هل تشهد معدلات التضخم العالمية تعافيًا؟

هل تشهد معدلات التضخم العالمية تعافيًا؟

معدلات التضخم هي المعيار الرئيسي الذي تستخدمه البنوك المركزية لتحديد اتجاه السياسة النقدية، وبالتالي يسعى المتداولون في سوق العملات إلى متابعة اتجاه معدلات التضخم بإستمرار لتقييم تأثيرها على الحركة السعرية للعملات في السوق، ويتناول التقرير التالي تقييم قراءات معدلات التضخم الصادرة مؤخرًا في الاقتصادات الكبرى وفقًا للجدول التالي:

  أحدث قراءة لمؤشر أسعار المستهلكين القراءة السابقة
الولايات المتحدة 0.1% 0.0%
كندا 1.0% 0.9%
المملكة المتحدة 0.0% 0.1%
منطقة اليورو 0.2% 0.2%
سويسرا -1.0% -1.2%
اليابان 0.4% 0.5%
الصين 1.4% 1.2%
استراليا 1.5% 1.3%
نيوزيلندا 0.3% 1.2%

 

  أحدث قراءة لمؤشر أسعار المستهلكين بقيمته الأساسية القراءة السابقة
الولايات المتحدة 1.8% 1.7%
كندا 2.3% 2.2%
المملكة المتحدة 0.8% 0.9%
منطقة اليورو 1.0% 0.8%
سويسرا -0.4% -0.6%
اليابان 0.1% 0.1%
الصين 1.7% 1.6%
استراليا 2.0% 2.3%
نيوزيلندا 0.3% 0.2%

بالنظر إلى الجدول السابق، نُلاحظ انخفاض معدلات التضخم بشكل كبير في معظم الاقتصادات الكبرى، ولكن تشهد معدلات التضخم بقيمتها الأساسية في الولايات المتحدة وكندا والصين تعافيًا إلى حدٍ ما، ولكن ما هي الأسباب المسببة لذلك؟

  • بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية: شهدت الولايات المتحدة تعافيًا طفيفًا في مؤشر أسعار المستهلكين عقب تراجع دام على مدار خمسة أشهر نتيجة لانخفاض أسعار الطاقة بنسبة 15.0% على أساس سنوي، ومع استمرار تعافي معدلات التضخم فمن المتوقع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع معدلات الفائدة في نهاية العام المقبل، الأمر الذي سوف يدعم الدولار الأمريكي بشكل كبير.
  • كندا: كان العامل الرئيسي في دعم معدلات التضخم خلال يونيو الماضي يرجع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.4%، وفي الوقت نفسه، يعد السبب الرئيسي في ضعف نمو معدلات التضخم هو تراجع أسعار النقل بنسبة 2.6% نتيجة لتراجع أسعار البنزين بنسبة 14.1%، ومع استمرار تراجع أسعار النفط، فمن المتوقع استمرار الضغوط على معدلات التضخم مما قد يؤدي إلى قيام بنك كندا يإتباع مزيد من الإجراءات التسهيلية خلال الفترة المقبلة، وربما مزيد من خفض معدلات الفائدة على الرغم من قيام البنك بخفض الفائدة لمرتين حتي الآن.

 

  • المملكة المتحدة: كان تراجع مؤشر أسعار المستهلكين في بريطانيا إلى 0% في يونيو الماضي بمثابة مفاجئة مخيبة لآمال الأسواق، ولكن جاء تقرير التضخم لبنك انجلترا خلال مايو الماضي ليشير إلى أن التوقعات بتراجع معدلات التضخم إلى النطاق السلبي سوف يكون أمرًا مؤقتًا، ولكن على الرغم من هذا التراجع، فمن غير المتوقع أن تؤثر الضغوط الانكماشية الناتجة من انخفاض أسعار النفط  بشكل كبير على النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة على اعتبار أن ارتفاع أسعار خدمات النقل بنسبة 0.2% تعد هي المساهم الأكبر في دعم مؤشر أسعار المستهلكين، وبالتالي تزداد التوقعات بقيام بنك انجلترا برفع معدلات الفائدة في بداية العام المقبل.

 

  • منطقة اليورو: أظهرت التقديرات الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين في منطقة اليورو استقرار معدلات التضخم عند 0.2% وذلك في ضوء برنامج التيسير النقدي المتبع من قبل البنك المركزي الأوروبي، ومن المتوقع أن تشهد جميع مكونات التضخم الرئيسية ارتفاعًا، بإستثناء أسعار الطاقة، والتي من المتوقع أن تمثل العائق الأساسي أمام معدلات التضخم بإنخفاض بنسبة 5.6%.

 

  • سويسرا: تعد سويسرا حالة فريدة من نوعها نظرًا لانخفاض معدلات التضخم بها بشكل حاد والذي يرجع بشكل أساسي إلى قيمة الفرنك السويسري والذي تم إلغاء تبعيته لليورو في يناير الماضي، فقوة الفرنك السويسري تجعل من الصادرات السويسرية غير مرغوب بها بينما يجعل الواردات رخيصة الثمن بشكل كبير، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الأسعار المحلية حتى تستطيع أن تكون أكثر قدرة على التنافس. وعلى أية حال، يرجع العامل الرئيسي في تراجع مؤشر أسعار المستهلكين في يونيو الماضي إلى تراجع أسعار النقل بنسبة 3.7%، بينما أدى ارتفاع تكاليف التعليم بنسبة 1.2% إلى الحد من هذا التراجع.

 

  • الصين: على الرغم من تباطؤ معدل النمو الاقتصادي، إلا أن أحدث بيانات التضخم قد أظهرت استمرار إيجابية مؤشر أسعار المستهلكين والذي يرجع إلى قوة الاستهلاك المحلي، فقد ساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يقرب من 30% إلى استمرار دعم مؤشر أسعار المستهلكين بشكل كبير.

 

  • اليابان: لا تزال تعد أسعار الطاقة هي العائق الأساسي أمام معدلات التضخم، بينما يعد المساهم الرئيسي في دعم معدلات التضخم هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 2.5%، الأمر الذي أدى إلى استمرار بنك اليابان في سياسته التسهيلية بالإبقاء على عمليات شراء السندات بهدف زيادة حجم القاعدة النقدية بحوالي 80 تريليون ين سنويًا للوصول بمعدلات التضخم إلى النسبة المستهدفة.

 

 

بوجٍه عام، لا تزال تمثل أسعار النفط عائقًا أمام تعافي معدلات التضخم في معظم الاقتصادات الكبرى، ولكن تظهر قراءة المؤشر على أساس شهري أو ربع سنوي بداية تلاشي الآثار السلبية لتراجع أسعار النفط، ولكن  سواء استمر هذا العائق أم لا، فإننا نشهد بالفعل وجود بعض العقبات المحتملة أمام تعافي معدلات التضخم

أما بالنسبة لتأثير هذه البيانات على سوق العملات والحركة السعرية للعملات الرئيسية، فإن ارتفاع معدلات التضخم يشير إلى احتمالية تشديد السياسة النقدية، على سبيل المثال رفع معدلات الفائدة، في حين أن تراجع معدلات التضخم يعكس احتمالية إتخاذ مزيد من الإجراءات التسهيلية، على سبيل المثال خفض معدلات الفائدة، كما تعد التوقعات بشأن معدلات الفائدة سواء من خلال رفعها أو خفضها هي العامل الرئيسي المؤثر على الحركة السعرية للعملات، والذي يظهر بشكل واضح في دعم التوقعات برفع معدلات الفائدة للدولار الأمريكي على الرغم من ضعف البيانات الأمريكية خلال يوليو الماضي.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image