ديسمبر، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة

ديسمبر، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة

نظراً لأهمية تحركات البنوك المركزية خلال ديسمبر القادم وقدرتها على تحويل مسار الأسواق خلال الفترة المقبلة، فيما يلي نظرة سريعة على توجهات البنوك المركزية الكبرى حول العالم والخطوات المرتقبة لها الشهر المقبل.

 

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

تزايدت توقعات رفع الفائدة الأمريكية خلال اجتماع ديسمبر المقبل بشكلٍ ملحوظ مؤخراً مدعومة بالتحسن الذي أظهرته البيانات الاقتصادية بالولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة الماضية، إلى جانب تصريحات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي والتي قد بدأت في التمهيد لإحتمالية رفع الفائدة مؤكدين على أن خيار رفع الفائدة لازال قائماً بنهاية العام الجاري.

وقد جاءت تصريحات أغلب أعضاء لجنة الاحتياطي الفيدرالي طوال الفترة الماضية لتؤكد على أن مسار تشديد السياسة النقدية سوف يتسم بالتدرج اعتماداً على مدى تحسن البيانات بعد أول رفع لمعدل الفائدة. على هذا النحو، فإن الفيدرالي الأمريكي هو البنك المركزي الوحيد الذي يتجه نحو تشديد السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة بخلاف سائر البنوك المركزية حول العالم التي تنزلق نحو السياسة التسهيلية. الأمر الذي يشكل دعماً قوياً للدولار الأمريكي مقابل العملات المنافسة الأخرى.


 

 

بنك إنجلترا.

كانت توقعات رفع الفائدة البريطانية قد استقرت أيضاً على ديسمبر مع مطلع العام الجاري، وذلك قبل أن تأتي البيانات الاقتصادية وتصريحات صناع القرار بالبنك لتطيح بتلك التوقعات دافعة إياها نحو الربع الأول من العام المقبل. من جانبهم، أشار بعض الأعضاء بأن معدلات الفائدة قد تستقر عند مستوياتها المنخفضة لفترة أطول من الوقت.

على الجانب الأخر، أكد محافظ البنك مارك كارني خلال شهادته حول السياسة النقدية بأنه لا توجد هناك حاجة إلى معدلات الفائدة السلبية. لكن ذلك لم يمنع الاسترليني من التخلي عن جزء كبير من مكاسبه مقابل الدولار الأمريكي الذي يبقى مدعوماً بتوقعات رفع الفائدة الأمريكية.


 

 

البنك المركزي الأوروبي.

تسبب المركزي الأوروبي في تشتيت الأسواق خلال الفترة الأخيرة لتنقسم ما بين توقعات اللجوء إلى المزيد من التدابير التسهيلية وما بين الإبقاء على السياسة الراهنة كما يشير بعض صناع القرار بالبنك. ولكن مع التأكيد المستمر لمحافظ البنك ماريو دراجي على استعداد البنك للتدخل واستخدام كافة الأدوات المتاحة للتصدي لمخاطر الركود التي عادت لتسيطر على اقتصاد المنطقة من جديد، فمن الواضح أن المركزي الأوروبي لا يملك خياراً آخر غير إتخاذ المزيد من التدابير التسهيلية. في هذا السياق، تترقب الأسواق أن يُعلن المركزي الأوروبي عن واحدة أو أكثر من تلك الخطوات:

  • المزيد من خفض الفائدة على  الودائع.
  • التوسع في عمليات شراء السندات.
  •  مد برنامج الإطار الزمني لبرنامج التيسير النقدي.

ويتعرض اليورو لموجات بيعية مكثفة أمام الدولار الأمريكي مع تباين توجهات السياسة النقدية ما بين كل الاحتياطي الفيدرالي الذي من المقرر أن يُعلن بدء تشديد السياسة النقدية والمركزي الأوروبي الذي بصدد اللجوء إلى المزيد من التدابير التسهيلية.


 

بنك اليابان.

لم يتسم بيان السياسة النقدية الأخير للبنك بالنبرة التشاؤمية حول الوضع الاقتصادي، بل جاء ليحاول طمأنة الأسواق حيال استقرار النشاط الاقتصادي. كما أظهر تصويت أحد الأعضاء في صالح الحد من السياسة التسهيلية. على الصعيد الأخر، لم تكن البيانات الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة على نفس القدر من الإيجابية، حيث أظهرت عودة انزلاق الاقتصاد الياباني إلى الركود مرة جديدة خلال الربع الثالث من العام، خاصة مع ضعف بيانات التضخم.

وقد بدا من نبرة محافظ البنك كورودا بأن اللجنة مازالت تأمل في قدرة الاقتصاد الياباني على التعافي خلال الفترة المقبلة، لتبقى قرارات السياسة النقدية في انتظار المزيد من البيانات.


 

 

الاحتياطي الاسترالي.

أشار صناع القرار بالبنك إلى أن الاقتصاد مازال يؤدي بشكل جيد على الرغم من المخاطر التي يشكلها تباطؤ الاقتصاد الصيني والهبوط في أسواق الأسهم خلال الربع الثالث من العام. كما أعربوا عن ثقتهم في قدرة الاقتصاد على مواجهة  تلك التحديات والتعافي مرة أخرى.

تلك الرؤية الإيجابية قد عملت على تلاشي توقعات لجوء الاحتياطي الاسترالي إلى المزيد من خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة. على الرغم من عدم اقتراب البنك من تشديد السياسة النقدية، إلا أن تحسن الرؤية العامة للوضع الاقتصادي من شأنها وأن تشكل دعماً للدولار الاسترالي الذي عانى طويلاً من الضغوط الناجمة عن توقعات خفض الفائدة الاسترالية مرة جديدة.


 

 

الاحتياطي النيوزلندي.

اتجه الاحتياطي النيوزلندي إلى خفض الفائدة لأكثر من مرة خلال العام الجاري للسيطرة على ضعف الأداء الاقتصادي بالبلاد، فإلى جانب هبوط أسواق النفط العالمية، فقد عانى الاقتصاد النيوزلندي أيضاً من تراجع أسعار منتجات الألبان على مدار العام، مما تسبب في تباطؤ النشاط الاقتصادي.

لكن على الرغم من أن الإجراءات التسهيلية التي تبناها البنك قد أبدت فاعليتها على الوضع الاقتصادي، إلا أن استمرار ضعف قطاع الألبان في نيوزلندا مازال يطرح إمكانية اللجوء إلى المزيد من خفض الفائدة ربما قبل نهاية العام أو خلال الربع الأول من العام المقبل.


 

 

البنك الوطني السويسري.

على الرغم من عدم إشارة البنك بشكل مباشر إلى إحتمالية إتخاذ المزيد من التدابير التسهيلية، إلا أن هناك تأكيد متواصل من قِبل محافظه توماس جوردان على أن قيمة الفرنك لاتزال مرتفعة بنحوٍ مبالغ فيه. مرة أخرى، من الواضح أن مخاوف الوطني السويسري قد عادت مجدداً مع تراجع اليورو في ظل تزايد توقعات لجوء المركزي الأوروبي إلى التوسع في سياسته التسهيلية. جدير بالذكر بأن البنك يرغب في الحفاظ على قيمة الفرنك منخفضة مقابل العملات الرئيسية الأخرى، للحفاظ على القدرة التنافسية للمنتجات السويسرية. تحظى تحركات الوطني السويسري على أهمية كبيرة خاصة بعدما تسبب مطلع العام الجاري في حدوث تقلبات عنيفة في الأسواق المالية إثر تخلي البنك بشكل مفاجئ عن الحد الأدنى للفرنك مقابل اليورو.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image