خمسة عوامل تشير إلى الدخول في مرحلة كساد عالمي عام 2016

خمسة عوامل تشير إلى الدخول في مرحلة كساد عالمي عام 2016

قبل أقل من عقد، دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة الركود العظيم، فمنذ تراجع سوق الأسهم في عام 2008، شهد الاقتصاد العالمي تعافيًا بوتيرة بطيئة ولكن على الرغم من ذلك، حدث الانتعاش الاقتصادي في نهاية الأمر مع ارتفع مؤشر S&P 500 بأكثر من نسبة 92% خلال السنوات الخمس الماضية، كما انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة من 10% خلال فترة الكساد العظيم إلى ما يقرب من نسبة 5% في يومنا هذا.

ولكن واجه هذا النمو العديد من عمليات الإنقاذ الحكومية والسياسة النقدية التسهيلية المتبعة من قبل البنوك المركزية في شكل التيسير النقدي، وأصبحت المشكلة أن هذه السياسة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد في دعم النمو الاقتصادي، ففي نهاية الأمر يجب أن يتسند الاقتصاد إلى الإجراءات التي تهدف إلى تحفيز معدلات النمو الحقيقي، وقد يكون هذا هو الأمر الذي يشير إلى أننا على وشك الدخول في مرحلة ركود عالمي مرة أخرى، وفيما يلي بعض الدلائل التي تشير إلى ذلك.

  • سوء الوضع الاقتصادي الأوروبي

شكلت أزمة الديون السيادية التي أعقبت الكساد العظيم في أوروبا إحدى القضايا الشائكة حتى يومنا هذا، خاصًة وأن أوروبا تمثل جزءً هامًا من الاقتصاد العالمي، الأمر الذي أدى إلى إتباع المركزي الأوروبي لسياسة التيسير النقدي في منطقة اليورو بهدف دعم معدلات النمو الاقتصادي، ولكن في ظل الإجراءات التقشفية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على دول مثل البرتغال، أيرلندا، إيطاليا، اليونان، إسبانيا، بهدف الحد من أزمة الديون فقد تعمل هذه الإجراءات على الحد من معدلات الطلب والإبقاء على أعباء الديون مرتفعة في هذه البلاد.

والدليل الأكبر على هذا، هو أزمة الديون اليونانية الحالية، التي تخلفت مؤخرًا عن سداد قسط قرض صندوق النقد الدولي، وعلى الرغم من أن اليونان تمثل جزءً صغير نسبيًا من منطقة اليورو، إلا أن الخوف من احتمالية خروجها من منطقة اليورو قد يؤدي إلى قيام دول أوروبية أخرى بأن تتبع خطاها وتنشر عدوى الأزمة في أوروبا بأكلمها، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار اليورو وسوف يكون له عواقب سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمي وربما يصل إلى الركود.

  • فقاعة الصين

لقد نما الاقتصاد الصيني بوتيرة غير عادية على مدار العقود القليلة الماضية، كما يأتي إجمالي الناتج المحلي الصيني في المرتبة الثانية عقب الولايات المتحدة على المستوى العالمي، ويعتقد الكثير من الاقتصاديين أنه ليست سوى مسألة وقت قبل أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة.

ولكن جاءت فقاعة الاستثمار في الصين لتقلب جميع الموازين في ظل ارتفاع الأسهم الصينية بنسبة 150% على مدار العام، الأمر الذي أدى إلى زيادة التداول عليها ولكنها ما لبثت أن تراجعت بشكل مفاجئ لأكثر من 30% من قيمتها، يأتي هذا في الوقت الذي قامت فيه الحكومة الصينية بفرض ضوابط على رأس المال، بالإضافة إلى إتخاذها مزيد من الإجراءات التسهيلية بهدف دعم معدلات النمو الاقتصادي.

وعلى اعتبار أن الاقتصاد الصيني يمثل جزء كبير من الاقتصاد العالمي، بالتالي فمن المحتمل أن دخول الاقتصاد الصيني في مرحلة الركود قد يؤدي إلى دخول بقية العالم أيضًا في هذه المرحلة.

  • يمكنك الاطلاع على التقارير التالية لتكوين رؤية أشمل بشأن فقاعة الصين

هبوط الأسهم الصينية تثير ذعر الأسواق

الأسهم الصينية تسجل مكاسب لليوم الثاني على التوالي

أسوأ فقاعة استثمار في العالم على وشك الانفجار

  • بيانات معدلات البطالة ليست إيجابية كما تبدو

لقد انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 5.3% في يونيو الماضي، والذي يعد أدنى مستوى له منذ الأزمة العالمية، ولكن الجدير بالذكر، أن بيانات معدل البطالة لم تضع بعين الاعتبار العمال المحبطين الذي يعملون في وظائف بدوام جزئي لتغطية نفقاتهم، وعند حساب هذا الجزء من العمال نُلاحظ ارتفاع معدل البطالة إلى 10.5%، من ناحية أخرى، فقد انخفض معدل المشاركة في سوق العمل بشكل كبير إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 1970، بالإضافة إلى استمرار ضعف معدل الأجور الحقيقية مما يشير إلى ضعف معدلات النمو الاقتصادي.

  • السياسة النقدية المتبعة من قبل البنوك المركزية الكبرى

عادة ما تتبع البنوك المركزية السياسة النقدية التسهيلية بهدف تحفيز معدلات النمو الاقتصادي، وذلك من خلال خفض معدلات الفائدة أو من خلال التيسير النقدي، ولكن مع اقتراب معدلات الفائدة بالفعل من 0% فإن هذه السياسة لم تعد فعالة لكي تقوم البنوك بإستخدامها لمحاربة مرحلة الانكماش، وفي الوقت نفسه، فإن برنامج التيسير النقدي وشراء السندات الحكومية قد أدى إلى زيادة حجم ميزانيات البنوك المركزية إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي يشير إلى فشل البنوك المركزية في محاولة تجنب الركود.

  • تُظهر البيانات الاقتصادية أنماط مماثلة إلى مرحلة الركود الأخيرة

بعض البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا تطابق مثيلاتها التي ظهرت خلال فترة الركود الأخير، فقد انخفضت مبيعات التجزئة بشكل كبير منذ ما كانت عليه قبل فترة الركود الأخير، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة لمبيعات الجملة، من ناحية أخرى، تشهد طلبات المصانع الأمريكية انخفاضًا حادًا، كما بدأ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الولايات المتحدة في الانخفاض كما وصل إلى النطاق السلبي خلال الربع الأخير.

هذا، ويشهد معدل الصادرات الأمريكية نموًا بوتيرة ضعيفة، بالإضافة إلى تراجع حجم أرباح الشركات.

قد نكون على شفا الدخول في مرحلة ركود عالمي مرة أخرى، ذلك في ظل ضعف البيانات الاقتصادية، والاضطرابات المستمرة في أوروبا وانفجار فقاعة الصين، خلافًا لما حدث في عام 2008، فقد كانت البنوك المركزية قادرة مع خفض معدلات الفائدة وتوسيع حجم ميزانياتها العمومية إلى دعم معدلات النمو، ولكن في الوقت الحالي، ليس لدى البنوك المجال مفتوحًا لمزيد من السياسة النقدية التسهيلية لمنع حدوت الركود.

فالركود جزء طبيعي من دورة الاقتصاد الكلي، ويحدث من وقت لآخر، وقد حدث الركود الأخير بالفعل منذ سبع سنوات، وتشير الدلائل الحالية على اقتراب فترة الركود التالية.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image