اغلق الشاشة و احفظ صحتك

نزيف حاد على الأسهم السعودية امتد لجلستين متتاليتين في بداية الأسبوع الماضي .
تراجعات كبيرة أثارت الذعر بين المتداولين وتوقع الكثير منهم كسر ١١ الف نقطة ، وبالفعل اغلق المؤشر في جلسة الاثنين عند ١٠.٩٠٩ نقطة ،
مما فتح مجالا للتوقعات  لأرقام جدا متدنية للمؤشر لا تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية التي يمر بها الاقتصاد السعودي من تطور ونمو على جميع الأصعدة .
في الواقع ، أن في أسواق المال صعب أن تجزم بإمكانية حدوث شئ من عدمه ، فكل الاحتمالات قائمة .
ولكن الملفت أن المتداولين انفسهم ممن خافوا وارتعبوا من الانخفاضات وباعوا بأدني الأسعار وما صاحب ذلك من حزن وخسارة للأموال مع خيبة أمل ،
نجد انهم كانوا أول المتفائلين في اليوم التالي مع بدء افتتاح المؤشر ومع اللون الأخضر في جلسة الثلاثاء ، وبعضهم بالغ في طموحاته لأبعد من قمة ١٣.٧٤٣ ( قمة المؤشر في مايو ) 
وأن السوق سيعود ويتخطاها بشكل سريع .
لاشك أن هذه الفترة تتسم بالكثير من التقلبات في الأسواق مع تشديد السياسات النقدية حول العالم و المؤشرات الكثيرة حول حدوث ركود بالإضافة إلى البيانات التي تظهر خروج كبير من الأسهم العالمية وخاصة الأوروبية بأسرع وتيرة منذ أكثر  من عشر سنوات .
ولكن استمرار وجود هذه السلوكيات بين المتداولين وأن من باع مع التشاؤم بأدنى الأسعار عاد ليشتري اليوم مع اللون الأخضر  ،
هذا يشير إلى عدم وجود إستراتيجية واضحة لدى عدد كبير من المتداولين ،
وأن تداولاتهم تعتمد على تفاعلات سيكولوجية بحتة وتفتقر إلى ابسط المعايير الفنية والأساسية للتعامل مع الأسواق .
هذه السلوكيات وغيرها تفسر لنا  ما تذكره بعض الدراسات حول ارتفاع أعداد الخاسرين بالأسواق ليفوق بكثير أعداد الرابحين .
فإذا سألنا من باع عن سبب البيع بهذه الأسعار . هل لظهور فرص أفضل ؟
أم لأن رأيه قد تغير حول سهمه ؟
ولمن اشترى . هل تأكد عكس الإتجاه ؟
أم هو مجرد ارتداد في سوق هبوطي؟
كلها اسئله ربما لايلقوا لها اهتماما أمام العاطفة التي تقودهم خلف شاشة التداولات .
ولمثل هذه الفئة من المتداولين ، فالبعد عن شاشة التداول وعن السوق خير لهم من هدر أموالهم ،
والأهم من ذلك هو هدر لصحتهم وراحة بالهم وهي أمور لا تقدر بثمن .