إلى أي مدى قد يحتدم الصدام بين ترامب ويلين!

إلى أي مدى قد يحتدم الصدام بين ترامب ويلين!

انقلب المشهد الأمريكي بين ليلة وضحاها تاركاً الأسواق في حالة من التشتت حتى الآن. فمنذ أيام ليست ببعيدة كانت الآمال مرتفعة حيال الاقتصاد الأمريكي وكانت الأسواق تسير على خير ما يرام في الوقت الذي يقترب فيه الفيدرالي بخطى ثابتة نحو التشديد النقدي. استمرت الأوضاع على هذا النحو إلى أن جاء موعد اجتماع الفيدرالي الأمريكي الأخير ليُعلن من جديد عن رفع الفائدة. وعلى خلاف المتوقع، سجل الدولار الأمريكي انخفاضات حادة فيما مرت أسواق الأسهم بأسوأ جلسة تداول لها منذ ما يقرب من العام. وفي حين أن الدوافع الحقيقة وراء تلك التقلبات مازالت غير مؤكدة، إلا أن الخبراء قد اجمعوا أن حالة التخبط التي تعاني منها السياسات الأمريكية كانت السبب الأكبر وراء تقلب حركة الأسواق مؤخراً.

يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه الفيدرالي الأمريكي تأكيده على استمرار غموض التطلعات الاقتصادية في ضوء السياسات المالية التي تعتزم إدارة ترامب تطبيقها. وقد ارتفعت حالة السخط حول الإدارة الأمريكية الحالية والتي تظل عاجزة عن الظهور بخطط واضحة للسياسات والتوجهات التي تنتوي انتهاجها خلال الفترات المقبلة. هذا فضلاً عن حقيقة أن سياسات ترامب تعتمد في المقام الأول على إلغاء برنامج أوباما كير، أما باستمراره فسوف تواجه إدارة ترامب العديد من التحديات. الأمر الذي جعل الشكوك تتصاعد حول قدرة ترامب وإدارته على تنفيذ وعودهما إلى الشعب الأمريكي. ومن الناحية الاقتصادية، فشل الحكومة في إتخاذ تدابير التحفيز المالي المتوقعة وتقديم الدعم الكافي للنمو الاقتصادي سيكون له تداعيات سلبية على مسار التشديد النقدي.

وقد أجمعت العديد من الآراء أن الفجوة بين سياسات الاحتياطي الفيدرالي والحكومة الأمريكية تقودهما لا محالة إلى طريق تصادمي بدلاً من التعاون المثمر بين الجانبين والذي كان من المعتقد أن يصب لصالح النمو الاقتصادي. فثبات السياسات المالية في الوقت الذي تتحرك فيه السياسة النقدية بوتيرة سريعة قد يشكل عبئاً على الاقتصاد الأمريكي.

كانت الأسواق تتطلع إلى سرعة تنفيذ الإدراة الأمريكية لوعودها والمضي قدماً في طريق الإصلاحات الضريبية. وقد ارتفعت التساؤلات بقوة حول مستقبل السياسات المالية في حال رفض الكونجرس لإلغاء نظام أوباما كير. وهو ما سيكون بمثابة نقطة فاصلة في مسار رفع الفائدة هذا العام، وبالتالي سيوجه ضربة قوية للدولار الأمريكي خاصة مع اتساع الفجوة بين كلا السياستين المالية والنقدية.

فبعد أن كانت الأسواق تراقب وتستقبل تحركات الإدارة الأمريكية بتفاؤل واضح، بات الحذر يخيم على المستقبل الأمريكي. الأمر الذي انعكس على تحركات الأسواق سواء من خلال تداولات الدولار أو انخفاضات الأسهم خلال الأيام الأخيرة. والآن أصبحت ثقة الأسواق مرهونة بقرار الكونجرس وتداعياته على خطط ترامب المالية. وفي حالة الرفض، سوف تتزايد التساؤلات حول مصير الاقتصاد الأمريكي وكذلك وتيرة التشديد النقدي للاحتياطي الفيدرالي. يأتي ذلك بعدما كانت الأسواق قد تأهبت لرفع الفائدة الأمريكية 3 مرات هذا العام في الوقت الذي علت فيه الآمال حول الخطط المالية وقدرتها على تقديم الدعم اللازم لإسراع النمو الاقتصادي.

أما الآن، فقد أصبح مسار رفع الفائدة خاضعاً لمدى التزام الحكومة الأمريكية بتنفيذ خططها المزعومة. لذلك فإن تأخر الحكومة أو فشلها في تقديم خطط تتسق مع التوقعات قد يقلل من فرص رفع الفائدة من جديد. 


اقرأ يضاً: 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image