profile photo

شهدت الأسواق حالة من العزوف عن المخاطرة إثر التدخل العسكري لروسيا في أوكرانيا ولم تقتصر آثار تلك الحرب على كلا البلدين فقط بل على الاقتصاد العالمي ككل، إذا أن روسيا تعد لاعب هام جدًا في سوق السلع والطاقة وقد أدت التوترات بينها وبين الغرب والمصحوبة بحزمة قاسية من العقوبات إلى تقلب الأسواق وارتفاع أسعار السلع والطاقة على نحو حاد.

ترتب على ارتفاع أسعار السلع والطاقة تسارع معدلات التضخم العالمية واضطرت البنوك إلى إعادة النظر في السياسات النقدية الخاصة بها والاتجاه نحو تسريع وتيرة التشديد النقدي الأمر الذي سيغير من اتجاهات الأسواق بشكل ملحوظ هذا العام.

وسط تلك التغيرات الجذرية في الأسواق والاقتصاد العالمي ظهرت العديد من التساؤلات في الأسواق نجيب على أهمها في هذا المقال.

 

كيف سيؤثر الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار النفط؟

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا قويًا مع وصول أسعار خام تكساس إلى أعلى مستوى لها في 14 عام قرابة المستوى 129.40 دولار للبرميل مع تزايد مخاوف الأسواق من نقص الامدادات ومشاكل سلاسل التوريد واتجاه الغرب إلى حظر استيراد النفط الروسي مع ملاحظة أن أوروبا تعتمد بشكل أساسي على ر وسيا في الطاقة خاصة ألمانيا وليتوانيا وفنلندا واليونان وبلغاريا ورومانيا.

الجدير بالذكر أن 65% من المنازل في أيرلندا الشمالية تعتمد على زيوت التدفئة في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار زيوت التدفئة بنسبة 35% منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

على صعيد آخر، ارتفعت أسعار الوقود في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 7.4% في مارس فقط وبنسبة 26% منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، كما ارتفع متوسط سعر الجالون بنسبة 0.11 دولار وهي أقوى زيادة يومية منذ 2005، مما يجعل متوسط سعر جالون الوقود عند 3.57 دولار مقابل 2.75 دولار في 2021.

ومع ارتفاع أسعار الطاقة ستزداد الضغوط على موازنة الأسر ومعدل الإنفاق وبالتالي أداء النمو الاقتصادي خلال الربع الثاني من العام الجاري.

في حال تم فرض عقوبات على النفط الروسي دون إيجاد بدائل أخرى للطاقة فسوف نشهد المزيد من الارتفاعات في أسعار النفط والغاز الطبيعي، وتتمثل البدائل في زيادة إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة أو ضخ المزيد من النفط الإيراني في حال تم التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي.

 

ما هي الآثار المترتبة على النمو الاقتصادي؟

تتسارع معدلات التضخم مع ارتفاع أسعار النفط ولكن حسب الدراسات فإن كل ارتفاع يساوي 10 دولارات في أسعار النفط يوازيه تسارع في التضخم بنسبة 0.2% بينما يتباطأ النمو الاقتصادي بنحو 0.1%.

ومع التغيرات الأخيرة، قرر الفيدرالي الأمريكي التدخل بنحو سريع وحذر لكبح جماح التضخم الناتج عن عوامل قد تكون مؤقتة، فيجب عليه الحذر من اتخاذ قرارات قد يضطر للتراجع عنها في حال تم حل الأزمة الروسية الأوكرانية، وقد أعلن الفيدرالي الأمريكي بنهاية 2021 أنه سيبدأ وتيرة التشديد النقدي خلال 2022 والتخلي عن السياسة التسهيلية المكثفة التي اتبعها منذ بداية تفشي جائحة كورونا في 2020.

ويصاحب الاستمرار في رفع الفائدة تباطؤ في الأداء الاقتصادي لعدة أسباب أهمها ارتفاع تكاليف اقتراض البنوك ولذلك يتم زيادة الرسوم على عملاء البنوك فيما يتعلق بالقروض والرهون العقارية واستخراج البطاقات الائتمانية كما تقل شهية الشركات للاقتراض وعليه تقل خطط التوسع وتتراجع معدلات التوظيف.

 

كيف ستؤثر الأزمة على أسواق الأسهم والسلع والمعادن؟

بلغت خسائر الأسواق المالية العالمية منذ بداية العام الجاري نحو 35 ترليون دولار بتراجعات تقدر بنحو 14% من أعلى مستوياتها هذا العام، ويذكر أنه منذ الأزمة المالية العالمية بلغت التراجعات نحو 19%، كما أظهرت الإحصاءات قيام المستثمرين ببيع 6.7 مليار دولار من الأسهم الأوروبية خلال الأسبوع المنتهي في 4 مارس وهي أعلى قيمة منذ 2004.

وبالرغم من التراجعات الحادة التي تشهدها الأسواق، إلا أن المستثمرين لا يزالون في وضع ترقب لأداء الأسهم العالمية وخاصة الأمريكية مع هبوط المؤشرات الرئيسية بنحو 20% وهو ما أثار القلق من بداية موجة هابطة لأسواق الأسهم الأمريكية ولهذا تكون قاع بنهاية شهر مايو الجاري سيقلل من تلك المخاوف ويسمح للأسواق بالتعافي.

وبما أن روسيا تعد من أكبر مصدري القمح في العالم، فقد ارتفعت أسعاره بنسبة 40% بالقرب من أعلى مستوى له في 14 عام خلال مارس الماضي، مدعومًا أيضًا بقرار الهند بحظر صادرات القمح والتي تعد ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، كما ارتفع سعر معدن البلاديوم بنحو 25% حيث أن إنتاج روسيا يمثل حوالي 40% من حجم الإنتاج العالمي.

نرى أن أفضل الأسهم للاستثمار في قطاع الطاقة هي أسهم الشركات التالية

Chevron

Devon Energy

NextEra Energy

Kinder Morgan

 

ويعد معدن البلاديوم أكثر ندرة من الذهب بـ 30 مرة ومن المتوقع أن يسجل ارتفاعات قوية مع نقص المعروض خلال الفترة المقبلة، وتستقر أسعار الأونصة حاليًا عند المستوى 2032 دولار وقد سجل المعدن أعلى مستوى له هذا العام عند 3433 دولار للأونصة.

 

ما هي القطاعات الأكثر تضررًا من الأزمة؟

بالرغم من عودة النشاط الاقتصادي بعد الشلل التام أوقات جائجة كورونا، إلا أن قطاع الطيران لن يستطيع الاستفادة من هذا التعافي بشكل سريع، بل من المتوقع أن تتراجع أرباح شركات قطاع الطيران مع الارتفاع القوي في أسعار الطاقة وقد يقرر المستهلكين تأجيل خطط السفر هذا العام.

إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتأثر قطاع السيارات بشكل قوي وذلك مع ارتفاع أسعار الوقود ونقص المعروض من البلاديوم وأشباه الموصلات واللذان يدخلان بشكل أساسي في صناعة السيارات.

في الختام، يبدو أن الأسواق قد سعرت بالفعل الأضرار الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وقد تخلت الأسواق عن مكاسبها المفاجئة والقوية التي سجلتها منذ بداية التدخل العكسري لروسيا وبدا ذلك واضح جدًا في أسعار النفط والذهب والبلاديوم وبعض المعادن الأخرى، ولذلك استمرار الحرب لفترة أطول قد يلقي الكرة في ملعب العوامل الاقتصادية وتقارير الأرباح للشركات وثقة الأسواق... ولهذا ننصحكم بانتظار فرص ومناطق الشراء وخاصة في المؤشرات والأسهم الكبرى... ولكن بالنسبة للحرب فكافة الأطراف التي ستشارك عسكريًا خاسرة!

الندوات و الدورات القادمة

أ. ملاك الحسيني
أ. ملاك الحسيني

تقنيات الرينكو الاحترافية

  • الخميس 12 ديسمبر 08:30 م
  • 120 دقيقة
سجل اﻵن

مجانا عبر الانترنت

أ. محمد صلاح
أ. محمد صلاح

تعلم التحليل الأساسي وتأثيره على العملات

  • الاثنين 16 ديسمبر 08:30 م
  • 120 دقيقة
سجل اﻵن

مجانا عبر الانترنت

أ. شانت بدزيكوف
أ. شانت بدزيكوف

الذكاء الاصطناعي: سلاح المتداول لضبط النفس

  • الثلاثاء 17 ديسمبر 08:30 م
  • 120 دقيقة
سجل اﻵن

مجانا عبر الانترنت

large image