هل انتهت تصحيحات سوق الأسهم، أم تواصل الهبوط؟

هل انتهت تصحيحات سوق الأسهم، أم تواصل الهبوط؟

نجحت أسواق الأسهم في تقليص الخسائر القوية التي لحقت بها مؤخراً. وفي الولايات المتحدة، نجح مؤشرا الداو جونز و S&P 500 في تعويض ما يصل إلى نصف الخسائر الأخيرة. لكن في طريقها إلى مستويات قياسية جديدة، قد تجد الأسهم تحديات متجددة في ظل ارتفاعات العائد والتي قد تثقل على قرارات المستثمرين سعياً وراء العائدات المرتفعة. فهل عادت سوق الأسهم إلى طبيعتها؟

من الواضح أن سوق الأسهم نجحت في تكوين قاع والتعافي على مدار الأسبوع الماضي. وكان العديد من المستثمرين قد رأوا أن التراجعات الأخيرة بمثابة تصحيح سعري بما يمثل فرصة جيدة للشراء. لكن تبقى التساؤلات قائمة حول مكاسب الأسهم القوية بالرغم من غياب الأسس الاقتصادية الداعمة لمثل هذه الارتفاعات.

بالعودة إلى هبوط الأسهم الأخير، لا يمكن إنكار الدافع الرئيسي وهو ارتفاع العائد تزامناً مع تصاعد مخاوف ارتفاع التضخم. وبالنظر تفصيلاً، فقد بدأت الأسهم العالمية التصحيح السعري مباشرة بعد صعود العائد الأمريكي أعلى النسبة 2.70%. من الناحية الاقتصادية، فمع ارتفاع العائد تزداد جاذبية السندات حيث تقدم عائد ثابت يخلو من المخاطرة على خلاف الأسهم.

بدأت مخاوف الأسواق في التزايد بعدما كشفت البيانات الأمريكية عن تسارع وتيرة ارتفاع التضخم المحلي خلال يناير الماضي. الأمر الذي كان كفيلاً بدفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياته عند 2.94%، قبل أن ترتد بشكل طفيف. في البداية تجاهلت الأسهم تلك الارتفاعات لتستكمل الاتجاه الصاعد، إلا أن هذا المنوال لم يدم طويلاً. وفي حال مواصلة ارتفاع العائد على السندات ليتجاوز نسب الـ 3%، فسوف تواجه الأسهم ضغوط هبوطية قد لا تتمكن من تخطيها.

بالطبع فإن ارتفاع العائد لا يعني بالضرورة هبوط الأسهم بشكل تلقائي أو لحظي. لكن في الوضع الراهن، تحتاج أسواق الأسهم إلى الاستناد على أسس قوية تطغى على الضغوط الهبوطية الناجمة عن ارتفاعات العائد، كتحسن تطلعات أرباح الشركات على سبيل المثال.

لكن هل يستمر العائد الأمريكي في الارتفاع؟ تعتمد إجابة هذا السؤال بشكل أساسي على وتيرة تسارع التضخم وانعكاساتها على تطلعات الأسعار. لذلك فستكون بيانات التضخم خلال الشهور التالية هي المحرك الرئيسي لاتجاهات العائد. فإن صدق التضخم على توقعات الفيدرالي لينجح في التخلص من الضغوط الهبوطية واستكمال الصعود صوب الهدف 2%، فسوف ينعكس ذلك بالإيجاب على عائد السندات، والعكس في حال تباطؤ التضخم.

أما المخاطر المتعلقة بارتفاع عجز الموازنة ستظل قائمة ما لم يكن هناك زيادة واضحة في الضرائب، أو خفض هائل في الإنفاق الحكومي. وليس من المرجح أن يحدث أي منهما قريباً.

بشكل مجمل، تجمع الآراء بأن تقلبات الأسواق قد انتهت لتعود تدريجياً إلى حالتها الطبيعية. كذلك فإن استمرار الاتجاه الصاعد للعائد الأمريكي هو الأرجح. وفي حين أن تلك الارتفاعات لن تمنع كلياً تعافي الأسهم، لكنها بالطبع ستحد من مكاسبها.

ومع ضعف إحتمالات وجود اتجاه هابط مستدام داخل سوق الأسهم، فإن فرص التعافي تبدو مرتفعة.

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image