الذهب في انتظار محضر اجتماع الفدرالي الأمريكي

ارتفع الذهب في تعاملات صباح يوم الإثنين في آسيا، مدعومًا بضعف الدولار، كما أدى تقرير الوظائف الأمريكية غير الزراعية إلى تهدئة مخاوف المستثمرين من رفع أسعار الفائدة في وقت أبكر من المتوقع. وأضاف الاقتصاد الأمريكي 850 ألف وظيفة في يونيو، بعد أن ارتفعت 583 ألفاً في مايو، وزاد معدل البطالة إلى 5.9% من 5.8% في مايو.

ومعدل البطالة مُقدر بأقل من حقيقته بفعل أناس يصنفون أنفسهم خطأ بأنهم «يعملون لكنهم يتغيبون عن العمل». وبلغت الوظائف المتاحة رقماً قياسياً عند 9.3 مليون. وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز «آراءهم» يتوقعون ارتفاع الوظائف بمقدار 700 ألف الشهر الماضي، وانخفاض البطالة إلى 5.7%. 

وزاد متوسط الأجر في الساعة 0.3% الشهر الماضي بعد أن ارتفع 0.4% في مايو، وبذلك تصل الزيادة على أساس سنوي للأجور إلى 3.6% من 1.9% في مايو. وتأثر النمو السنوي للأجور على نحو إيجابي بما يُطلق عليه تأثيرات الأساس عقب انخفاض كبير في يونيو الماضي.

فتقرير الوظائف الأمريكية غير الزراعية أعطى دفعة لأسعار الذهب نحو الارتفاع وتراجعات للدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسي.

وترتكز أنظار المتداولين على إصدار محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء المقبل، والذي يأمل المتابعون له أن نرى مزيداً من الإيضاحات حول تغيّر لهجة الفيدرالي الأمريكي تجاه سياساته النقدية المستقبلية.

وأبرز المستجدات التي حصلت في اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير، هو تغيّر توقعات الفائدة الفيدرالية، وأصبحت التوقعات تظهر احتمال رفع الفائدة مرّتين عام 2023، مع وجود بعض الأعضاء في الفيدرالي يتوقّعون رفع الفائدة عام 2022.

التركيز في محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي قد ينصب على أي إيضاحات حول برامج شراء الأصول، فارتفاع التضخّم في الولايات المتحدّة إلى 5% بحسب مؤشر أسعار المستهلكين، يجب المتداولين يعتقدون بأن الفيدرالي قد يبدأ بتقليص برنامج شراء الأصول خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهذا ما قد يوضّحه محضر اجتماع الفيدرالي.

كذلك، ستتم متابعة الأسباب التي دفعت الأعضاء لتوقّع رفع الفائدة في 2022 أو2023، وما هي الظروف التي قد تحقق هذه التوقعات.

رغم أني ما زلت أعتقد بأن الأسعار على المدى الطويل ما زالت ضمن اتجاه صاعد، وأن ارتفاع معدّلات التضخّم عالمياً يعتبر محفّزاً لارتفاع سعر المعدن الثمين، إلا أن توقّف الانخفاض في الدولار أوقف أيضاً الموجات الصاعدة للذهب، بل شهدنا بأن أسعار الذهب انخفضت من مستويات فوق 1900 دولار إلى ما دون 1800 دولار خلال الشهر الماضي، وما زالت مستقرّة ما دون هذا المستوى.

اقتصادياً، ترتبط أسعار الذهب بالتضخّم بمعامل ارتباط إيجابي، لكن عندما ننظر إلى مقارنة الأسعار مع حركة التضخّم الحالي، سنجد بأن الذهب لا يرتبط بشكل جيد مع التضخّم الحالي. ومن هنا يتساءل الكثيرون عن كيفية إطلاق مصطلح "الذهب أداة تحوّط من التضخّم" رغم أن التاريخ لا يثبت لنا ذلك، بل أيضاً حصلت في عدّة مرّات أن هبط الذهب وكان التضخّم يرتفع بشكل شديد.

بالنظر إلى العلاقة السعرية بين الذهب والتضخم، سنُلاحظ بأن أسعار الذهب ترتبط بمعامل ارتباط إيجابي قوي بتوقعات التضخّم المستقبلية وليس التضخّم الحالي، فإذا كانت التوقعات تشير لاحتمال ارتفاع في التضخّم، ترتفع الأسعار، والعكس إذا أشارت التوقعات لاحتمال انخفاض التضخّم، فعندها تنخفض أسعار الذهب.

ويعتقد الفيدرالي الأمريكي بأن التضخّم في الولايات المتحدّة الأمريكية "مؤقّت" و "عابر"، فمعدّل التضخّم الذي وصل إلى 5% بحسب مؤشر أسعار المستهلكين، ووصل إلى 3.4% بحسب مؤشر Core PCE المعتمد في الفيدرالي، قد يعود للانخفاض مجدداً. ولذلك، نرى بأن أسعار الذهب وقد انخفضت.

من ناحية أخرى، لا يجب أن ننسى بأن هنالك تغيّرات في توقعات أسعار الفائدة، فتوقعات السياسات النقدية في البنوك المركزية أحد أهم المؤثرات على الذهب، خصوصاً الفيدرالي الأمريكي الذي يؤثّر بحركة الدولار. ومع بقاء الدولار قوي، قد تبقى موجات الصعود بالذهب محدودة.

لذلك، ومع انتظارنا لمحضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء المقبل، أتوقّع أن تبقى أي محاولة للارتفاع في أسعار الذهب محدودة، حيث أن الذهب يرتفع قليلاً مع مخاوف موجة جديدة من انتشار فيروس كورونا لكن لا أعتقد بأن الأسعار ستستطيع تحقيق مكاسب ملموسة.

وبحسب قسم الدراسات في مجموعة إيكويتي على المدى القصير، لا أستبعد أن نشهد انخفاضاً في الأسعار لكن ضمن نطاقات محدودة، وصولاً لمحضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي لنرى بشكل أكثر وضوحاً التوجّهات المستقبلية لسياساته النقدية.

وتعتبر مستويات 1790 دولار مستويات مقاومة قوية في حال الثبات فوق تلك المستويات ربما نرى مستويات 1800 دولار للأونصة.