلان عن موعد خفض شراء السندات الأمريكية خلال هذا الاجتماع تزامنا مع استمرار التعافي الاقتصادي الأمريكي القوي خلال الفترة الماضية.

وفي هذا الشأن، أكد محافظ البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي، جيروم باول، على أن البنك ماضي فى خطة خفض شراء الأصول تدريجيا لتنتهى فى منتصف 2022، مشيرا إلى أن التضخم أعلى من المستهدف بكثير، وأن ذلك ليس موقفا يحتمل النهج الصبور للفيدرالي الأمريكي، وبالتالي سيكون هناك توجه لرفع الفائدة حال كان هناك مخاطر جدية ترفع توقعات التضخم خلال الفترة المقبلة.

وأيضا، قال عضو الفيدرالي الأمريكي كريستوفر والر، خلال تصريحات سابقة خلال أكتوبر الماضي، بأن الشهور القليلة المقبلة قد تكون حاسمة لمعرفة ما إذا كان التضخم المرتفع حاليا بسبب عوامل مؤقتة أم يستمر لفترة طويلة، وأنه من المتوقع أن يبدأ معدل التضخم في الانخفاض تدريجيا خلال الفترة المقبلة حتى يصل لهدف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عند 2% بالعام المقبل، ولكن يجب على الفيدرالي التحرك بشكل سريع وتسريع وتيرة التشديد النقدي إذا استمر التضخم المرتفع حاليا، رغم التفاؤل حيال توقعات الاقتصاد الأمريكي.

ثالثا: تطورات الوضع الوبائي داخل الولايات المتحدة وتأثيره على قرارات الفيدرالي الأمريكي

خلال الفترة الماضية، بدأت وتيرة أعداد إصابات ووفيات فيروس كورونا داخل الولايات المتحدة في الانخفاض بشكل ملحوظ، حيث تظهر البيانات الصحية بأن متوسط إصابات كورونا انخفض خلال الأسبوعين الماضيين بنحو 11% تقريبا لتستقر وتيرة الإصابات دون 80 ألف إصابة يوميا تقريبا. وأيضا، انخفضت وتيرة وفيات فيروس كورونا بنحو 20% تقريبا خلال نفس الفترة لتسقر حاليا دون مستوى 1500 وفاة يوميا.

وبالتالي، ومع هدوء وتيرة تفشي الفيروس التاجي الخطير داخل الولايات المتحدة، يمكن القول بأن الاقتصاد الأمريكي سيعود لطبيعته قريبا، وسوف نشهد مزيدا من إعادة الفتح للكثير من الشركات والأعمال الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وهذا بدوره يدعم عودة الاقتصاد لمستويات ما قبل أزمة كورونا في القريب العاجل. 

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرار الفيدرالي الأمريكي وتأثيرها المحتمل على الدولار

تشير توقعات الأسواق إلى إبقاء الفيدرالي الأمريكي على معدل الفائدة دون تغيير خلال اجتماع نوفمبر الجاري عند مستويات 0.25%، ومن المرجح ألا يتجه البنك إلى تغيير أي إجراءات في سياسته النقدية، ولكن هناك بعض السيناريوهات التي قد يكون لها تأثير قوي جدا على تحركات الدولار الأمريكي وبعض السلع مثل الذهب غدا الأربعاء.

السيناريو الأول، يتمثل في إبقاء الفيدرالي على السياسة النقدية دون تغيير، ولكنه سيقوم بإعلان موعد بدء خفض وتيرة شراء السندات الحالية والتي تقدر بنحو 120 مليار دولار شهريا حاليا، وقد يتم تحديد الوتيرة التي سيتم بها خفض شراء السندات حتى نهايتها بمنتصف العام المقبل، وهذا السيناريو هو الأرجح حاليا وقد ينعكس إيجابيا على تحركات الدولار ويواصل صعوده نحو مستويات جديدة وقد نشاهد مؤشر الدولار أعلى مستويات 95 نقطة مجددا، بسبب تفاؤل المستثمرين حيال اقتراب موعد رفع الفائدة الأمريكية وتشديد السياسة النقدية بأقرب من المتوقع.

وهذا السيناريو الإيجابي بتحركات الدولار الأمريكي ، ينعكس سلبيا على أسعار الذهب بسبب العلاقة بين الطرفين، وقد يدفع أسعار الذهب لاستكمال مسيرة هبوطها وقد نشاهدها تقترب نحو مستويات 1700 دولار للأوقية أو ما دون ذلك، وذلك في ضوء بيان الفائدة والموعد المحدد لخفض شراء السندات الأمريكية.

وأيضا، في ظل هذا السيناريو الإيجابي من قبل الفيدرالي الأمريكي، قد نشاهد انخفاضا واضحا لسوق الأسهم الأمريكية والتي دائما ما تتضرر من قوة الدولار الأمريكي ، حيث يتخارج المستثمرون من سوق الأسهم ويتجهون إلى شراء الدولار بسبب حالة التفاؤل في الأسواق حيال اقتراب تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة الأمريكية قريبا، وهو ما يعزز الطلب على الدولار.

بينما السيناريو الثاني لقرارات الفيدرالي الأمريكي غدا، يتمثل في الإبقاء على السياسة النقدية دون تعديل، وعدم الإشارة أو الإعلان عن موعد خفض شراء السندات، وهذا السيناريو مستبعد نوعا ما، ولكنه يظل موجودا في ظل ضعف خلق الاقتصاد الأمريكي للوظائف خلال الشهرين الماضيين، وبالتالي، قد يتخذ الفيدرالي الأمريكي موقف حذرا ويتمهل قبل الإعلان عن أي تشديد محتمل بالسياسة النقدية، حتى يتأكد من استمرار المسار الاقتصادي الصحيح للاقتصاد الأمريكي، وفي ضوء ذلك القرار إذا حدث، فإن الدولار الأمريكي سيكون أكبر المتضررين، وهو ما سينكس بدوره إيجابيا على الذهب والأسهم الأمريكية في ضوء العلاقة العكسية بين الطرفين كما ذكرنا أعلاه.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image