كيف سيغير ارتفاع العائدات الأمريكية إلى 3% من المشهد الاستثماري

كيف سيغير ارتفاع العائدات الأمريكية إلى 3% من المشهد الاستثماري

اقتربت العائدات على السندات الأمريكية من النسبة 3% لأول مرة على مدار 4 سنوات، الأمر الذي جعل المستثمرين يبحثون عن طرق مختلفة للاستثمار وسط بيئة تكون فيها معدلات الفائدة مرتفعة.

اللافت للانتباه أن معدلات الفائدة المرتفعة لا تمثل معضلة للأسواق، فقد ارتفعت العائدات على السندات الأمريكية الآجلة لعشرة أعوام بمقدار 30 نقطة أساسية في شهر يناير الماضي إلا أن الارتفاع الحالي ناجم في الأساس عن ارتفاع أسعار السلع وليس تسارع وتيرة النمو الاقتصادي، الأمر الذي سيكون له تأثير مختلف على أسواق الأسهم.

بالنظر تاريخيًا، نلاحظ أن أسواق الأسهم سارت على ما يرام مع ارتفاع التضخم وسط زخم إيجابي للنمو الاقتصادي، على حد قول أحد الخبراء في  Leuthold Group وأشار أيضًا إلى أن أداء الأسهم كان جيدًا حتى في ظل تلاشي الزخم الاقتصادي في حال كانت وتيرة ارتفاع التضخم معتدلة، من ناحية أخرى لوحظ أن المراحل التي يكون فيها الاقتصاد يمر بها بركود تضخمي تكون فيها النتائج سلبية في كلًا من سوق الأسهم والسندات.

فمنذ الأزمة المالية العالمية كانت أسواق الأسهم تدر عائدات أكثر من أسواق الأصول ذات العائد الثابت كالسندات، ويلاحظ حاليًا عن الفارق بين عائدات مؤشر S&P 500’s والعائدات على السندات الآجلة لعشرة أعوام تقترب من أدنى مستوياتها في ثمانية أعوام.

الجدير بالذكر في حال ارتفاع العائدات أعلى 3% فمن المتوقع أن يغير ذلك الوضع والافرق بين أسواق الأسهم وأسواق الأصول ذات العائد الثابت خلال الأعوام المقبلة، ويبدو أن الاتجاه الذي ساد أسواق السندات خلال الـ 35 عامًا الماضية بصدد التغير، الأمر الذي شجع المستثمرين على مراقبة الأوضاع خلال الفترة من 1950 حينما بدأت العائدات على السندات في الارتفاع.

على صعيد الأسواق الناشئة، لوحظ وجود حالة من القلق على عكس الثلاث شهور الماضية حينما سادت حالة من التفاؤل بسبب ارتفاع العائدات، ففي الوقت الحالي هناك علامات دالة على تباطؤ النمو العالمي، علاوة على ذلك من المتوقع ارتفاع التضخم المرتبط بأسعار السلع وهو ما سوف يؤدي إلى تسريع وتيرة التشديد النقدي والإضرار بالأسواق الناشئة، على حد قول كبير استراتيجي الأسواق الناشئة بـ SEB في ستوكهولم.

من ناحية أخرى، استفادت بعض الشركات من العوائد المنخفضة ولكن في حال سحب الأموال الرخيصة من الدورة الاقتصادية وارتفعت تكاليف الاقتراض فمن المتوقع أن تكون خدمة الدين أكثر تكلفة. ففي الوقت الحالي يتم النظر إلى ديون الشركات مع ابتعاد الفوارق بين العائدات عن أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.

بالنسبة للدولار الأمريكي، ارتفاع العائدات وخاصة تكاليف الاقتراض الحقيقية قد جذبت المستثمرين إلى الدولار الأمريكي بوتيرة بطيئة، فقد سجل مؤشر الدولار لبلومبرج ارتفاعًا بأطول فترة له لأربعة جلسات متتالية منذ الانتخابات الرئاسية في 2016 وكانت علاقته بالعائدات على السندات الأمريكية الآجلة لعشرة أعوام هي الأقوى.

قال الخبير نيل دوتا رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في  Renaissance Macro Research LLC إن ارتفاع الدولار الأمريكي والعائدات الحقيقية يجعل التطلعات الاقتصادية للاقتصاد الأمريكي أفضل بكثير من بقية الاقتصادات العالمية، وإن الوضع الحالي قد يجعل الصورة العامة متباينة ولكن إيجابية للأصول ذات المخاطرة، وعليه من المتوقع أن يستمر ارتفاع الدولار الأمريكي خلال الأربع السنوية المقبلة أمام معظم العملات الرئيسية.

بالرغم من أن اسواق الأسهم ستستفيد من تسارع وتيرة النمو الاقتصادي المتوقع إلا أت ارتفاع الدولار وارتفاع العائدات الحقيقية قد ينجم عنه تراجع أداء الأدوات المالية وهو ما يقلل من الصورة الإيجابية بشكل عام.

بوجه عام، يلاحظ أن ارتفاع الدولار ناجم في الأساس من ارتفاع العائدات المرتبطة بارتفاع التضخم وهذا الأمر قد يؤدي إلى إعادة تنظيم ذاتي إذ أن ارتفاع الدولار يضغط على أسعار السلع وخاصة خام تكساس الوسيط الذي لعب دورًا كبيرًا في تغير المشهد الحالي.

أضاف Yunosuke Ikeda وهو رئيس قسم الدراسات لسوق العملات في بنك Nomura أن العائدات على السندات الأمريكية والسندات المدعومة بالرهن العقاري بدون تحوط لسعر الصرف قد بلغت مستويات جذابة للمستثمرين اليابانيين، وطالما استقرت العائدات قرابة المستوى 3% فمن الطبيعي أن تنظر صناديق التحوط التابعة لشركات التأمين على الحياة إلى الاستثمارات في المرتبطة بالتحوط المقومة بالدولار الأمريكي.

يُذكر أنه عندما عندما بلغت العائدات على السندات الآجلة لعشرة أعوام النسب الحالية تراجعت سريعًا إلى 2.73% وحينما اخترقت النسبة 3% بنهاية 2013 تراجعت بشكل أسرع إلى المستوى 1.36% بمنتصف 2016.

 

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image