إدارة ترامب تستمر في التخبط و الدولار يدفع الثمن

إدارة ترامب تستمر في التخبط و الدولار يدفع الثمن

تتوالى المخاطر على الدولار الأمريكي، و التي لم تعد ناجمة عن الأوضاع العالمية إنما أصبحت تنبع من الداخل، مما جعل الدولار أكثر هشاشةً وتأثراً بها. وعلى الرغم من تصديق الفيدرالي الأمريكي لتوقعات الأسواق وإقدامه على رفع الفائدة خلال اجتماعه الأخير هذا الشهر، إلا ارتفاع مخاوف الأسواق حول المستقبل الأمريكي في عهد الإدارة الحالية أصبح العبء الأكبر على الدولار في الوقت الراهن. فمنذ تولي دونالد ترامب لرئاسة البلاد، شهدت حركة السوق العديد من التخبط في الوقت الذي أصبح فيه المستثمرون أكثر تشتتاً حول خطط الحكومة الجديدة وتداعياتها على المسار الاقتصادي. وقد تعددت التحديات أمام الإدارة الأمريكية في طريقها إلى تنفيذ وعودها إلى الشعب الأمريكي. كما ارتفع التوتر بين الإدارة الحالية والسلطات المحلية. فبعد أن قرر القضاء إلغاء القرار الرئاسي بحذر السفر من بعض الدول التي رأت الحكومة أنها قد تمثل خطراً على أمن البلاد، تخوض الإدارة الأمريكية معركة جديدة مع السلطات التشريعية بهدف الحصول على موافقة لإلغاء مشروع الرعاية الصحية والمعروف إعلامياً باسم أوباما كير. 

السياسة المالية.

استند ترامب في حملته الانتخابية على ثلاث وعود رئيسية، وهي؛ زيادة الإنفاق على البنية التحتية، خفض الضرائب وتشجيع الاستثمار وتعزيز الإنفاق العسكري. واعتمدت خطط ترامب في المقام الأول على إلغاء مشروع أوباما كير حيث يرى أنه من أكبر مصادر إهدار المال العام واصفاً إياه بـ "الكارثة". في حين توعد بتوجيه تلك الأموال إلى مشاريع أكثر حيوية ومنفعة للشعب والاقتصاد الأمريكي. وقد جاءت تعقيدات عملية حصول الحكومة على موافقة الكونجرس لتفتح الطريق أمام شكوك الأسواق لتتصاعد من جديد حيال توجهات الإدارة الأمريكية خلال الفترة القادمة وقدرتها على مواجهة تلك التحديات. وتشير الإحصائيات أن إلغاء مشروع أوباما كير سيساهم في تقلص  عجز الموزانة بأكثر من 150 مليار دولار في الفترة ما بين 2017 و2026. لكن على الجانب الأخر، سوف يتسبب في حرمان ما يزيد عن الـ 24 مليون مواطن أمريكي من الرعاية الصحية.

وعلى الرغم من محاولات الإدارة الأمريكية في تهدئة مخاوف الأسواق، إلا أن الشكوك مازالت تُحاصر خطط التحفيز المالي من كل الجهات. فقد أطل علينا وزير الخزانة ليؤكد أن الحكومة سوف تجد طريقها إلى تنفيذ خطط الإصلاح المالي حتى مع استمرار مشروع أوباما كير. فيما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض بأن الحكومة تتلقى تأييد كبير للاستمرار في خطة الإصلاح الضريبي، زيادة الإنفاق العسكري والبنية التحتية. ولكن تبقى الأسواق عاجزة عن استعادة ثقتها الكاملة في الإدارة الحالية أو المستقبل الأمريكي بوجهٍ عام. مع التذكير بأن رفض الكونجرس لإلغاء مشروع أوباما كير سوف يترك إدارة ترامب في مواجهة تحدٍ هائل قد لا تتمكن من التصدي له بسهولة.

أما بعد أوباما كير، سيكون ترامب على أعتاب صراع جديد لتمرير قانون زيادة الضريبة الجمركية على حدود البلاد حيث من المتوقع أن تضخ هذه الزيادة ما يعادل 1.2 تريليون دولار أمريكي في ميزانية الدولة، والتي تسعى الحكومة إلى استخدامها في خططها المالية. وبالنظر إلى النزاعات الحالية بين الحكومة وسلطات الدولة بات من الصعب توقع مرور أية قوانين جديدة بسلام. الأمر الذي يضع الكثير من التساؤلات حول خطط الحكومة الأمريكية تاركاً الأسواق في ترقب حذر لما يمكن أن يؤول إليه توتر الوضع الحالي.

السياسة النقدية.

على خلفية توتر المشهد السياسي، لم تعد السياسة النقدية قادرة على التحكم في مصير الدولار بشكل منفرد. فقد فشل التزام الفيدرالي الأمريكي بوتيرة التشديد النقدي في تعزيز ثقة الأسواق لتقف حائرة بين مستقبل السياسات النقدية والمالية. وعن الوضع الاقتصادي، فسيكون أكثر عُرضة لمدى التزام الحكومة بتنفيذ خططها المزعومة. أما فشلها في تحقيق هذا سوف يوجه ضربة قوية للنمو الاقتصادي. ففي الوقت الذي يصبح المستثرون أقل تفاؤلاً حول المستقبل الاقتصادي في ظل غموض السياسات المالية، سوف تزداد الأعباء على ممستويات الإنفاق وبالتالي التأثير سلباً على النمو العام. من الناحية الأخرى، فإن ارتفاع الآمال حول سياسات التحفيز المالي المرتقبة من جانب الحكومة كان الدافع الرئيسي وراء رفع الفيدرالي لتطلعاته الاقتصادية خلال اجتماع ديسمبر وتشجيعه على الاستمرار في رفع الفائدة خاصة مع اقترابه من تحقيق هدفي التضخم والتوظيف.

أما الآن فقد أصبح الدولار ضحية لتداعي الثقة في السياسات الأمريكية، لتوجه الأسواق  أنظارها في الوقت الحالي إلى تطورات الوضع الاقتصادي آملاً في استعادة ثقتها من جديد. كما بات مصير الفائدة الأمريكية مرهون بمدى استقرار الثقة في الاقتصاد الأمريكي.


للمزيد حول تطورات المشهد الأمريكي، ننصحكم بالإطلاع على: 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image